تتصدى الجهات الرسمية بالدولة يوميا لشائعات مختلفة الموضوع، متفقة الغرض، وهو زعزعة الاستقرار، وبث القلق والخوف في نفوس المواطنين. إذ يتم الترويج لأنباء مغلوطة، وأخبار زائفة، بهدف التهويل أو التضليل أو التشويه، بما يضمن خلق حالة من الإحباط والارتباك، وانعدام الثقة بين الشعب والحكومة.

وكما قال "نيكولاس ديفونزو وبراشانت بورديا": "حتى تصبح الشائعة مؤثرة، يسعى مطلقوها إلى أن تحتوي على أربع صفات، هي وجود معلومات معينة حول قضية ما، وتداولها بشكل واسع بين الناس، وألا يتم التحقق من صحتها، وأن تكون وثيقة الصلة بموضوع يهم الجمهور، فربما تجيب عن الأسئلة التي يريد الناس الإجابة عنها".

فالشائعات تسعى بالأساس لدمج كثيرين في نشاط اجتماعي، بهدف محاولة فهم المواقف الغامضة، وهو ما يعني، لدى البعض، أن الوظيفة الأساسية للشائعة، هي محاولة فهم شيء غير واضح.

وفي عام 1947 نشر "جوردون أولبورت وليو بوستمان"، كتابًا تحت عنوان: "علم نفس الشائعات"، يقول إن الشائعة تبدأ بالانتشار حينما لا يكون هناك فهم لكيفية أو سبب حدوث موضوع ما، وتنتشر الشائعات في الغالب عندما يشعر الناس بالقلق، فعدم اليقين يولد القلق، لأننا نحب أن نكون على معرفة واضحة بكل الأمور، ويصيبنا عدم اليقين بالقلق. 

وأظهرت بعض الدراسات أن الأشخاص الأكثر قلقا، هم الأكثر عُرضة لنشر الشائعات، كما أظهرت الدراسات أيضًا أن شائعات إثارة الخوف من حدوث شيء سيء، تنتشر أكثر من شائعات التمني بحدوث شيء جيد.

ويزداد نشر الناس للشائعات، عندما تكون المعلومات مهمة، وذات صلة بهم، إذ أثبتت الدراسات أنه من المرجح نشر الناس الشائعات، عندما تكون المعلومات أكثر أهمية بالنسبة إليهم، كما أنهم ينشرونها عندما يصدّقون المعلومات، فلو سمع شخص شائعة، واعتقد أنها مجرد كلام سخيف، فلن يكررها على نطاق واسع.

كما اتضح أن هناك فئة من البشر، تنشر الشائعات لتضيف لرصيد صورتها عند الآخرين، فقد أظهرت الكثير من الأبحاث، أن هؤلاء الناس غالبًا ما يريدون أن يشعروا بالرضا عن أنفسهم، عبر تداول الشائعات، لسببين: الأول هو أن نشر الشائعة يجعلهم يبدون كأشخاص مدركين وواعين بما يحدث في العالم، فيأتي الناس إليهم بعدها بصفتهم أشخاص مطلعين على الأمور، والسبب الثاني أن الشائعات تضيف لأرصدة احترام الذات لدى أصحاب هذا الفكر.

وتبيّن أن الناس ينشرون الشائعات، عندما يساعد ذلك على تقدير وضعهم الاجتماعي، وتقوية روابطهم بالآخرين، كما أن الذين ينتمون لمجموعة معينة يسهمون في نشر شائعات إيجابية تخص مجموعتهم، ومن المرجح أن ينشروا الشائعات السلبية عن المجموعات المنافسة.