أدت جائحة كورونا إلى تداعيات سلبية على الاقتصادات في كل أنحاء العالم ومن بينها مصر، حيث تراجع معدل النمو عما هو كان مستهدفا، إلا أنه وبشهادة المؤسسات الاقتصادية الدولية يظل من أعلى معدلات النمو في العالم، فيما توقع خبراء اقتصاد أن يحقق الاقتصاد في العام المقبل 2021 معدل نمو إيجابي بفضل المشروعات القومية التي تنفذها الدولة.
ومن المتوقع أن يصل معدل النمو الاقتصادى في مصر عام 2019/2020 إلى 3.5%، ليظل من أفضل معدلات النمو في العالم، حيث إنه بدون التدخل الحكومي كان من المتوقع أن يبلغ معدل النمو 1.9% في ذات العام، وفقا لما أكدته الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط، في تصريحات سابقة لها.
وتوقع البنك الدولي عودة النمو الاقتصادي في مصر إلى مستوياته ما قبل الجائحة في 2022/2021، حيث من المتوقع أن تنفرد مصر بتحقيق معدل نمو إيجابي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العام المالي الحالي 2020/2021، فيما توقع تقرير لصندوق النقد الدولي أن تُسجل مصر ثانى أعلى معدل نمو اقتصادى فى العالم بنسبة 3.6%.
ارتفاع معدل النمو
وفي هذا السياق، قال الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار، إن عام 2020 شهد تحديات ضخمة على العالم أجمع بسبب جائحة كورونا، ومن المتوقع أن تستمر هذه التحديات في 2021، مشيرا إلى أن الأزمة لا تزال تسيطر على العالم كله، وستؤثر تداعياتها ليس على مصر فقط إنما العالم أجمع، وأشهر القطاعات المتضررة هي السياحة وحركة النقل والسفر بين دول العالم مما يؤثر على حركة التجارة الدولية.
وأوضح أستاذ التمويل والاستثمار في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن مصر تتحرك تحركا إيجابيا لمواجهة بعض التحديات الهامة وستكون فائزة بنسبة كبيرة بنجاحها في التغلب على عدد من الصعوبات مثل الحلول الجذرية لمشاكل الطاقة والإسكان أو القطاع العقاري على وجه التحديد الذي حقق طفرات إنشائية كبيرة، وما ينقصه مزيج من الترويج، مضيفا أن هناك تحرك كبير في النشاط الصناعي عبر المناطق اللوجيستية في قناة السويس وتطويرها.
وأضاف "بدرة" أن هذا التحرك يعزز تحقيق معدل نمو إيجابي، فمصر حققت معدل نمو تقريبا 3.6% في عام 2020، ومن المتوقع أن نحقق أعلى من ذلك في العام المقبل 2021، نتيجة نشاط بعض الشركات والمشروعات خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن معدل التضخم ينحسر انحسارا مقبولا، مما يعني إنتاجية جيدة.
وأكد أن سعر صرف العملة في تحسن حيث ارتفع سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات وخاصة الدولار، مما قد يؤدي إلى تحسن الاستثمارات والصادرات خاصة بعد ارتفاع الصادرات الزراعية خلال العام الجاري، مضيفا أنه من المهم استمرار الدولة في تنفيذ المشروعات القومية التنموية وجذب المزيد من الاستثمارات الجديدة، لأن الاستثمار يعد قضية حياة أو موت يعوض خسائرا تعرضت لها الدولة منذ 2011 بمليارات الدولارات.
وأشار إلى أنه إذا استعادت مصر ثقة الاستثمار الأجنبي بخاصة المباشر سيحقق التنمية المنشودة، مؤكدا ضرورة استمرار عقد لقاءات دورية بين المسئولين والأجهزة الحكومية والمستثمرين مما يسهم في زيادة الثقة بين الطرفين وحل الصعوبات التي قد تواجه الاستثمار.
المشروعات القومية والفرص الاستثمارية
ومن جانبه، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن جائحة كورونا أدت لتعرض الاقتصاد المصري لخسائر كبيرة كما أضرت بالعالم أجمع ومن المتوقع أن تظل هذه التداعيات خلال 2021 نتيجة الموجة الثانية للجائحة، مضيفا أن وضع الاقتصاد المصري يظل أفضل من اقتصادات عديدة في العالم، فمن المتوقع أن تحقق مصر معدل نمو إيجابي قد يصل لنحو 3.5%.
