الجمعة 29 نوفمبر 2024

سيدتي

درية شفيق

  • 25-12-2020 | 18:58

طباعة

ولدت درية شفيق في 14 ديسمبر سنة 1908، ثالثة أطفال أحمد شفيق الذي كان يعمل بالسكة الحديد ورتيبة ناصف، وثانية بناتهما، بمدينة طنطا وتوفيت في سبتمبر 1975، وفي سنة 1915 عادت درية إلى طنطا لتلتحق بمدرسة "نوتردام دو سا فوتر" وتعيش مع جدتها خديجة، حيث كانت تعيش مع أسرتها في مدينة المنصورة خلال السبع سنوات السابقة.


وفي 1920 توفيت والدة درية شفيق، فكان لذلك بالغ الأثر عليها، وفي 1922 تلحق درية بأبيها في الإسكندرية، وتلتحق بمدرسة سان فنسان دي بول، وتبدأ في إعداد شهادة البريفييه.


وفي 1923 التحقت درية شفيق بمدرسة الليسيه واستعدت لامتحان البكالوريا، وفي سنة 1924 نجحت في الحصول على البكالوريا وتم منحها وسام فضي لحصولها على المركز الثاني بين كل المتقدمين للامتحان في مصر، ثم حصلت على منحة دراسية من وزارة المعارف.


وفي شهر أغسطس من سنة 1928 سافرت درية إلى فرنسا لتلتحق بجامعة السوربون، وفي 1933 تحصل على الليسانس من فرنسا ثم تعود إلى الإسكندرية لتعيش مع والدها.


وفي 1935 تشترك درية في مسابقة ملكة جمال مصر بالإسكندرية وتكاد تفوز فيها، مما يحيطها بالدعاية.

تزوجت درية من الصحفي أحمد الصاوي لمدة أسابيع، ثم طلقت منه عام 1936، وعادت للسوربون، ثم التقت بنور الدين رجائي وتزوجا في باريس سنة 1937.


وفي 1939 يحصل نور الدين على الدكتوراة في القانون، بينما تستعد درية شفيق لمناقشة رسالتها ثم يعودان إلى القاهرة.


وفي 1940 تعود درية إلى باريس في بداية الربيع لمناقشة الرسالتين، وتحصل على دكتوراة الدولة، ثم يرفضها الاتحاد النسائي المصري، وتعمل كمفتشة للغة الفرنسية.


وفي 6 مارس 1942 تلد درية شفيق ابنتها عزيزة، ثم ترزق بالابنة الثانية جيهان يوم 17 أغسطس 1944.


وفي 1945 تطلب الأميرة شويكار من درية أن ترأس تحرير لافام نوفيل (المرأة الجديدة)، وتؤسس درية شفيق مجلة "بنت النيل" وتصدر العدد الأول في ديسمبر من نفس العام، وتصدر مجلة "الكتكوت" للأطفال سنة 1946.


وفي أواخر 1947 توفيت الأميرة شويكار وتولت درية شفيق رئاسة مجلة "المرأة الجديدة"، وفي 1948 تؤسس درية جمعية اتحاد بنت النيل وتبدأ مرحلة جديدة من الكفاح،وفي فبراير 1951 تقود مسيرة إلى البرلمان، وتقتحم أبوابه مطالبة بحق المرأة في الانتخاب، وتبدأ قصة الاقتحام بدعوة درية شفيق لأعضاء مجلس إدارة جمعية اتحاد بنت النيل لعقد اجتماع في شهر فبراير سنة 1951، وعند اجتماعها بمجلس الإدارة كشفت لهن عن فكرة فحواها اقتحام المرأة لمبنى البرلمان المصري، وطلبت أن يقسم الحضور على كتاب الله على ألا تبوح إحداهن بهذا السر لأحد مهما كانت درجة قرابته منها، وبالفعل بدأت الترتيب لتنفيذ هذا الاقتحام، وذلك بالدعوة لاجتماع الهيئات النسائية المصرية بقاعة "إيوارت" بالجامعة الأمريكية مساء يوم الاثنين 19 فبراير 1951، وكانت الدعوة قائمة لعقد مثل ذلك المؤتمر من قبل لمناقشة مطالب المرأة المصرية، أما عن ترتيب درية شفيق في هذا المؤتمر، أن يتحول من بحث هذه المطالب إلى نقطة تجمع للسيدات الهدف منه، كما ورد على لسان درية شفيق نفسها " الزحف النسائي لاستخلاص مطالب المرأة".


وبالفعل اجتمعت السيدات الممثلات لمختلف الهيئات النسائية في مصر إضافة إلى الرجال المؤيدين للحركة النسائية في ذلك الوقت، وبعد أن ألقت كل من سيزا نبراوي وزينب لبيب، وغيرهما من السيدات، كلمات مليئة بالحماس وملبية لمشاعر الحضور تجاه قضية المرأة وحقوقها السياسية، ارتقت درية شفيق المنصة لتلقي كلمتها الختامية تلك الكلمة التي أنهتها بعبارة  " سيداتي آنساتي"، "إن هذا المؤتمر برلماننا الأول ، برلمان نصف الأمة ومن حسن الحظ أن ينعقد في نفس الوقت والجهة التي ينعقد فيها برلمان النصف الآخر".


واستطردت قائلة : "فهيا نذهب بجموعنا الفتية لنعلن إليهم في عزم وقوة وتصميم أن تمثيلهم للشعب تمثيل ناقص مبتور، فإلى هناك فإلى الأمام".


واستجاب الحضور لدعوتها فاندفعن على أثرها إلى مبنى البرلمان حاملات لافتات كتب عليها مطالب المرأة وخاصة المطالب السياسية، هاتفات أكملوا تمثيل البرلمان للأمة، المرأة نصف الأمة.


وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال وهو كيف دخلت المرأة مبنى البرلمان؟ والرد على ذلك يتلخص في أن السيدات اللاتي ذهبن من قاعة "إيوارت" والمجتمعات، كما ذكر آنفا، قد انتهزن فرصة اقتراب سيارة أحد أعضاء البرلمان وهو فريد زعلوك من المبنى وعند فتح الباب لدخول سيارة النائب اقتحمت السيدات البرلمان فارتبك الحراس واختل الأمن في هذه اللحظة واستطاعت ثلاث سيدات فقط وهن سيزا نبراوي وزينب لبيب ودرية شفيق مقابلة وكيل مجلس النواب ومدير مجلس الشيوخ وقمن بتسليم مذكرة متضمنة مطالب المرأة.


واتصل كل من وكيل مجلس النواب ومدير مجلس الشيوخ تليفونيا برئيس البرلمان السيد علي زكي العرابي والذي طلب من درية شفيق إقناع السيدات المعتصمات في الفناء وخارج المبنى بالانصراف، وإنه سيبذل أقصى ما في وسعه لمساعدتهن في تحقيق مطالبهن، فما كان من درية شفيق إلا الموافقة على ذلك معلقة بهذه العبارة "إذا فلتكن حركة اليوم إنذارا فإذا لم تحققوا وعودكم فإن لنا عودة إلى العمل الإيجابي وبأسلوب قد يكون أكثر قوة من هذا الأسلوب"، وتحمل هذه العبارة في ثناياها المزيد من الإصرار على الاستمرار في الكفاح حتى الوصول إلى ما تصبو إليه المرأة المصرية.


وكانت المذكرة التي قمن بتسليمها تتضمن القرارات التي اتخذت في مؤتمر "إيوارت" المشار إليه من قبل وهي:

1- تعديل المادة الأولى من قانون الانتخاب بشكل يحقق للمرأة مطالبها السياسية (البرلمانية) والتي كفلها الدستور للرجل والمرأة على حد سواء.



2- تشريع القوانين الكفيلة بتحقيق حماية الأسرة وخاصة المتعلقة بتعدد الزوجات والطلاق.


3- تقرير الحرية والمساواة بين الجنسين فيما يتصل بفرص العمل والأجور.


وبالفعل هدأت درية شفيق من روع هؤلاء السيدات وغادرن مبنى البرلمان ولكن على وعد بلقاء آخر، ثم يتم القبض عليها ويطلب منها المثول أمام المحكمة في أبريل من نفس العام، ولكن القضية تؤجل إلى أجل غير مسمى.


وفي 1952 أشيع في الأوساط السياسية وقتذاك أن الحكومة المصرية تنوي تعديل قانون الانتخاب، بحيث تستبعد من قوائم الانتخابات أسماء الأميين، عندئذ فرحت درية شفيق رئيسة جمعية اتحاد بنت النيل عندما علمت أن الحكومة تنوي تعديل قانون الانتخاب عند مراجعة القوائم الانتخابية، عندئذ دعت المجلس التنفيذي لجمعيتها لعقد اجتماع في غرفتها في المستشفى، حيث كانت تُجري عملية جراحية، وفي هذا الاجتماع طلبت من عضوات المجلس أن يتصرفن وكأنهن متمتعات بحقي الانتخاب والترشيح، هذا إضافة إلى أنها قد طلبت منهن أن تختار كل واحدة دائرة انتخابية وترشح نفسها فيها وتدفع مصاريف الحملة الانتخابية، وقدرها مائة جنيه وقتذاك.

وقامت درية شفيق هي الأخرى بترشيح نفسها عن دائرة عابدين أثناء وجودها في المستشفى وأرفقت بأوراق الترشيح خطابا تقول فيه :


( أستبيح لنفسي ذلك لأني أطعن في المادة الواردة في قانون الانتخاب وهي مادة غير دستورية لأن الدستور يكفل المساواة في الحقوق السياسية لكل المصريين دون ذكر الجنس).


وبعد انتهاء موعد الترشيح ردت وزارة الداخلية من خلال الأحياء والدوائر الانتخابية على طلبات السيدات بأن الترشيح قاصر على من هو مقيد في جداول الانتخابات منذ خمس سنوات وهذا الشرط لا ينطبق إلا على الرجال فقط دون السيدات، وانتهت هذه الفترة بقيام ثورة 23 يوليو 1952 لتبدأ درية شفيق مرحلة أخرى من كفاحها المستميت؛ حيث إن درية شفيق قررت أن تقوم بعمل طالما هددت به أثناء اقتحامها البرلمان وعند لقائها بمحمد نجيب بعد يومين من قيام الثورة، وكان هذا العمل الاعتصام في نقابة الصحفيين والإضراب عن الطعام حتى الموت، كان ذلك ظهر يوم الجمعة 12 مارس 1954 حينما ذهبت السيدة درية شفيق إلى نقابة الصحفيين بعد أن تركت مع سكرتير مجلتها برقية طلبت منه أن يرسلها إلى كل أعضاء لجنة الدستور وإلى أعضاء مجلس قيادة الثورة وإلى شيخ الأزهر وإلى أعضاء نقابة الصحفيين وكل مكاتب مندوبي الصحف المصرية والأجنبية، وقد حملت هذه البرقية عنوان(الإضراب عن الطعام حتى الموت).


وتلا ذلك اعتصام العديد من السيدات بمدينة الإسكندرية مشاركة وتضامنا مع سيدات القاهرة، وأثناء اعتصام السيدات بنقابة الصحفيين تردد عليهن الكثير من المسئولين  لصرفهن عن الاعتصام والإضراب ألا أنهم لم ينجحوا في ذلك واستمرت السيدات في إضرابهن عن الطعام رغم البيان الذي نشر على صفحات الجرائد، لرئيس لجنة الدستور السيد علي ماهر والذي أوضح فيه أن اللجنة التي أقرت مشروع الدستور الجديد قد أقرت بما يقرب من الإجماع مبدأ تمتع المرأة المصرية بحقوقها السياسية، فقط عليها أن تتقدم بطلب لممارسة حق الانتخاب، والسبب في ذلك، كما ذكر في البيان أن الجمهرة العظمى من السيدات المصريات تنفر من إقحام نفسها في المجال السياسي قبل أن تتهيأ التهيئة التامة لهذا المجال، وبذلك تبدأ درية شفيق ومعها ثماني عضوات من اتحاد بنت النيل الإضراب عن الطعام ثمانية أيام في نقابة الصحفيين احتجاجا على استبعاد النساء من عضوية اللجنة التأسيسية لوضع الدستور.


وفي 1956 تم إغلاق جمعية بنت النيل ومعها كل الجمعيات الخاصة الأخرى، وتتولى الصحافة مهاجمة درية شفيق وتشن عليها حملة سخرية.


وفي يوم الأربعاء 6 فبراير سنة 1957 تبدأ درية الإضراب عن الطعام للمرة الثانية، ولكن هذه المرة في السفارة الهندية بالقاهرة، مطالبة بإنهاء الدكتاتورية في مصر، وفي نفس العام تم تحديد إقامة درية شفيق في منزلها، ثم إغلاق كل المجلات التابعة لدرية وكذلك دار النشر، واستبعاد اسمها رسميا من الصحافة.


وبذلك تبدأ درية فترة عزلتها الطويلة في مسكنها بالزمالك، وفي 1968 تطلب درية شفيق الطلاق من نور الدين رجائي، وفي 20 سبتمبر 1975 تضع حدا لحياتها بأن تلقي بنفسها من شرفة مسكنها بالدور السادس بعد فترة من الاكتئاب.

    الاكثر قراءة