لايزال الإبحار في سفينة الإبداع التدريبي الأوروبي
مستمر من خلال الغوص في المدارس التدريبية المختلفة، إلا أن الكثير منها كان يلتزم
بموروثه التقليدي، فالكرة الإيطالية مثلا تعتمد علي الدفاعات الحصينة والهجوم
المعاكس، أما الإسبانية والبرتغالية والهولندية تتسم بالمهارة الفنية، بينما الإنجليزية
منهجها القوة البدنية والسرعة واللعب المباشر وتقترب إليها الألمانية مع ندرة في المهارات
الفردية.
ومع التطور الفني بدأت بعض المدارس الكروية
تستدعي فكرة العولمة الكروية عن طريق استبدال أسلوب لعبها أو إدخال بعض المتغيرات
عليه لأسباب مختلفة منها عدم توافر اللاعبين الذين بمقدورهم تنفيذ هذه الطرق في الملعب
أو لقلة الميزانيات المالية.
فإذا نظرنا إلى المدرسة الإسبانية فهي من أفضل المدارس
الكروية من ناحية المتعة والمهارة و الجماعية وما زالت تحافظ عليه حتى الآن ولكن
سيطرة الغريمان في الفترة الأخيرة ريال مدريد وبرشلونة، جعل بعض الأقران يبحثون عن
التتويجات ومجاراتهما، ولبعد المسافات المادية وعدم القدرة علي شراء نجوم عالميين،
استعان الأتليتيكو بمدرب طبق المنهج الإيطالي الكلاسيكي الذي يعتمد علي الدفاع
الصلد وإحراز الأهداف من الهجمات المرتدة ثم غلق الملعب ونجح واستطاع الوصول لنهائي
دروري أبطال أوروبا في زمن السيطرة الكلية من البارسا والريال والبايرن علي الكرة
الأوروبية.
أما في إيطاليا ففاعلية الكرة الإيطالية
المعروفة لم تعد كما كان في العهد الماضي فحاول الإيطاليون تغيير الفكر و الأسلوب
بداية من اليوفنتوس عن طريق بيرلو، وكونتي في الإنتر وصولا لروبرت مانشيني مع
المنتخب الإيطالي الذي اعتمد علي القليل من المهارية في التنفيذ و تدوير الكرة
بشكل جماعي وزيادة الجرأة الهجومية، كما أن الكرة الألمانية بدأت تأخذ منحنى غير
المعتاد من اللعب المباشر والسرعة إلي طريقة التيكي تاكا الجوارديولية التي غرسها
وقت قيادته للبايرن لمدة موسمين قبل الذهاب للمان سيتي الإنجليزي فبدأت أندية ألمانية
في دمج المهارة الفنية والعمق التكتيكي الألماني ولأحيانا الطريقة الإيطالية
كدورتموند.
ولم نلاحظ تغييرا في الكرة البرتغالية والهولندية
فما زال الاعتماد علي المهارة الفنية واللعب الشمولي والسرعة هو الغالب وخاصة
الهولندية فلم تعد يسمع لها ذاك الصيت الواسع في أوروبا عبر الأندية والسبب يعود إلي
تأخرهم في الاستعانة بالمدارس الكروية.
وإذا نظرنا إلي إنجلترا فلم تشذ عن هذه القاعدة
من خلال استقدام مدربين من مختلف المدارس وأحدث هذا تغييرا طفيفا في طريقة اللعب
خاصة السيتي والارسنال، كما أن قائمة الفائزين بأفضل لاعب غالبيتهم أوروبيين إلا الفرعون
المصري محمد صلاح وأجويرو "الأرجنتيني" والسمة التي تجمع بين هذين الأخيرين
هي المهارة الفنية وهذا نتيجة للاعتماد على مدربين نقلوا أسلوب لعب مدارسهم
الكروية أمثال يورجن كلوب وجوارديولا الذي أراد أن يبدل طريقة لعب مانشستر كليا إلي
الطريقة الإسبانية كما فعل مع البايرن وما يؤكد ذلك هو قدوم جوارديولا إلي المان السيتي.
فحتى إنجلترا لم تستطع المقاومة أمام فكرة
العولمة الكروية رغم توافر الإمكانيات المادية.
فكرة القدم تتجه إلى عولمة كروية حقيقية فإذا استمرت
الحالة كما هي فلن نرى صراعا بين مدارس كروية كما في السابق، بل صراع بين أفكار
مدربين .