الأربعاء 26 يونيو 2024

اليوم.. ذكرى ميلاد صاحب «نشوة القديسة تريزا»

فن7-12-2020 | 20:45

في مثل هذا اليوم ذكرى ميلاد الفنان الإيطالي جان لورينزوبرنيني، في 7 ديسمبر 1598، صاحب التمثال الشهير "نشوة القديسة تريزا"، وهو التمثال الذي تم نحته فيما بين عامي 1647، 1651 بتكليف من الكاردينال كورنارو حتى يتم وضعه على قبره أينما يكون في كنيسة القديسة ماريا دي فيكتوريا في روما، حيث يتواجد بالفعل في الوقت الحالي فيما يسمى بإسم كابيلا كورنارو.

جان لورينزوبرنيني، كان نحاتا وفنانا بارزا، في روما في القرن السابع عشر، وهو نجل النحات فلورينتين الذي قام بتدريبه بعد الاستقرار في روما عقب سنوات بلا استقرار بسبب الإضطهاد، ولفت برنيني إنتباه البابا المستقبلي أوربان الثامن، وتحت رعايته قضى برنيني كامل مسيرته في روما حيث كسب شهرته المعمارية في فترة ألكسندر السابع؛ بعدما ابتكر الأسلوب الباروكي، وقد برع برنيني في العمارة، الرسم، النحت، الأمر الذي أدى إلى ظهور جيل جديد من الأشكال.

جسدت أعماله دراما المنظور الخاطئ لخلق تأثير على المشاهدين للعمل، حيث ابتكر أيضا نوع من واجهات القصور بعد إضافة الأعمدة الهائلة فوق القاعدة وبالرغم من أن برنيني ساهم في ظهور أشكال نحتية جديدة كليا لبنايات عصر النهضة، إلا أنه أبقى بإستمرارية الصفاء الأصلية لعصر النهضة المثالي.

 أخذ برنيني النحت عن أبيه المثال الفلورنسي، ولعله أخذ عن أمه النابولية حدة العاطفة وحرارة الإيمان، وفي عام 1606 دعي الأب إلى روما للعمل في كنيسة سانتا ماريا مادجوري، وقد أكمل قصر باريريني لمافيو باربريني، فلما راعى فنه هذا كرسي البابوية باسم أوربان الثامن؛ عين برنيني كبير معماري كنيسة القديس بطرس وهو في الحادية والثلاثين من عمره، وهناك بنى بالإضافة إلى صف الأعمدة والمظلة في الجزء الثاني من البناء كاتدرا بتري المزخرفة لحفظ المقعد الخشبي الذي اعتقد الكثيرين أن بطرس كان يستخدمه، ومن حوله جمع أربعة تماثيل قوية الشخصية لآباء الكنيسة، ومن فوق البناء العجيب كله نثر تماثيل الملائكة بحماسة رجل يملك في ذهنه معينا لا ينضب من الروائع، وعلى مقربة منه اختار مكانا لمقبرة ضخمة لحبره المحبوب أوربان الثامن.

 

كل هذا الجهد في كنيسة القديس بطرس وما حولها يرى فيه الفنان العصري ومخاطبة خداعة للحواس، أما برنيني فقد رأى فيه الأداة الخصبة لإيمان حار يصل إلى قلوب العابدين، كان برنيني يمزج بين العمارة والنحت في كل مكان، ويحلم بفن يجمع بين العمارة والنحت والتصوير بحيث يستنهض الروح.

 وفي كنيسة سانتا ماريا دلا ڤيتوريا جميع قطع الرخام الثمين الأخضر والأزرق والأحمر وأطلق لخياله الزخرفي العنان ليبني مصلى الكورنارو، ذا الركائز المحززة والأعمدة الكورنثية الرشيقة، وقد أودعها أعظم تماثيله فتنة وحرارة، تمثال القديسة تريزا، منهكة القوى غائبة عن الوعي في نوبة من الوجد الصوفي، وملاك حلو يتأهب لشق قلبها بسهم ملتهب رمزا لاتحاد القديسة مع المسيح، ووجه تيريزا الذي يبدو كأن الحياة فارقته هو أحد انتصارات الباروك الإيطالي، والملاك الذي يريش سهمه ما هو  إلا أغنية في الحجر.

 كان لبرنيني منافسون، الذين حاولوا تقليده في الخلط بين العمارة والرسم والنحت ولكن بعضهم لم ينجح أما تمثال إنوسنت العاشر النصفي الذي نحته الجاردي في قصر دوريا بامفيلي كان أكثر إرضاء للناظر من التمثال الذي نحته برنيني، ويكاد يعدل في القوة لوحة ڤيلاسكويز، ولكن أحدا في هذا العصر لم يضارع برنيني في خصوبته الفنية وخياله وإنجازاته، وتوفي الفنان الإيطالي برنيني في 28 نوفمبر 1680، تاركا لمسات وبصمات فنية مؤثرة.