الخميس 23 مايو 2024

عظيمات الطب الشرعى بـ "قصر العينى"

سيدتي25-12-2020 | 21:24

المرأة المصرية امرأة مجتهدة وأم عظيمة بطبعها، تبذل كل الجهد سواء فى بيتها أو فى ميادين العمل المختلفة من أجل تحقيق النجاح والتفوق، ومنذ أن فتحت هيلانا سيداروس، أول طبيية فى مصر، الباب أمام السيدات المصريات لدخول مجال الطب أظهرن نبوغا فيه، و مجال الطب الشرعى والسموم الإكلينيكية من الأقسام المهمة والصعبة التى اقتحمتها المرأة المصرية منذ السبعينيات، حيث تولت الدكتورة علية النجدى رئاسة قسم الطب الشرعى بـ"قصر العينى" من 1977 إلى عام 1982، و كانت تتمتع ، رحمها الله، بقوة الشخصية والحزم فى الإدارة، ثم تولت الدكتورة عزيزة كحيل، رحمها الله، رئاسة القسم 9 سنوات متتالية فى ظل ظروف صعبة، حيث كان يعانى فى ذلك الحين من قلة عدد العاملين فيه، ثم تولت الدكتورة نادية قطب رئاسته منذ عام 1996 إلى عام 2001 و كانت لهذه السيدة الفاضلة الكثير من الأيادى البيضاء على قسم الطب الشرعى، ففى عهدها تم تطوير التدريس لطلبة الفرقة الرابعة بكلية الطب، حيث بدأ التدريب العملى على كتابة التقارير الأصلية الأولى للحالات الإصابية باستقبال المستشفى بقصر العينى، وكذلك بدأ تطوير طرق الامتحانات إلى الاختيارات المتعددة وحل المشكلات.

 كانت د. نادية من أوائل الذين دعوا إلى تدريس آداب مهنة الطب و الأخطاء الطبية الشائعة منذ السنوات الأولى بكلية الطب، كما تم تقديم ومناقشة الكثير من  السيمينارات عن الموضوعات الطبية الشرعية وحالات السموم ليتم تبادل المعلومات الطبية وطرق العلاج بين أكبر عدد من أعضاء هيئة التدريس، ومن أهم إنجازاتها حضور أعضاء هيئة التدريس فى مشرحة زينهم التى تختص بتشريح الجثث و بيان ما بها من إصابات، وكتابة تقارير طبية شرعية عن الحالات التى يتم تشريحها إضافة إلى إقامة أول مؤتمر طبى شرعى سنوى يحضره جميع العاملين بالطب الشرعى والسموم بكل الجامعات المصرية والعاملين فى وزارة العدل، وفى عهدها تم إنشاء أول مجلة علمية عن العلوم الطبية الشرعية والسموم التطبيقية لتشجيع الباحثين على النشر العلمى، كما بدأ فى عهدها إجراء التحاليل للكشف عن السموم و المخدرات بمعمل القسم للمسافرين والموظفين، وتم عمل دورات تدريبية للأطباء عن آداب ممارسة المهنة و تلافى الأخطاء الطبية فى التعامل مع حالات التسمم، وكذلك إقامة دورات للعاملين بالبحث الجنائى في الكشف عن الأدلة الجنائية، ثم تولت د. دينا شكرى رئاسة القسم لفترتين، الأولى من 2008 إلى 2011، و الثانية من 2014 إلى 2018.

الدكتورة دينا شكرى، أول امرأة تشغل منصب رئيس الأكاديمية المتوسطية للعلوم الشرعية والأمين العام للرابطة العربية للطب الشرعى والسموم التابعة لاتحاد الأطباء العرب، إضافة إلى ما تتميز به من قوة الشخصية و حنكة الإدارة ودماثة الخلق، فهى تولى الأجيال الجديدة من شباب الباحثين اهتماما خاصا ورعاية مستمرة، وتحرص على تدريبهم سواء داخليا أو خارجيا فى بعض الدول الأجنبية  ليصبحوا كوادر طبية شرعية ناجحة متفوقة فى المستقبل، وأنا شخصيا تتلمذت على يديها، و هى من وضعتنى على أول طريق التميز والنجاح، إضافة إلى اهتمامها بعمل شراكات دولية مع الجهات العلمية لتبادل الخبرات بين مختلف الدول العربية والأجنبية لإثراء الحياة الطبية الشرعية فى مصر بكل ما هو جديد؛ فأقامت على مدى سبع سنوات مؤتمرا دوليا عن العنف الأسرى  بقصر العينى بالتعاون مع المركز الثقافى الألماتى لتقديم ونشر الأبحاث الخاصة بالعنف الأسرى بأنواعه سواء العنف ضد المرأة أو الأطفال أو الرجل أو كبار السن، وحقق هذا المؤتمر نجاحا دوليا كبيرا، ومن أهم إضافاته، السماح للطلاب من مختلف السنوات بكليات الطب من جميع الجامعات المصرية الحكومية والخاصة بعمل أبحاث والاشتراك بها من خلال مسابقات لاختيار أحسنها، وتكريمهم، وهو ما أثلج قلوب الكثير من  شباب الأطباء وشجعهم على المشاركة فى قضايا مجتمعهم، كما أسست دينا شكرى فى فترة رئاستها للقسم، وحدة الاستشارات القضائية، والتى تستقبل كثيرا من حالات العنف الأسرى، لكتابة التقارير الطبية الشرعية الخاصة بها، وهو ما أضاف ثقلا كبيرا للقسم وكل العاملين فيه.

والحقيقة أن قسم الطب الشرعى والسموم الإكلينيكية بقصر العينى فى الآونة الأخيرة أصبح مليئا بالطبيبات الشرعيات المتميزات من مختلف الأعمار والدرجات العلمية من أول درجة معيد إلى درجة الأستاذية، إضافة إلى كون معظمهن زوجات وأمهات، ولذلك فأنا أشعر بالكثير من الفخر لانتمائي لهذه الكوكبة من الطبيبات، حتى أن عدد السيدات أصبح أكير من عدد الرجال وهو ما يثبت أن المرأة المصرية قادرة على التوفيق بين متطلبات الزواج ومتطلبات العمل، بل وإصرارها على تحقيق طموحاتها فى العمل.

 وأود أن أشير إلى أن هؤلاء العظيمات بالقسم، سواء من ترأسنه أو ممن يعملن تحت إدارته نموذج واحد فقط لتفوق المرأة المصرية فى بقية الأقسام و التخصصات الطبية المختلفة، فالمراة عندما توكل إليها مهمة تؤديها على أكمل وجه مهما كانت صعوبتها، ولذلك قال سقراط عن المرأة "عندما تثقف رجلا فإنك تكون قد ثقفت فردا فقط وعندما تثقف امرأة فإنك تكون قد ثقفت عائلة بأكملها".