السبت 23 نوفمبر 2024

بالصور.. أصحاب محلات الكونتننتال مهددون بالتشرد

  • 30-4-2017 | 10:40

طباعة

 

كتبت ـ أماني محمد

 

يرتاده المئات يوميا من الفتيات والأمهات بحثا عن مبتغاهم من ملابس أو فساتين متعددة الأذواق مقبولة السعر مقارنة بنظيرتها خارجه، ممر فندق الكونتننتال هو أحد أجزاء المكان الذي يعود عمره لأكثر من مائة عام، يشبه في طرازه تلك الأبنية الأوروبية ليعبر عن مصر الخديوية.

رغم عراقة فندق الكونتنينتال الواقع في قلب العاصمة فهو مهدد اليوم بالإزالة الكاملة بعد أن قرر حي عابدين منح الشركة المالكة له "إيجوث" في فبراير من العام الماضي، ليكمل حلقة من الصراع الطويل بين الشركة التي ترغب في هدم الفندق والمستأجرين وأصحاب المحلات في الممر المتمسكين بقانونية وضعهم لقدرة البناء على التحمل واحتياجه فقط للترميم وليس الإزالة.

صلاح شعشاعة واحد من أقدم أصحاب المحلات بالممر ومن المهتمين أيضا بالقضية، يوضح أن أزمة الفندق بدأت منذ عام 1985 بعدما أصدر حي عابدين أمرا بتنكيس مباني الفندق وملحقاته، وتحديدا طرفاه الأيمن والأيسر المطلان على شارعي عدلي و26 يوليو، بإزالة غرف السطوح، والتي كانت مصنوعة من خشب بغدادلي بدون سقف والدور الذي تحته.

وأوضح أن الشركة طعنت على قرار الحي لرغبتها في هدم المبنى كله، وأن بعض السكان رفعوا دعوى ضد الحي لكي لا يزال الدور الرابع، لأنه حوائطه قوية وقادرة على التحمل، وبعد لجنة لفحص المكان وخبراء من وزارة العدل، قالوا: إن المبنى سليم وغير قابل للانهيار ويصمد أمام الزلازل، وهو ما أخذت به المحكمة في قرارها بعدم الهدم وقتئذ.

وقال: إن الشركة استأنفت ونحن دخلنا مع الحي ضد الشركة، الشركة حصلت على تقرير من جامعة القاهرة يقول إن الفندق يحتاج ترميم وإصلاحات والتكلفة الاقتصادية له عالية، ويفضل إزالته".

 وأوضح أن المحكمة أمرت بعدم هدم الفندق وترميمه فقط وإزالة غرف السطوح، لم ينفذ الحكم حتى اليوم.

وقال إنه عقب قرار حي عابدين الأخير بترخيص الهدم توجه أصحاب المحال إلى المحكمة الإدارية العليا لوقف قرار الهدم وتطبيق حكم المحكمة بتنكيس الفندق، متسائلا: "كيف ينفذ قرار إداري يعارض حكما قضائيا؟ نحن لا نعارض التطوير لكنهم يحاولون إثبات أن المبنى آيل للسقوط، وهو أمر غير صحيح".

وأوضح أن الشركة تستغل أيام الإجازات لتنفذ عمليات تخريب وهدم من الداخل دون علم الحي، مؤكدا أن هذا ما تفعله "إيجوث" دائما فهي هدمت من قبل فندق شبرد وغيره، قائلا: "الفندق كان يعمل حتى الثمانينيات وقاعات الأفراح كانت تعمل حتى التسعينيات إلى أن قررت الشركة نقل موظفينها إليه وإيقافه".

يؤكد أنه منذ أن أستأجروا المحل عام 1951 ولم ترمم المباني الخرسانية به، قائلا إن المكان أسسته شركة إيطالية وانتقل إلى القطاع العام بعد التأميم، لكن تقرير جامعة الأزهر عن الحالة الإنشائية للفندق قال إنه صامد ويقاوم للزلازل ومواصفاته الفنية سليمة.

وقال شعشاعة: "هناك عمارات عمرها تجاوز مائة عام ولا تزال، بل القانون يطلب من أصحابها أن يرمموها بأمر محكمة ويدفع تكلفة الترميم التي قد تجاوز خمسين ألف جنيها، رغم أنه لا يتقاضى منه إلا جنيهات معدودة وفق الإيجار القديم، فلماذا هذا الظلم بإجبار المالك على ترميم منزل ومع ذلك هدم مبانٍ تجارية قادرة على التحمل".

