الثلاثاء 7 مايو 2024

شيشرون.. خطيب روما المفوه

فن7-12-2020 | 20:36

كان الفيلسوف الروماني شيشرون، متعدد المواهب، فلم يكن خطيبا فحسب، كان حقوقيا فذا، وعلى يديه تتلمذ عدد كبير من محامي روما وقتذاك، وظل فكره السياسي والحقوقي مرجعا لأوروبا حتى القرن التاسع عشر،  وهو أول من قال أن الدولة هي هيئة اعتبارية يملكها الناس الذين يعيشون في كنفها، يوافق اليوم السابع من ديسمبر ذكرى وفاة هذا الفيلسوف القدير.

ولد شيشرون في 3 يناير عام 106 قبل الميلاد في روما القديمة، وتعلم على يد أنطيوخس الأشقلوني وكان يتحدث اللاتينية و الأغريقية، كما كان شيشرون طالبا شديد النباهة طبقا لبلوتارش، وقد جذب تعليمه انتباه روما كلها، وسنحت له الفرصة لدراسة القانون الروماني تحت يد كوينتس موسياس سكافولا.

بعد عدة أعوام، وبنفس الطريقة، قام شيشرون بتعليم الشاب ماركوس سالياس روفوس والعديد من المحامون الشبان الآخرين؛ وكان يعتبر هذا الاتحاد إتحادا مشرفا بالنسبة للمدرس والتلميذ. وحصل شيشرون على دعم رعاة العائلة، ماركوس إيميلوس سكاروس ولوسياس ليسينياس كراسس. حيث كان الأخير نموذجا للخطيب ورجل الدولة بالنسبة لشيشرون.

انتقلت الفلسفة والبلاغة اليونانية بالكامل إلى اللاتينية لأول مرة في خطب ورسائل وحوارات شيشرون "106-43 قبل الميلاد"، أعظم خطيب للجمهورية الرومانية المتأخرة. كان شيشرون، المحامي البارز وأول من في عائلته يحقق المنصب الروماني، وهو أحد الشخصيات السياسية البارزة في عصر يوليوس قيصر وبومبي ومارك أنتوني وأوكتافيان.

 شهدت سلسلة من التحالفات التي أسيء تقديرها، فانتهت بنفيه ثم قتله في نهاية المطاف، لكن كتابات شيشرون بالكاد تضاءلت في التأثير على مر القرون، حيث تم من خلاله اكتشاف مفكري عصر النهضة والتنوير ثروات البلاغة الكلاسيكية والفلسفة.

و تعد "أطروحة بروكس"من أهم أطروحات شيشرون الأدبية التي تستعرض تاريخ الرومانسية وتحلّل باختصار أنماط خطاب المتحدّثين الرومانيين، وهي من روائع المؤلفات الرومانسية الرومانية. فيرى شيشرون في هذه الأطروحة أن البلاغة نعمة طبيعية وغير مكتسبة، بل يجب أن تكون في طبيعة الشخص، ولا يمكن تعلّمها من خلال قراءة الرسائل البلاغيّة. بالطبع، اعتقد شيشرون أنه إذا كان لدى المرء هذه الهدية الفطرية، فسوف يكون قادرا على إتقان فنه وممارسة العظة بتأثير وبراعة.

وعاش شيشرون في ذروة النثر اللاتيني، وبمساعدة من جاذبيته المجيدة، انتزع صعوده في سنة 63 قبل الميلاد، ليكون أول نابغة وأول إنسان جديد أو "نوفو هومو"، وهو مصطلح لاتيني يشير إلى معنى رجل جديد، للإشارة إلى الرجل الذي تم انتخابه كقنصل.

تقلد شيشرون، العديد من المناصب السياسية كقنصل وحاكم وغيرها من الوظائف وقام بتوظيف الفلسفة لخدمة أفكاره السياسية التي تتجه بشده لرفع شأن المجتمع الروماني، وقد كان شيشرون متقلب المواقف فتارة معارض وتارة متملق، تارة بجانب الناس وتارة ديكتاتور يقتلهم دون رحمه أو محاكمة عادله باستخدام سلطاته.

وفي هذا الصدد يناقش محمد قطب علام، في كتابه "مؤامرة كاتيلينا في ضوء خطب شيشرون السياسية والمصادر التاريخية" نظرياته الشعبية لتغيير نظام الحكم في أواخر عصر الجمهورية الرومانية في نهاية القرن الأول قبل الميلاد، الذي التف حوله الآلاف من المواطنين المعدمين والفقراء من جميع أنحاء المدن الإيطالية التابعة للدولة الرومانية.

 وقد عرف شيشرون، رئيس الدولة الرومانية في عام 63 قبل الميلاد. كافة تفاصيل تلك المؤامرة، وطرد كاتيلينا خارج الوطن، وألقى القبض على أعوانه، وجهز جيشين لمحاربة كاتيلينا الذي أعد قواتا عسكرية للهجوم على العاصمة روما، وحرق مقر مجلس السناتو، والمحاكم، والمعابد، وقتل أعضاء مجلس السناتو، الذين كانوا يمثلون الطبقة الحاكمة للدولة.

وقد حكم على شيشرون بقطع الرأس، وانتهت حياته، كفيلسوف وشاعر وسياسي، لخّص ضمن 57 محاضرة وحوالى 800 رسالة "جميعها في حالات مجزأة، كالأجزاء التي تم اكتشافها سنة 1820 في الفاتيكان" تاريخ الأدب الروماني، من حيث قواعد كتابة اللغة، والنثر، وتوجهاته وأفكاره الفلسفية.
    Egypt Air