السبت 25 مايو 2024

"عناقيد الغضب".. ملحمة أدبية تنتقد المجتمع الأمريكي

فن18-12-2020 | 14:20

"عناقيد الغضب" رواية من أشهر روايات الكاتب الأمريكي چون شتاينبيك، نشرت لأول مرة عام 1939 وحازت على جائزة بوليتزر عام 1940، وكذلك تم إصدار نسخة فيلم هوليوود بنفس أسم الرواية، بطولة هنري فوندا وإخراج جون فورد، في نفس العام.

تحكي عناقيد الغضب عن فترة الكساد الكبير الذي وقع في الثلاثينات في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلال هذه الملحمة يقدم الكاتب نقداً لاذعاً للمجتمع الأمريكي، والتناقض بين الأفكار التي قام عليها المجتمع الأمريكي مثل العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وبين الواقع الأليم لأسرة بسيطة تعاني من أجل الوصول إلى الحد الأدنى من سبل المعيشة، فقط تحلم بمأوى ووظيفة.

الكساد الكبير كان من أسوأ حالات الجفاف التي شهدتها أمريكا على الإطلاق، وذلك لعدة سنوات من عام 1934 وأمتدت أثاره حتى عام 1940، وقد دمرت الرياح الشديدة والظروف الجافة وممارسات الزراعة السيئة 150 ألف ميل مربع من قلب أمريكا، مما أدى إلى تربة سطحية فضفاضة لا يمكن أن ينجو فيها الطقس القاسي.

الكساد الكبير في تلك الفترة كانت أثاره أضعاف الركود الأقتصادي عام 2006 حيث البطالة أصبحت 25 ٪ وهاجر أكثر من 250 ألف شخص إلى كاليفورنيا بحثاً عن الحياة والنجدة من أراضيهم ومنازلهم الجافة، ومن المناطق  التي تأثرت بالجفاف، تكساس، أركنساس، أوكلاهوما، كانساس، نبراسكا، والمكسيك. 

تدور أحداث رواية "عناقيد الغضب" في "أوكلاهوما" إحدى المناطق المتضررة من الجفاف، حيث كانت تعيش هناك أسرة چود وفجأة جراء الكساد طردوا وفقدوا أراضيهم ومنازلهم فقرروا الهجرة نزوحاً إلى كاليفورنيا. 

تأتي قصة هذه الأسرة كمثال أو نموذج واحد من ألاف قصص الآمال الزائفة والرغبات المحبطة والأحلام المحطمة جراء الكساد، وقد عرضها چون بطريقة ملحمية إنسانية مأساوية تجبر القارئ على التفاعل معهم ومع ما أصابهم، حيث قال في هذا الشأن ""لقد فعلت كل ما في وسعي لأحطم أعصاب القارئ إلى أقصى حد، ذلك أنني لا أريده أن يكون راضياً".

يعرض چون خلال الرواية تفاصيل هجرة العائلة من أوكلاهوما حتى كاليفورنيا وموت الأجداد عطشاً وجوعاً وأفتراقهم وخوفهم من السجن، كذلك مشاهد المخيمات والنازحين من بلادهم وما يحدث بالمخيمات وظروف الحياة فيها ونوعية الخدمات التي تقدم للقاطنين بالمخيمات، ويبين بشكل واضح استغلال المقاولين للعمل بسبب كثرتهم وتصرفات بعض أفراد شرطة كاليفورنيا، كما يعرض مأساة المزارعين أنذاك وإجبارهم على العمل بنصف راتبهم أو أقل واعتصماتهم في هذا الشأن.

قدم چون وثيقة تاريخية بواسطة روايته عن معاناة الأفراد في وقت الكساد وما حدث معهم بدقة شديدة، وما كانوا يعانوه من قبل المسئولين أنذاك حتى إنه قال ذات مرة "أريد أن أضع علامة عار على جبين الأوباش الجشعين والمسؤولون عن هذا" وهو ما يفسر مرات حظر الرواية في مناطق عديدة في أمريكا على الرغم من تدريس بعض المدارس الثانوية هناك للرواية بإعتبارها وثيقة تاريخية. 

    الاكثر قراءة