تنشر بوابة «الهلال اليوم»، قصة "كيف يموت أحدهم؟"، للكاتبة أسماء حسين، من مجموعتها القصصية "فسحة بويكا" الصادرة عن دار فصلة للنشر والتوزيع في طبعتها الأولى يناير 2018.
كيف يموت أحدهم؟
أحدهم
يقف نصف تائه، ويمسح نصف جبينه بمنديل، يتلفت حوله دون جدوى، ثم يسحب أنفاسه،
يخبئها في صدره حتى يتعب، فيتركها تغادر، ثم تمر فتاة بجانب أبيها، ويلتفت إليهما،
ويغتصبها بعينه فقط، ثم يستدرك ضحالة خُلُقه، ويُسقط رأسه آسفًا. يعود ليضع يده
على عينه، كما لو يعتقد أنها ستنفجر كعلامة من علامات الساعة.
يجعل
بينه وبين الرصيف مسافة جسدين، حيث يعتقد أنها كافية، ويمشي. يطلب منه شرطي المرور
ركوب الرصيف، فيرفض، ويُكمل سيره، من أمرنا بملازمة الأرصفة؟ قوانين الحكام أم
هواجس الطيبين في الأرض؟
من
الممكن أن تكون لوحات فرناندو بوتيرو*، لها علاقة بالتضخم الذي أصاب يده، وخصوصًا
في عالم يخص أحدهم، ويستغرب لماذا يحاولون استئصالها؟ لا، أنا لست مصاب بالسرطان
يا دكتور، إنها مجرد فكرة جبانة تورمت. أعرف، أنت لا تصدقني، تعتقد أنني مجنون،
أليس كذلك ؟ لا يهم، حاول أن تتأكد بنفسك يا دكتور من بوتيرو شخصيًا.
في
المصعد، يتذكر كم يكره الأشياء المعلقة، خوفًا من السقوط الهائل. كان يتألم، ويتخيل، أنه يسقط في داخله،
آلاف المرات، الدور الثامن، الدور السابع، فالدور السادس، يتوقف المصعد، لا أحد
هناك، ويستمر المصعد في النزول .
في
الدور الأرضي، يغادر المصعد، وبعض من أشيائه بقيت معلقة في الدور السادس.
يفكّر
أن يبتعد، إلى مكان بعيد جدًا، يقع خلف الحواس، من أجل أن يعزي جسده. إلى وقت حدوث
ذلك، ربما سيفكر في العودة.
آه
يا الله، كيف أهرب الآن؟ ولساني مفقود.
قرر
أن يُغادر جسده، وفي أثناء عودته، مات. وبقت المسألة مُعلّقة، دون مبررات كافية أو
مقدمات وافية، وربما أحدهم يعرف.
*
فرناندو بوتيرو، رسام كولومبي، يصور كائناته متضخمة دائمًا.