وتبلغ مساحة الفندق نحو 23 ألف متر، يضم 477 محلا تقريبا، يعمل بكل محل به نحو ستة أفراد خلاف صاحبه وكل فرد يعول أسرة أي ما يقارب 45 ألف شخص يعيشون على هذا المكان، حسب توضيح أحد أصحاب المحلات والمعنيين بقضية الفندق، يعمل أجمعهم في مجال الملابس والتفصيل والبيع والأحذية أيضا.

التفاوض أمر يرفضه أصحاب المحال لتمسكهم بقانونية وضعهم وقدرة الفندق على الصمود وحاجته فقط للتنكيس وليس الإزالة، كما أن شروط التفاوض التي وضعتها الشركة ظالمة حسب تأكيد أحد هؤلاء ممن تلقوا استمارة التعويض عن الإخلاء.

وحسب الاستمارة فإن قيمة التعويض المادي عن التوقف هي دفع عشرة أضعاف القيمة الإيجارية الحالية طوال فترة البناء، وبعد التطوير عقب ثلاث سنوات سيمنحه المحل بعشر أضعاف قيمته الإيجارية الآن، وإذا زاد متر واحد عن المساحة سيدفعه بسعر السوق، على أن ترفع القيم الإيجارية مرة أخرى بعد سنوات سبع أو ثلاث، وهو ما رفضوه لرغبتهم في الحصول على المحل فيما بعد بنفس القيمة الإيجارية التي يدفعونها الآن.

البداية كانت مع عام 1985 بعد أن أصدر حي عابدين قرارا بهدم غرف سطح الفندق والدور الأسفل منها وتنكيس باقي العقار تنكيسا شاملا، إلا أن الشركة "إيجوث" طعنت على القرار وأقامت دعوى رقم 1650 لسنة 1985 ضد حي عابدين والمحافظة وآخرين لطلب إعادة النظر في القرار الصادر من لجنة المنشآت الآيلة للسقوط، لرغبتها في هدمه كليا.

وأقام المستأنف ضدهم دعاوى أخرى لإلغاء قرار هدم الدور الثالث والاكتفاء فقط بالترميم، وبعد انتداب لجنة خبراء من وزارة العدل جنوب القاهرة انتهت إلى أن الأمر يستلزم هدم غرف السطوح فقط في الجزئين المطلين على شارع عدلي و26 يوليو وتنكيس وإصلاح العقار بما فيه مبنى الفندق والمحال بالممر.

وطعنت الشركة مرة أخرى للمطالبة بإزالة العقار كله، واستمرت القضية متداولة وفي عام 2002 تغيرت هيئة المحكمة وقضت بقبول الاستئناف شكلا وانتداب لجنة ثلاثية من جامعات القاهرة وعين شمس وحلوان خلصت إلى هدم وإزالة العقار بجميع أجزائه ومشتملاته، لكن هذا التقرير لم تأخذ به المحكمة وبعد انتداب لجنة ثلاثية من خبراء وزارة العدل، وقضت عام 2006 برفض استئناف الشركة وتأييد حكم المستأنف في الدائرة 57 إيجارات، وهو الحكم بتنكيس العقار وإزالة غرف السطوح فقط.

سنوات مرت والقضية دون جديد، وخلال حكومة أحمد نظيف صدر عام 2009 قرارا حكوميا بتسجيل عقار الفندق بسجلات التراث المعماري لمحافظة القاهرة، وبقي الحال حتى تجددت الأزمة مؤخرا قبل أكثر من عام في فبراير 2016 تحديدا، بعد صدور قرار هدم كلي من حي عابدين.

قرار الهدم الصادر من الحي جاء عقب قرار مجلس الوزراء بالتصريح بتطوير الفندق مع الحفاظ على سلامة الواجهة المطلة على شارع عدلي واستمرار تسجيله كأحد المباني ذات الطراز المعماري المتميز وعند إعادة البناء يحتفظ بنفس النمط المعماري الحالي لباقي الواجهات للمبنى الأصلي.

وكانت رخصة الهدم سارية لمدة عام وقبل أن تنته جددها الحي وفي يناير الماضي بعدما اجتمع ممثلو الشركة والمحافظة ورئيس حي عابدين لتجديد رخصة الهدم، وذلك بالاتفاق على السير في إجراءات هدم المرحلة الأولى وتشمل الدور الثالث والرابع من الفندق وتأجيل أعمال هدم الأجزاء الموجودة بالممرات في تلك المرحلة لحين الانتهاء من التفاوض مع الشاغلين.

 

    الاكثر قراءة