من واقع ما فعله فيروس كورونا في العالم، تنطلق الروائية المغربية عائشة البصري، في روايتها "كجثة في رواية بوليسية" الصادرة حديثا عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة في 126 صفحة من القطع المتوسط.
فمنذ ما قبل الدخول مباشرة في متن الرواية تؤكد عائشة البصري أنها كتبت أثناء فترة الحجر الصحي، في ظل انتشار جائحة كورونا، ثم تزيد الأمر تأكيدا عبر الإهداء: "إلى موتى وباء كورونا، في ذكرى موتي الأول".
وهكذا يخيم الموت على العمل بدءا من العنوان، ثم في الاستهلال الذي يتضمن اقتباسين، أولهما من رواية "العدوى" لباولو جيوردانو: ".. عندما تقرأون هذه الصفحات، سيكون الوضع قد تغير والأرقام اختلفت.. سوف ينتشر الوباء ويصل إلى جميع المناطق المتحضرة، أو سيتم ترويضه.. مهما سيحدث، ستظل تداعيات هذا الوباء قائمة، ذلك لأننا لا نتعامل مع حادث عرضي.. لقد حدث من قبل، وسيحدث مرة أخرى".
أما الاقتباس الثاني فهو من فيلم سينمائي، لم تحدد الكاتبة اسمه: "لا يبقى كل شيء على حاله، فيما كل ما يحيط بك هو الموت"!.
ومن جو الرواية "بقي مشهد واحد في الذاكرة.. آخر صورة قريبة وواضحة تماما.. أنا في بيتي، أجلس أمام التلفزيون، أشاهد برنامجا وثائقيا عن كرة صغيرة حمراء ناتئة.. لا ترى بالعين المجردة، تتجول في شوارع فارغة، تطير بين المدن والدول والقارات، تتسلل إلى بيوت الأغنياء والفقراء، والملوك والوزراء، تمتص الهواء من صدورهم، وتحصد الأرواح بالآلاف.. رعب وموت لا ينتهي. كنت جزءا من المشهد، أجلس في أحشاء الكاميرا، ألتهم الطعام بشراهة وأبكي بحرقة مدنا عرفت خطوي، وهي تفرغ موتاها بحاويات في مقابر جماعية.".
عائشة البصري شاعرة وروائية وقاصة، ترجمت أعمالها للعديد من اللغات الأجنبية، حازت على جائزة كاتب ياسين للرواية، الجزائر 2016، جائزة سيمون لاندراي للشعر، باريس 2017، وجائزة معرض الشارقة الدولي للكتاب 2018.