بقلم : ناصر جابر
انتشرت في الآونة الاخيرة العديد من حالات التحرش الجنسي لدرجة ان احدى عضوات مجلس الشعب طالبت بتوقيع اقصى عقوبة على المتحرش بصرف النظر عن المرحلة العمرية التي يمر بها متمثلة فى إخصاء المتحرش حتى يكون عبرة لكل من تسول له نفسه التحرش بالمرأة .. ومن المؤكد ان هذه الظاهرة ليست من اخلاقيات وقيم مجتمعنا المصري الشرقي الاصيل بل إنها تعد سلوكا غريباً وشاذاً ولم يعهده مجتمعنا من قبل، ورغم ان علماء النفس والاجتماع اجتهدوا في تشريح الاسباب التى ادت الى ظهور هذا السلوك الشاذ والكثير منهم ذكر في اسبابه ان للاعلام والدراما دوراً كبيراً في حدوث هذه الظاهرة وانا اؤيد هذا التحليل حيث ان ما تقدمه السينما المصرية خاصة في السنوات الاخيرة لعب دورا اساسيا في تشكيل سلوكيات واخلاقيات الصبية والشباب وعلى سبيل المثال وليس الحصر الافلام التى يقدمها السبكى والتى تعد بمثابة سم قاتل لأخلاقيات الشباب حيث إنها لا تحتوى إلاّ على العنف والقتل والجنس غير الهادف وغير الموظف دراميا مثل "أبو اخته وحلاوة روح" وهذا الاخير حدثت معه واقعة لاول مرة تحدث في تاريخ السينما المصرية والعربية حينما أحسن صنعا وأصدر رئيس الوزراء السابق المهندس ابراهيم محلب قراراً بوقف وسحب الفيلم من دور العرض السينمائية نظرا لما يحتويه من اسفاف وجنس يحض على التحرش الجنسي حيث كان ضمن أحداث الفيلم الطفل ذو العشر سنوات الذى يتلصص على جارته الغائب عنها زوجها (هيفاء وهبي ) في غرفة نومها ويتحرش بها جنسيا .والكثير والكثير من الدراما السينمائية التى افسدت اخلاقيات الشباب المصري خاصة أفلام محمد رمضان .على عكس ما كانت السينما المصرية تقدم في الستينيات والسبعينيات من افلام كانت تشكل الوعي الفكري والاخلاقي وتعلم وتحض على الفضيلة واحترام الغير دون إسفاف أو ابتذال لذلك لم نر حالة تحرش جنسي واحدة في الشارع المصري حتى أواخر التسعينيات عندما بدأت تظهر بشدة أفلام المقاولات خالية ومنزوعة الهدف والمضمون، وبدأت افلام العنف والإثارة والجنس تغزو دور العرض السينمائي بلا رقيب او حسيب او حتى ضمير للفنان وصناع الافلام !.
أما الدراما التليفزيونية فحدث بلا حرج فمنذ ان بدأ انتشار القنوات الفضائية وبدأ معها البحث عن استقطاب المشاهد المصري والعربي بأي وسيلة وبأي دراما تليفزيونية لتحقيق عدة اهداف اهمها جلب الاعلانات وملء عدد ساعات البث والشىء المحزن ان هذه المنافسة ليتها كانت ايجابية او بناءة في تقديم مسلسلات تليفزيونية هادفة على غرار ما كان يقدم منذ الستينيات من القرن الماضي وحتى اوائل هذا القرن مثل "أولاد آدم والمال والبنون والراية البيضا" وكل عبقريات المؤلف اسامة انور عكاشة وعبقريات محفوظ عبد الرحمن ... إلخ حتى الدراما التاريخية والدينية غابت واختفت تماما من اهتمامات صناع الدراما التليفزيونية وهذه النوعية تحمل كماً من الرسائل الهادفة اخلاقيا ودينيا واجتماعيا تعمل على تقويم سلوكيات الشارع المصري .. اما ما يقدم الان من دراما تليفزيونية تقتحم بيوتنا وعقول شبابنا اقل ما توصف به أنها أعمال مبتذلة تدعو الى العنف والإثارة والتحرش الجنسي .