الأربعاء 27 نوفمبر 2024

فن

"قاتل طليق".. قصة لـ أسماء حسين من مجموعة «فسحة بويكا»

  • 22-12-2020 | 14:19

طباعة

تنشر بوابة «الهلال اليوم»، قصة "قاتل طليق"، للكاتبة أسماء حسين، من مجموعتها القصصية "فسحة بويكا" الصادرة عن دار "فصلة" للنشر والتوزيع في طبعتها الأولى يناير 2018.

قاتل طليق

الذي قتل والده لم يكن مجرد شخص يمكن للقضاة أن يستدعونه ليجروا معه تحقيقًا مطولًا، أنا أيضًا بوصفي ناقلًا للحادثة ومدونًا لها لا أعرف من القاتل، ولا شقيقه المصاب بمرض الذهان حين سألته كان يعرف، الذي أعرفه بعد تقصي المسألة أن الممرضة ذات الإسم الغريب أخبرته وهو عائدٌ للغرفة التي ينام بها أباه أنها رأت ظلًا ذا يدين طويلتين يدخل خلسة إلى غرفة والده، والده الذي لم يعرف القضاة، ولا هو، من قتله حتى تلك اللحظة، قالت له أن عليه أن يخبر أخوته حالًا حتى يتسنى لهم ترتيب مهام الجنازة، أخوته حين شعروا بأن قلبه سيتوقف وهو يهاتفهم ليخبرهم بما حصل، أخبروه - رغم أنه لم يعد صغيرًا - بأن والده سيعود بعد غدٍ، لكنه بدوره صدق ذلك وانتظره في الغرفة نفسها التي دخل بها الظل ذا اليدين الطويلتين وفتش أيضًا في الغرف المجاورة، ولم يجد والده بل وجد أشخاصًا ينامون على أسرّة بيضاء ويلبسون ثيابًا بيضاء ويأكلون طعامًا في صحونٍ بيضاء، كأنما يخشون أصغر نقطة حبر. قالت له عندما رأته يبكي واقفًا دون أن يسقط بعد فشل عمليات البحث المرتبكة، بأنها ستشهد معه ضد ذلك المجرم الذي فقد السيطرة على رغباته وانتزع حياة أب، وحين دعاها لتكتب شهادتها لاحقًا على الأوراق قالت بأنها لا تستطع أن تفعل ذلك لعدم منطقية ما يريد، وإنما ستكتفي بكتابة التاريخ والوقت وإحالة المسألة إلى ملفات الأرشيف.

في المقبرة وأثناء الدفن كان ينتظر أن يستفيق أباه من نومته الأخيرة، وأخوته كي يتحروا أثر القاتل الطليق، لكنهم اكتفوا بهز رؤوسهم بإذعان وتحدثوا عنه كفرد من العائلة، كما وأن ذلك الفرد له حق الزيارة متى يشاء، تلك التي تجعلهم يتهامسون حول الأمر بأنهم جميعًا بالضرورة له عائدون دون حيلة.

    الاكثر قراءة