جهود كبيرة بذلتها الدولة المصرية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان عبر استراتيجية ورؤية واضحة في هذا الشأن، وفقًا لما أكد مراقبون، موضحين أن الدولة تعاملت مع هذا الملف برؤية شاملة فحرصت على النهوض بأوضاع حقوق الإنسان عبر تحقيق التنمية الشاملة من خلال تطوير العشوائيات وتحسين المنظومة الصحية والتعليمية والإسكان بما ساهم في تحقيق المزيد من التحسن خلال السنوات الأخيرة.
ويحتفل العالم اليوم باليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يوافق العاشر من ديسمبر من كل عام، وهو المناسبة التي تعود فكرتها إلى عام 1948 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما أقرت الجمعية الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، والذي يعد من الإنجازات الكبرى للمنظمة الأممية.
وفي هذه المناسبة، أكدت مصر مضيها بخطى جادة وواثقة نحو ضمان تعزيز الكرامة الإنسانية المتأصلة لجميع أبناء شعبها، إعمالاً لنصوص الدستور، واستنادًا إلى مقاربة شاملة لموضوعات حقوق الإنسان تراعي الأولويات الوطنية لتحقيق التنمية الشاملة وعلى ضوء قناعة راسخة بالمسؤولية والالتزام أمام الدستور والقانون، وأولًا وأخيرًا الشعب المصري، بالعمل الدؤوب لمجابهة كافة التحديات، والسعي لترسيخ بناء دولة ديمقراطية حديثة تتأسس على قيم المواطنة، تضم قضاء فاعل ومستقل يضمن المساواة أمام القانون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة وعدم التمييز، وبرلمان منتخب يشرع ويراقب ويعبر عن مصالح المواطنين.
ومن بين المكتسبات التي حققتها مصر في هذا الشأن، إصدار اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم العمل الأهلي في مصر، العام الجاري، وذلك بعد عملية تشاورية موسعة، لتضمن اللائحة تفعيل الإيجابيات الكثيرة التي تضمنها القانون ومن أهمها تأكيد إنشاء الجمعيات الأهلية بمجرد الإخطار وتيسير الإجراءات الإدارية والمالية اللازمة لذلك، وإلغاء العقوبات السالبة للحرية.
استراتيجية وطنية لتحسين الأوضاع
وفي هذا السياق، قال عصام شيحة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن ملف حقوق الإنسان في مصر شهد تحسنًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، وهو أمر ظهر بوضوح شديد في التقرير الذي تقدمت به مصر في سبتمبر الماضي للأمم المتحدة، مضيفًا أن مصر ردت على كل الملاحظات التي وجهت إليها وحسّنت من تشريعاتها وبيئة حقوق الإنسان.
وأوضح شيحة، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن مصر أنشأت عددًا من المجالس الوطنية المتخصصة، كما أنها تعد من أوائل الدول التي اهتمت بحقوق اللاجئين، حيث عاملت الدولة اللاجئين فيها معاملة المواطنين المصريين، مضيفا أن مصر فتحت ملف التعذيب أيضًا، ولم تخجل، وأحالت عددًا من الضباط المتهمين بذلك إلى المحاكمة الجنائية.
وأضاف أن الدولة أيضا اهتمت بأوضاع الطفولة وذوي القدرات الخاصة وزاد تمثيلهم في البرلمان بغرفتيه، فضلًا عن الاهتمام بدور وأوضاع المرأة المصرية، مؤكدًا أن هناك آلاف من الجمعيات العاملة في مصر في مجالات التنمية وحقوق الإنسان، حيث استجاب الرئيس عبد الفتاح السيسي لمطالب منظمات المجتمع المدني ومن بينها منظمات حقوق الإنسان بتعديل قانون الجمعيات الأهلية وبالفعل تم تعديله، والتي من المنتظر خلال الأيام القليلة المقبلة صدور اللائحة له.
وأكد الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن مصر في الوقت الراهن تمتلك رؤية واستراتيجية واضحة لتحسين حالة حقوق الإنسان بها، حيث تم تشكيل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان برئاسة وزير الخارجية والتي تمثل مصر أمام المنظمات الدولية في الوقت الراهن، وتتابع كافة الملفات المعنية بأوضاع حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن مصر حققت في هذا الملف الكثير فهي تسير فيه وفقا لرؤية شاملة.
وأشار إلى أن ملف الإسكان كان محل إشادة من الجميع في الداخل والخارج، فلا توجد دولة في العالم قامت بنقل مواطنيها من الفقراء وسكان المناطق العشوائية إلى شقق ووحدات سكنية جديدة مفروشة وجاهزة، حيث كانت هذه الخطوة نقلة حضارية في مجال حقوق الإنسان في مصر، موضحا أن هناك بعض المشاكل بالتأكيد في ملف حقوق الإنسان بمصر لكن هذا الأمر موجود في أغلب دول العالم، وفي الوقت نفسه لدينا إرادة سياسية لتحسين حالة حقوق الإنسان.
رؤية شاملة
ومن جانبه، قال اللواء فاروق المقرحي، عضو مجلس الشيوخ، إن حقوق الإنسان شاملة ولا تقتصر على جانب واحد دون الآخر، فهي تشمل حقوقا في السكن والصحة والعلاج والحياة الآمنة والكريمة، والتعليم والعمل، مضيفا أن البعض يغفل كل هذه الحقوق الاجتماعية والاقتصادية ويركز فقط على الحقوق السياسية.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن عدد المنظمات العاملة في المجتمع المدني يقارب الـ60 ألف جمعية، العامل في مجال حقوق الإنسان منها نحو 200 جمعية، مشيرا إلى أن هناك تحديدا 19 منظمة ممولة كانت على صلات مباشرة بأحزاب وجهات أجنبية، لهم أجندات خارجية وعلاقات مشبوهة بهم، ويروجون ادعاءات بخلاف ما هو واقع لخدمة أهداف هذه الجهات.
وأكد أن مصر تعاملت مع ملف حقوق الإنسان بمفهومه الشامل، فهي نجحت في تثبيت أركان دعائم الدولة المدنية وتصدت لمحاولات العصابة الإرهابية في تغيير الهوية الوطنية، مضيفا أن ما حققته الدولة في ملف تطوير العشوائيات وتوفير الحياة الكريمة للقرى الأكثر فقرا أدى إلى تحسن ملحوظ في أوضاع حقوق الإنسان من أهالي وسكان هذه المناطق.
وأشار إلى أن مصر تعمل على تحسين أوضاع حقوق الإنسان وتحقيق المزيد من التقدم في هذا الشأن، وهناك إرادة سياسية للمضي في حفظ الكرامة الإنسانية وتحقيق التنمية الشاملة.