وأوضح "الإدريسى" في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أنه من المتوقع أن يتراجع التضخم، حيث عدل البنك المركزي من مستهدفاته بالنسبة للفترة المقبلة لتراجع التضخم ليكون 7% بدلا من 9% في 2020، مضيفا أنه من المتوقع في 2021 أن تظل عجلة الإنتاج مستمرة في ظل المشروعات القومية التي تنفذها الدولة والفرص الاستثمارية الواعدة التي تطرحها مما سيقلل من خسائر الجائحة.
وأضاف الخبير الاقتصادى أن مواجهة تداعيات الجائحة يتطلب أيضا استمرار المشروعات التنموية التي تنفذها الدولة، وكذلك الترويج للفرص الاستثمارية بشكل أكثر كفاءة، وحوافز أكثر ومبادرات لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة للحفاظ على الاستثمارات القائمة وتقديم العديد من التسهيلات لهم لتشجيعهم على الاستمرار في العمل، مؤكدا أن كورونا أثرت على هذه المشروعات سلبا ونحتاج للحفاظ على معدلات التشغيل لهم.
وأكد أن الدولة نفذت مشروعات كبيرة لدعم القطاعات المنتجة مثل الزراعة والصناعة، ويجب تعزيز جهود القطاع الخاص في هذين المجالين، مشيرا إلى أهمية تنظيم عمل التجارة الإلكترونية وخاصة في ظل زيادة الاعتماد عليها خلال أزمة كورونا، مما سيسهم في تقليل الخسائر التي واجهها الاقتصاد المصري خلال الأزمة.
وأشار الإدريسى إلى أهمية استمرار جهود الدولة في ومضاعفتها في الجانب الاجتماعي مثل حياة كريمة وتكافل وكرامة، مع التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والمسئولية المجتمعية لرجال الأعمال لأن محدودي الدخل والفقراء هم الفئات الأكثر تضررا من تداعيات كورونا، فضلا عن زيادة رعاية العمالة غير المنتظمة وتنظيم المبادرات التي تقدم لهم، وألا تقتصر على المساعدات المادية، بل توفير مشروعات إنتاجية لهم لخلق عمل دائم لهم.
الإصلاح الاقتصادي السبب
وقال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن جائحة كورونا هي التحدي الأكبر الذي يواجه الاقتصاد المصري في 2021، ولولاها كان من المتوقع أن يصل معدل النمو الاقتصادي لأكثر من 5% لكنها أدت إلى أن يبلغ معدل النمو نحو 3%، وهو بموجب المؤسسات الدولية هو من أفضل معدلات النمو في الدول النامية.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن السبب وراء هذا النجاح هو الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته الدولة منذ 2016، والذي لولاه لكان انهار الاقتصاد المصري، فضلا عن وجود بنية أساسية ساهمت في تحقيق الاستقرار في كافة المجالات، مضيفا أن كورونا أدى إلى انهيار قطاعي السياحة والطيران، لكن رغم ذلك لم يشهد الاقتصاد انهيارا.
وأكد أن الفيروس لا يزال يهدد العالم وهو أمر مستمر في 2021 ، والدولة لا ترغب في الوصول إلى مرحلة الغلق مرة أخرى الذي قد يؤدي إلى مشكلات وتداعيات سلبية كبيرة، لذلك ينبغي على الجميع الالتزام بالإجراءات الاحترازية، مضيفا أن هذه الجائحة أدت إلى توقف العديد من المشروعات فكان من المفترض أن يتم افتتاح المتحف المصري الكبير خلال هذا العام.
وأضاف أن المشروعات القومية معظمها مستمرة مثل الطرق والكباري والبنية التحتية وتطوير قطاع الاتصالات والنظم والمعلومات والمصانع وكافة إنشاءات الدولة، موضحا أن المخزون السلعي متوافر ويكفي حتى 6 أشهر، ويجب على الجميع تحمل مسئوليته حتى انتهاء هذه الجائحة.