أكثر من مائتى نائب فى البرلمان الحالي، أحجموا
عن خوض الانتخابات لنيل عضوية البرلمان المقبل، وهناك نحو مائتى نائب خاضوا
الانتخابات ولم يحالفهم النجاح، بينهم من أعتبروا من رموز المؤيدين للحكومة، وبنفس
الدرجة خرج خاسراً عدد غير قليل من الذين تم تصنيفهم -إعلاميا- فى خانة المعارضة،
وهكذا فإن البرلمان الجديد سوف تكون غالبيته من الوجوه الجديدة تحت القبة.
يستحق أمر المنسحبين أو من أحجموا عن خوض التجربة
مجدداً، البحث والدراسة، لماذا أحجموا؟
منذ عامين سمعت من أحد السادة النواب أنه لن يكرر
التجربة ثانية، لأنه يبذل جهداً مضنياً فى الأمور العامة، بينما شئونه الخاصة
وتلاميذه وأبحاثه معطلة تماما، وهناك من لمسوا عدم الرضا لدى جماهيرهم عن مستوى الأداء
الذى قدموه، وربما لم يجد بعضهم ما توقعوه من ميزات، أيا كان الأمر، فلا يجب التطوع أو الاجتهاد بتقديم إجابات عنهم، بالتأكيد
لدى كل منهم أسبابه ودوافعه، وقد تكون هناك أسباب عامة بينهم، ليت مراكز البحث
وطلاب علم الاجتماع السياسى ينشغلون بمثل هذه الظواهر، ليضيئوا التجربة النيابية
التى عايشناها منذ يناير ٢٠١٦، وقد يكون فى ذلك إفادة للنواب الجدد وإثراء للتجربة
السياسية.
أما أولئك الذين لم يحالفهم الحظ فى المعركة
الانتخابية، فيستحقون أيضاً البحث والدراسة، إذ يكشف لنا ذلك توجه الناخب فى الاختيار،
ذلك أن النائب المؤيد وكذلك المعارض تساويا أمام الناخب، لم يمنح الناخب ميزة لهذا
أو ذاك، وفى وقت سابق كان النائب المؤيد يجد بعض الميزات، وكان يمكن للنائب
المعارض أن يحصد ميزات أكثر، من باب الاسترضاء أو حتى يمكن للمسئول أن يعلن بثقة
أنه محايد أو متوازن بين المؤيد والمعارض، فضلاً عن أن النائب المعارض كان ينال
قدراً من الوجاهة فى بعض الأوساط، وقد عايشنا الكثير من هذه النماذج فى فترات
سابقة، والواضح فى الانتخابات الأخيرة أن الناخب كانت لديه معاييره الخاصة وعناصر
أفضلية يحددها ويقدرها هو، ليس على رأسها التأييد أو المعارضة.
الناخب المصرى هو البطل، وهو من يجب أن ينصت له
الجميع وأن نتعلم منه، لأنه صاحب القرار، هو من اختار وقرر إبعاد "الرموز"،
وهو من جعل الكثيرين يحجمون عن التقدم إليه وطلب صوته مرة أخرى.
نعرف أن ظروف وأولويات الاختيار فى الانتخابات
السابقة لم تعد هى نفسها الآن، كانت الدولة والمجتمع فى مواجهة كابوس جماعة الإخوان
"الإرهابية"، وكانت مؤسسات ألدولة مهددة، أما الآن فتراجع الإرهاب كثيراُ
إن لم يختف تماماً، وهناك قدر كبير من الاستقرار الاقتصادى والمؤسسي، لكن هل هذا
كل شيء أم أن أداء النواب وراء الرغبة فى التغيير؟