الثلاثاء 30 ابريل 2024

«تحليل الخطاب الروائى».. صورة دقيقة وشارحة لبناء الشخصية داخل الرواية

فن28-12-2020 | 16:08

صدر مؤخرًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور هيثم الحاج على، كتاب جديد بعنوان "تحليل الخطاب الروائي" للباحث كمال اللهيب، جاء الهدف الرئيسى لهذا العمل محاولة لسبر أغوار الخطاب الروائى حيث الوقوف على مكوناته ومقوماته الأساسية من خلال إستنباط الفلسفة الكامنة خلفها وخلف تشكيلاته السردية، عبر تناول تطبيقى لمجال الأعمال الروائية للكاتب "محمد ناجى".

حاول اللهيب، أن يدرس مجمل الخطاب الروائي عند الكاتب محمد ناجى، انطلاقا من إتخاذ الشخصية الفنية كمدخل نقدى وذلك عن طريق بناء متن نقدي يتناول فيه الشخصية بصورة بانورامية، ويرصد تشابكاتها وتفاعلاتها مع مجمل عناصر البنية السردية.

يرتكز اللهيب على عنصر الشخصية والذى يعد أهم مرتكزات فن الرواية، وقد جاء الكتاب في 285 صفحة من القطع المتوسط مكونا من أربع أبواب، فى الفصل الأول يتحدث عن البعد الخارجى وهو الذى يمثل الكيان الفسيولوجى ويشمل المظهر العام والسلوك الظاهري للشخصية ويشمل البعد الخارجى كل من الجنس "ذكر/أنثى"، العمر، الطول، الوزن، لون الشعر، العينين والجلد، الهيئة والوضع والمظهر، وهكذا.

أما في الفصل الثاني، يأتى البعد الداخلى مرتكزا على كل ماهو غير مدرك بصورة مباشرة أو عينية وبحسب كمال اللهيب، فإن مكونات البعد الداخلي للشخصية في الخطاب الروائي عند محمد ناجي، تترابط وتلتحم مع بعضها البعض بحيث يصبح من الصعب الفصل أو التمييز بينهما بشكل قاطع.

يشكل الخطاب الروائي عند محمد ناجي، كما يرى اللهيب، عالما فنيا تشغله مجموعة من الشخصيات الرئيسية التى يمكن أن تختلف فى صفات وسمات كثيرة ولكنها تجتمع فى مكون مشترك ألا وهو القلق، فالشخصيات عنده غير مستقرة ولا تهتدى إلى سبيل أو إلى عقيدة تمنحها بعضا من الثقة، وهذا القلق يأتي في أكثر من نمط داخل عالمه الروائى فهناك القلق الوجودي والقلق المكاني، القلق الفكري والمعرفي.

يناقش اللهيب في الفصل الثالث البعد الإجتماعي، في الخطاب الروائي عند ناجي، ويرصد حركية التاريخ وهى الحركية التى لا تحدث إلا فى إطار مجتمعى، فيحدث ذلك التفاعل بداخله وهو التفاعل الذى من طبيعته ألا يتم بين قوى وهمية أو إفتراضية، وإنما بين قوى اجتماعية معينة ومحددة إجتماعيا فى صورة نماذج أو فئات إجتماعية، فكما هو معروف أن بنية الرواية ما هى إلا ثمرة للبنية الواقعية السائدة الإجتماعية والحياتية والثقافية على السواء.

يواصل كمال اللهيب فى الباب الثاني دراسة الشخصية الروائية، فيعرض آليات تقديم الشخصية فى ثلاثة فصول، يأتي الفصل الأول ليناقش التقديم المباشر للشخصية من خلال الوصف وهو إحدى أساليب تقديم المكان والأشياء وهو لون من ألوان التصوير أو التشخيص الخاص الذى يخضع لرؤية الكاتب، فهو أحد الآليات السردية المهمة في الخطاب الروائي، والذي يقوم بعدة وظائف منها تحديد البعد الخارجى للشخصية التى ينبغى على الكاتب تقديمها، كذلك البعد النفسى "الداخلى"، البعد الإجتماعى.

 ثم فى الفصل الثانى يقوم اللهيب بعرض لمفهوم العلم وأهميته ووضعه بين القصدية والاعتباطية فى الخطاب الروائى، ثم استعراض أنواع اسم العلم فى الخطاب الروائي عند الكاتب محمد ناجي، وفى الفصل الثالث يستعرض الكاتب آليات التقديم غير المباشر للشخصية من خلال الحوار، فهو يحمل أهمية كبيرة فى الخطاب السردى حيث بإمكانه أن يثير فينا عبارات حوارية واحدة لا نستطيع أن تثيره فينا صفحة كاملة من السرد، وفى خضم ذلك يحدد اللهيب صيغ الحوار وأهم وظائفه فى البناء السردى.

يعرض كمال اللهيب في الباب الثالث علاقة الشخصية وعناصر البنية الفنية من خلال علاقة الشخصية بالزمن السردى والتأكيد على ضرورة ارتباط الزمان بالمكان باعتبارهما مرتبطان بإطار الوجود خصوصا لعالم الظواهر فيه، أما فى الفصل الثانى فهو عن الشخصية والفضاء المكاني ، فالمكان كبنية من بنيات العمل الفنى يدخل فى شبكة العناصر المكونة له ويصبح خلقًا جديدًا بدخوله منظومة العمل الفنى.

 يرصد الكاتب فى كل الفصلين أنماط الزمن التى تقع فى البناء السردي للرواية والذى يأخذ كل منهما أشكال متعددة من أجل بناء سردي محكم، أما فى الفصل الثالث فيتطرق فيه الكاتب إلى الشخصية وعلاقتها بالحدث، فالشخصية تعرف بأنها كائن له سمات إنسانية منخرط فى العمل، وهناك إرتباط وثيق بين الشخصية والحدث، حيث جعل الشخصيات التى لا تشارك في الحدث، تنتمي إلى الوصف، الشخصية ما هى إلا كل مشارك فى أحداث الرواية سلبا أو إيجابا، أما من لا يشارك فى الحدث فلا ينتمى إلى الشخصيات بل يكون جزءً من الوصف، ويحدد الكاتب موقع أنواع الشخصيات فى الخطاب الروائي حيث الشخصيات الرئيسية والثانوية.

وفى الفصل الرابع والأخير، يتحدث الكاتب عن "الشخصية واللغة" من خلال آليات عدة منها التناص "التفاعل النصي" وذلك من خلال تحديد التناص في الخطاب الروائي عند محمد ناجى، ويحدد الكاتب أنواعه حيث التناص التاريخي، التناص الشعبى، التناص الذاتى، الأمثال الشعبية، التناص مع القرآن الكريم، كما يحدد أيضا الأساليب اللغوية داخل الخطاب الروائي والتى تشمل: لغة التعاويذ والرقى والأساليب اللغوية المهنية، الأسلوب الملحمي واللغة الشارحة.
    Dr.Randa
    Dr.Radwa