تجد جبهة البوليساريو الانفصالية نفسها في وضع دبلوماسي حرج بعد تزايد حالة العزلة بانضمام دولة جنوب إفريقيا للدول المؤيدة لمواقف الملكة المغربية تجاه انتهاكات الانفصاليين عقب أحداث معبر الكركرات.
وتبرأ رئيس دولة جنوب إفريقيا والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، سيريل رامابوزا، الأحد في كلمة له في ختام القمة الاستثنائية الـ14 للاتحاد الإفريقي بخصوص "اسكات الاسلحة" من الجبهة الانفصالية حيث اكد وجاهة القرار 693 الصادر عن القمة الإفريقية التي انعقدت في يوليو 2018 في موريتانيا.
والقرار 693 يؤكد ان الأمم المتحدة هو الإطار الحصري لإجراء اية مباحثات او ايجاد حلول لملف الصحراء المغربية والتأكيد على إنشاء آلية "الترويكا" لإنهاء الملف وفق القرارات الدولية.
وقال رئيس جنوب افريقيا في اشارة الى جبهة البوليساريو "بالرغم من ان هذا الموقف لم يرق لخصوم المغرب، لكن التعديلات المقترح إدخالها على القرار 693 خلال هذه القمة إنما تؤكد مقتضيات القرار المذكور".
وتمكن أهمية دولة جنوب إفريقيا إضافة الى ترؤس الاتحاد الافريقي في كونها ظلت لفترة ابرز دولة داعمة لمواقف البوليساريو اضافة للجزائر ما فتح المجال لعدد من الدول الإفريقية لربط علاقات مع الجبهة الانفصالية قبل اتخاذ قرار التراجع عن تلك الخطوات بعدما ثبت تورط الانفصاليين في انتهاك القوانين واستهداف التجارة في معبر الكركرات.
ومع سحب جنوب افريقيا لمواقفها الداعمة للبوليساريو بعد سنوات من تشكيل ما يشبه الجبهة مع الجزائر لدعم الانفصاليين وحشر المغرب في الزاوية يظهر جليا ان الرباط تحقق مكاسب دبلوماسية هامة وغير مسبوقة.
وكان المغرب اعتمد سياسة الكراسي الشاغرة وقرر مغادرة الاتحاد الأفريقي سنة 1984، بسبب قبولها عضوية الدولة التي أعلنتها جبهة البوليساريو وهي "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" لكن سنة 2017 قررت السلطات المغربية العودة الى الاتحاد وممارسة ضغوط لانهاء حالة الدعم للجبهة الانفصالية وهو ما نجحت فيه بشكل كبير.
ويبدو ان دولة جنوب إفريقيا اصبحت لها قناعة بخطورة التصرفات المتهورة لجبهة البوليساريو والتي أضرت بالتجارة الدولية بين افريقيا جنوب الصحراء وأوروبا عبر اثارة الفوضى في معبر الكركرات ما يهدد التنمية في منطقة حيوية في القارة الإفريقية.
ويعتبر معبر الكركرات، المعبر الوحيد الذي يربط بين المغرب وموريتانيا؛ وهو ما يجعله الطريق الذي تسلكه التجارة التي تربط بين الرباط ودول جنوب الصحراء، وبمثابة مسلك للسلع القادمة من هذه الأخيرة المتجهة صوب المغرب أو أوروبا.
ويشير موقف رئيس جنوب افريقيا للنجاحات الدبلوماسية التي حققها المغرب خلال الفترة الأخيرة في فرض العزلة على جبهة البوليساريو ليس فقط على المستوى الافريقي وانما على المستوى الدولي كذلك.
وفي 14 نوفمبر الماضي، أعلنت الرباط، استئناف حركة النقل مع موريتانيا، عبر "الكركرات"، إثر "تأمينه" عبر تحرك للجيش أنهى إغلاق المعبر من جانب موالين لجبهة البوليساريو، منذ 21 أكتوبرالماضي.
فيما اعلن الانفصاليون عقب ذلك، انهم لم يعودوا ملتزمين باتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه مع المغرب عام 1991 برعاية الأمم المتحدة.
وعدّلت أزمة الكركرات بوصلة موريتانيا التي وقفت على الحياد الايجابي على رغم من الضرر الذي لحق باقتصادها جراء إغلاق ميليشيات البوليساريو المعبر الذي يعتبر شريانا حيويا للبلد الواقع جنوب المملكة المغربية والذي يعتمد بشكل كبير على انسياب حركة البضائع عبر المنفذ التجاري، حلقة الوصل إلى العمق الإفريقي.
وفي اكتوبر افتتحت كل من زامبيا ومملكة إيسواتيني قنصليتين في العيون كبرى مدن الصحراء المغربية وذلك بعد فترة من افتتاح ثلاث قنصليات في مدينة الداخلة لكل من بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو، ليرتفع مجموع الممثليات الدبلوماسية الأجنبية بالمدينتين إلى 15 قنصلية لبلدان إفريقية منذ أواخر العام الماضي.
كما تعهدت دول عربية كالامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والمملكة الاردنية بفتح قنصليات في مدينة العيون ما يشير الى الانتصارات الدبلوماسية المتتالية التي تحققها المغرب في مواجهة البوليساريو وداعميها.
ومنذ 1975، هناك نزاع بين المغرب و"البوليساريو" حول إقليم الصحراء المغربية، بدأ بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة.
وتحول الصراع إلى مواجهة مسلحة استمرت حتى 1991، وتوقفت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار اعتبر "الكركرات" منطقة منزوعة السلاح.
وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، فيما تطالب "البوليساريو" باستفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر.