الإثنين 29 ابريل 2024

«اتكلم عربي».. نحو طفل مصري له جذور!

أخرى17-12-2020 | 13:32

حين تُقرر أن تحزم حقائبك مُهاجرا من مصر نحو بلد ما، فإنك تبتعدُ في واقع الأمر عن وطنك، بكل همومه، ولكن قد يقرر البعض الانفصال عن ذلك كله، والبونُ شاسع بين "الابتعاد" و"الانفصال"، ففي الأولى قد يظلُ قلبك وعقلك مشغولين بقضايا وطنك، أما في الثانية فإنك تُنتزع بإرادتك من أرضك لتغدو مُواطناً بلا جذور !.

الأثر السلبي المُترتب على الانتزاع من الأرض، والانفصال عن الوطن، تزدادُ خطورته حين تمتد نتائج هذا الأثر السلبي إلى أبنائك الذين شاء القدر أن يكون مسقط رأسهم خارج أوطانهم، لتكون النتيجة أجيالٌ لا تشبه موطنها، لا تتحدث لغته، ولا تتحلى بقيمه، ولا تُمارس عاداته، ولا تسعدُ بزيارته حتى ولو على فترات متباعدة، والتعرف عليه بشكل أكبر، والاقترابُ من شعبه، ويزدادُ هذا التشوه الحاصل بوجود الطفل في بلد غربي غير عربي، لتصبح حينها الفجوة شاسعة، والطريق نحو العودة شديد البعد صعب المنال.

"اتكلم عربي" مُبادرة مصرية يرعاها الرئيس عبد الفتاح السيسي، تنبهت مصر من خلالها إلى خطورة أزمة انفصال الأبناء في الخارج عن قضايا وطنهم وضعف ارتباطهم به، والحاجة الماسة للتحرك السريع لإعادة ربطهم بوطنهم، وترسيخ الهوية المصرية في نفوس أبناء مصر بالخارج، من خلال قيام وزيرة الهجرة نبيلة مكرم بلقاء أطفالنا في الخارج افتراضيا دون وسيط، تنقلُ لهم اعتزاز مصر بهم، واحتياجها لهم، وتطلعها لزيارتهم إليها، لتناول طعامها، والتعرف على حضارتها، ولمس ما يتحقق من إنجازات، ليكون كل منهم فخوراً تُلامس عنقه السحاب أمام أقرانه في هذا البلد أو ذاك، ويتباهى أنه "مصري".

 

ارتباطُ مبادرة "اتكلم عربي" من خلال اسمها بعنصر "اللغة" كان اختياراً صائباً، حيث يتزامن إطلاقها مع اليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر، باعتبار عنصر "اللغة" أهم وسائل وأدوات التواصل البشري، التي تيسر الفهم والإدراك، وتحقق التواصل والتقارب، والوزيرة تتبع مع أبنائنا في الخارج نهج الحديث باللغة العربية وربما المصرية أحيانًأ كثيرة، ونحن في حاجة ماسة إلى مضاعفة "مصرية" أبنائنا في الخارج، فالرابطة المصرية لابد أن تكون على رأس الروابط التي تجذبه نحو وطنه، ليكون معجوناً بتراب مصر، يتحدث لغتها، ويمارس تقاليدها، ويتحلى بقيمها، ويتمتع بخفة دمها.

والتجربة تُشير إلى أننا لسنا في الاحتياج إلى السفر للخارج كي تجدُ أطفالاً منفصلون عن وطنهم، فعلى أرض مصر شريحة ليست قليلة من أبناء ينتمون إلى أسر بعينها، يدرسون في مدارس دولية، ويعيشون في دوائر مجتمعية منغلقة، لغات التواصل بينهم أجنبية، فالمربية تقوم بدور الأم، والأهل في حالة غياب، والنتيجة أجيال على أرض مصر، لا يتحدثون العربية، ولا يعرفون عن مصر شيئاً، ولعلها ظاهرة تستحق أن تتبناها الدولة ضمن المبادرة التي نحن بصدد الحديث عنها، من خلال تكامل جهود وزارات التربية والتعليم، والثقافة، والإعلام، لحماية أجيال مصرية تحتاج أن نقول لها بفم مليان "اتكلم عربي".

انفصالُ أطفالنا عن وطنهم خطرٌ يُهدد المُستقبل، فالأطفالُ هم سر شباب هذا الوطن، وتركهم نهباً لثقافات وقيم مغايرة لثقافتنا وقيمنا المصرية يخلق أجيالُ مشوهة، فمن يبني هذا الوطن ويحميه، إذا لم يقم بذلك أطفال اليوم الذين هم شبابُ الغد ورجالُ المُستقبل؟.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa