أراد الله أن تكتمل الصورة والمنظومة الإبداعية
في مصر، فوهبنا ْشخص مبدع أثرى عدة فنون بروائع أعماله،إنه صلاح جاهين الرسام والشاعر والممثل والمغني وكاتب سينما ومسرح، وإن كنا قد رأينا أن تلك
المواهب تحسب لجاهين وتنصبه مبدعا في كل منها، إلا أنه أكد أن كل تلك المهن هي
نتيجة التردد وعدم الثبات، وهي الضياع ، فقد كان يبحث عن نفسه في كل مهنة منها،
ثم يتمرد وينتقل إلى مهنة أخرى بجانبها، أى لم تكن تلك المهن حسب قوله أنها سعيا
لإثبات البراعة، بل أكد أنه كان ضائعا ومازال يبحث عن نفسه.
وفى ذكرى مولده، نسرد
لمحات من حياة صلاح جاهين الشخصية.
جناية أمه عليه
تعلم صلاح القراءة والكتابة، حتى
أجادها وعمره 3 سنوات، فأمه كانت مدرسة واستقالت لتتفرغ لتربيته وتعليمه، وفي شهور
قليلة تعلم القراءة والكتابة والحساب، وفرحت أمه بما أنجزته لكنه أكد أنها بذلك
جنت عليه وندمت هي بعد ذلك ندما شديدا، والسبب حسب ما قاله جاهين أن حقنة
التعليم المبكر ظهرت أعراضها عنده وهو في نهاية المرحلة الثانوية، فقد مل الدراسة،
وما فائدة الدروس وقد تعلمها وهو مازال طفلا.
أبي دفعني للرسم
كان والد صلاح جاهين قاضيا وعندما
توفي كان رئيس محكمة الإستئناف، وأصر الوالد أن يأخذ ابنه مهنته، فألحقه بكلية
الحقوق بعد أن أنهى صلاح المرحلة الثانوية، لكنه لم يكن يحب القانون، وخرج من
الكلية كما دخلها، أما حبه للرسم فيعود أيضا إلى والده.
"هم يبكي وهم يضحك"
أصيب صلاح بالبلهارسيا
وهو في عمر 11 عاما عندما كان يستحم في ترعة في قليوب أثناء أجازته الصيفية، وذهب
إلى المستشفى للعلاج، والطريف في الأمر أنه شفي بسرعة من البلهارسيا لكنه ظل طريح
الفراش أربعة أشهر كاملة بسبب ساندويتشات تناولها من أمام المستشفى، وفي مرحلة
الشفاء كان والده يستعير الكتب من الجامعة الأمريكية بأسيوط ليقرأها لصلاح، ولفت
انتباهه كتاب "مشاهير المصورين"، وهو يرصد السير الذاتية لكبار الرسامين
العالميين من ليونارد دافنشي حتى فان جوخ، ومن هنا قرر صلاح أن يتخذ الرسم موهبته
الثانية.
أول قصيدة في حياته
أكد صلاح جاهين أن موهبته الأولى كانت
التمثيل، فقد مثل شخصية أحمس قاهر الهكسوس في فريق مدرسة أسيوط الثانوية، أما
الرسم فقد كان هوايته الثانية، فقد أعطاه مدرسه مصطفى رفيق الأرناؤوطي عدة لوحات
ليرسمها وينمي عنده موخبة الرسم، أما الموهبة الثالثة وهي الشعر فقد قال جاهين أن
شيطان الشعر ركبه وهو في عمر 15 عاما، فقد انطلقت مظاهرات عام 1946 في أسيوط تهتف
بسقوط الإنجليز والجلاء بالدماء، وسقط أحد الطلبة قتيلا في المظاهرات، فهزه الحدث
وسهر الليل كله ينظم أول قصيدة في حياته وكان مطلعها:
"كفكفت دمعي .. فلم يبق سوى جلدي ...
ليت المراثي تعيد المجد للبلد"، وأراد جاهين أن يلقي القصيدة في الغد وهو محمولا
على أعناق المتظاهرين، لكن جاء الغد ومعه قرار بتعطيل الدراسة، فجمع أمه وأبيه في
صالة البيت ووقف على كنبة مرتفغة وألقى عليهما القصيدة، ومن هنا أصبح الشعر هوايته
الثالثة.
عود قمح فوقه كرة قدم
قال صلاح جاهين إنه لم يكن سمينا،
فعندما شفي من مرض التيفود كان مثل عود القمح وفي آخره بدل السنبلة كرة قدم، فقد
ظل أربعة أشهر ممنوعا من الطعام، وبعد الشفاء أقبل على الطعام بشراهة، وفي سن
المراهقة هرب جاهين من تلك السن الحرجة إلى أطباق الطعام، ولم يكن يمارس أي رياضة،
فأصبح جسمه مترهلا، وأصبح 120 كيلو جراما بعد أن كان 36، وأكد أن ابنته أمينة زاد
زونها وهي في المرحلة الثانوية، فعمل جاهين كل الجهد لكي يجنبها مصيره في السمنة،
وعالجها في مصر ولندن حتى عادت إلى قواعدها "غصن البان".