رأى خبراء الاقتصاد أن صندوق تحفيز الصناعة، الذي اعلنت عنه وزارة التجارة والصناعة، سيكون له إيجابية على الصناعة، حيث تسعى الحكومة لتوطين الصناعات الثقيلة في مصر بشكل عام وهو ما يتطلب دعم مالي وفني وجذب استثمارات كبيرة وتنمية مهارات الكوادر البشرية.
وكانت وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع، أعلنت عن نية الحكومة في إنشاء صندوق لتحفيز الصناعة، خاصًة القطاعات التي تمتلك فيها مصر مزايا نسبية تؤهلها للمنافسة في السوقين المحلي والخارجي، حيث تأتي صناعة السيارات ومكوناتها تأتي على رأس قائمة الصناعات المستهدفة بهذا الصندوق.
آثاره إيجابية على الصناعة
ومن جانبه، قال الدكتور خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، إن صندوق تحفيز الصناعة قد يكون هدفه الرئيسي هو دعم صناعة السيارات مع توجه الدولة لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى و تخريد السيارات القديمة، مؤكدا أنه سيكون آثاره إيجابية على الصناعة.
وأضاف الشافعي، في تصريحات خاصة لبوابة "الهلال اليوم"، أن تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي من شأنه أن يوفر المواطن تقريبا 40% من الإنفاق على الوقود شهريا، وتوجه الدولة للاعتماد على الغاز الطبيعي سيدعم أصحاب المشروعات الخاصة بالنقل الجماعي، مثل: الميكروباص إضافة إلى التاكسي وهى القطاعات التي تشملها خطة الدولة للتحول نحو الاعتماد على الغاز الطبيعي، والتي تنطلق في 7 محافظات وتم رصد 1.2 مليار جنيه لهذا المخطط.
صناعة السيارات في مصر
وأشار الشافعي إلى أنه لا بد الحكومة تبحث ملف دعم صناعة السيارات في مصر ككل ليس خطة التحول للغاز الطبيعي فقط، متابعا "أن هناك غياب لرؤية وزارة الصناعة فيما يخص استراتيجية صناعة السيارات في مصر، وعلينا الاستفادة من تجارب الدول التي دخلت عالم صناعة السيارات، مثل المغرب والجزائر والهند وتركيا، فدولة مثل المغرب كي تستقطب شركة "رينو" على أراضيها قدمت لها دعما نقديا يقدر بـ30%.
قانون ينظم صناعة السيارات
وأوضح أن الحديث عن مشكلات عدة للإنتاج مثل زيادة نسبة المكون المحلى، لكن التأخر في إقرار قانون ينظم صناعة السيارات، أضاع على الدولة ملايين الدولارات حتى الآن، كان يمكن الاستفادة منها إذا كانت هناك رؤية واضحة، بشأن هل الدولة تريد تصنيع السيارات أم تصنيع المكونات المغذية؟، لأن عدم وضوح الرؤية دفع العديد من المستثمرين للإحجام عن ضخ مزيد من الاستثمارات بالسوق المصرية، إذن أي حوافز تحتاج استراتيجية أو قانون لتنظيمها.
مخاطر تواجه صناعة السيارات
ونوه إلى أن هناك عدد من المخاطر التي تواجهها صناعة السيارات في مصر في ظل غياب قانون منظم لذلك وعدم وضوح الرؤية حول استراتيجية السيارات وهو ما أفسح المجال أمام دول الجوار مثل المغرب وجنوب أفريقيا لجذب رؤوس الأموال الأجنبية في قطاع صناعة السيارات والصناعات المغذية لها.
التصنيع أم التجارة
وطالب من الحكومة أن تحدد رؤيتها، بشأن صناعة السيارات، هل ستتجه للتصنيع، أم التجارة أو التداول، لا نستطيع الاستمرار في المنافسة بدون إصدار قوانين جديدة، ولا بد هنا أن تقوم الحكومة بدعم القطاع الخاص بالحوافز والقوانين من أجل تصنيع احتياجات مصر محليا والاستفادة من توطين الصناعات الحيوية، فصناعة السيارات لا تقوم من نفسها، ولكن الحكومة تساعد وتقدم حوافز وتسهيلات للمستثمرين وتبدي رغبتها في دعمه بقوانين مشجعة تخلق مناخا جيدا لتطوير الصناعات.
وأوضح أن أي حوافز لتشجيع صناعة السيارات سيقلل الاعتماد على الاستيراد، وذلك لأن أغلب الماركات العالمية ستقوم بالتصنيع في مصر لنكون مركزاً عالمياً لتصدير السيارات، الأسعار بالطبع ستتأثر ويكون الإنتاج الجديد فى مصر بسعر أقل من المستوردة.
واختتم قائلا: "ملف التحول نحو الغاز هو جزء من استراتيجية طويلة الأمد لزيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي نظرا للاكتشافات الكبيرة منه مثل حقل ظهر وغيره وهنا بهدف تقليل الاعتماد على البنزين وغيره للحد من الاستيراد".
صندوق تحفيز الصناعة
وقال الباحث الاقتصادي، حمد محمود عبد الرحيم، إن هناك اتجاه عام لدعم الصناعة الوطنيةوخصوصاً الصناعات الغير تقليدية وفائقة التكنولوجيا ، مشيرا إلى أن الحكومة تسعى لتوطين الصناعات الثقيلة في مصر بشكل عام وهو ما يتطلب دعم مالي وفني و جذب استثمارات كبيرة وتنمية مهارات الكوادر البشرية، ومن جاءت فكرة إنشاء صندوق لتحفيز الصناعة وبصفة خاصة للقطاعات التى تمتلك مصر فيها مزايا نسبية تؤهلها للمنافسة فى السوقين المحلى والخارجى.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم"، أن هناك العديد من الفرص للصناعة الوطنية في قطاعات مختلفة واهمها علي الإطلاق صناعة الغزل والنسيج والملابس والأحذية والأجهزة الكهربائية بالإضافة إلى الصناعات الغذائية وغير ذلك، مؤكدا أن هناك خطوات جادة في تطوير الصناعة حيث جاري تنفيذ رؤية واضحة لتطوير منظومة القطن وصناعة الغزل والنسيج بقيمة 20 مليار جنيه.
وأشار إلى أنه يوجد اتجاه وفي ضوء التوجه العالمي نحو استخدام الطاقة النظيفة لإعادة إحياء شركة النصر لصناعة السيارات بالتعاون مع الصين لإنتاج سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية ووفقاً للخطة سيتم الانتاج بنهاية عام 2021 على أن تتوافر في السوق في عام 2022 على أن لا يقل نسبة المكون المحلي عن 50% وصولاً إلى أن تكون السيارة مكون محلي بنسبة 100%.
وتابع أن هذه تعد خطوات رائعة للغاية ولهم مردود كبير للاقتصاد المصري، كما تم إطلاق الشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية "نيرك" باجمالي استثمارات 10 مليار دولار وذلك لتوطين صناعة السكك الحديدية في مصر.
وأكد أن توطين الصناعات الثقيلة في مصر سيتغير شكل الاقتصاد المصري تماماً في المستقبل، مشيرا إلى أن مصر تمتلك كوادر بشرية في الخارج على قدر عالي من التميز ولهم مناصب قيادية في كافة الشركات التكنولوجية العالمية حول العالم ولديهم رغبة حقيقية في خدمة مصر وتحقيق كافة أشكال الدعم للصناعة المصرية وربط التعليم الأكاديمي والمهني بسوق العمل.