تحل اليوم ذكرى رحيل صاحب الحديقة الغنّاء التي انتقى منها كبار نجوم الطرب القصائد ليتغنوا بها ويسعدوا قلوب محبي الطرب.. إنه الشاعر الكبير نزار قباني.. وفي ذكرى رحيله نظهر جوانب عديدة في حياته وفي رحلته مع الشعر.
ولد نزار قباني في حي مئذنة الشحم بسوريا في 21 مارس 1923 ، وفي طفولته أحب الرسم وأتقنه من الخامسة حتى الثانية عشر وأتقن فنون الخط العربي حيث تتلمذ على يد خطاط، وعن حبه للشعر فقد ورثه عن أبيه وراح يحفظ أشعار عمر بن ربيعه وقيس بن الملوح وغيرهم من الشعراء ، وتتلمذ على يد الشاعر خليل مردم بك، الذي علمه أصول البلاغة والنحو والصرف البديع.. وعن ميلاده الشعري بدأ مع العام 1939 حيث كتب أول أبياته الشعرية أثناء رحلة بحرية مدرسية، وكانت الأبيات غزلاً في الماء والأسماك التي تسبح فيه.. ومن بعدها بدأ نزار في نظم الشعر حتى التحق بكلية الحقوق في دمشق ونشر أثناء دراسته أول ديوان له بعنوان "قالت لي السمراء"، وتخرج في الجامعة عام 1945.
بدأ نزار حياته العملية فور تخرجه، حيث التحق بالعمل في وزارة الخارجية السورية وعمره 22 عامًا، وبعدها بقليل تم إيفاده إلى مصر ليعمل دبلوماسيًا في السفارة السورية بالقاهرة، ومن مصر انتقل إلى لندن ليعمل سفيرًا لسوريا، ومن لندن إلى أنقرة ومن أنقرة أصبح سفيرًا لسوريا في الصين عام 1962 ثم أصبح سفيرًا لسوريا في أسبانيا، واستقر في لبنان عام 1966 معلنًا تفرغه لكتابة الشعر، حيث أسس دار نشر خاصة تحمل اسمه وهي "منشورات نزار قباني".. وعند تفرغه للشعر اهتم بكتابة الشعر العمودي وساهم في تطوير الشعر العربي الحديث، وظهرت مناصرته لقضاياً المرأة وحريتها في كثير من قصائده، حيث إنه لم ينس أن اخته ماتت منتحرة بسبب رفضها أن يزوجها أهلها من شخص لا ترغبه، وهذا ما كان له أثرًا كبيرًا في دعمه لحرية المرأة في معظم أشعاره .
انتقى كبار نجوم الطرب من حديقة أشعار نزار قباني قصائد كثيرة تغنوا بها، منهم كوكب الشرق وموسيقار الأجيال في قصيدة أصبح عندي الآن بندقية، وانتقى عبد الحليم حافظ قصيدتين وهما رسالة من تحت الماء وقارئة الفنجان، وفيروز غنت له لا تسألوني ما اسمه حبيبي، ونجاة انتقت أربع قصائد وهي أيظن وأسألك الرحيلا وماذا أقول له ومتى ستعرف كم أهواك؟
وغنت فايزة أحمد من أشعاره رسالة إلى إمرأة، وغنى كاظم الساهر كثير من أشعاره منها إني خيرتك فاختاري وزيديني عشقاً وقولي أحبك، وأيضاً غنت ماجدة الرومي ولطيفة وغادة رجب وطلال مداح ومحمد عبده من أشعاره.
تزوج نزار قباني مرتين، المرة الأولى كانت من ابنة خاله وأنجب منها هدباء وتوفيق، الذي رحل في زهرة شبابه عام 1973 وكان طالباً بكلية طب القاهرة في السنة الخامسة، وزوجته الثانية كانت سيدة عراقية وهي بلقيس الراوي وأنجب منها عمر وزينب وكانت تعمل في السفارة العراقية بلبنان ولقيت حتفها في حادث انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت.. وبعد الحادث الأليم ترك نزار لبنان وسافر إلى جنيف ولندن، إلى إن استقر هناك خمسة عشر عامًا حتى رحل في 30 إبريل 1998.