قال عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" إن الجانب الصيني يأمل أن تعود الإدارة الأمريكية القادمة إلى ما وصفه بـ "نهج معقول"، وتستأنف الحوار مع الصين، وتعيد العلاقات الثنائية إلى طبيعتها، وتبدأ التعاون مجددا.
وأضاف وانغ -خلال مقابلة مع وكالة أنباء شينخوا ومجموعة الصين للإعلام تم بثها اليوم السبت- "أن العلاقات الصينية-الأمريكية وصلت إلى مفترق طرق جديد، وثمة نافذة جديدة للأمل تفتح. وأنه خلال الأعوام الأخيرة، شهدت العلاقات الصينية-الأمريكية صعوبات غير مسبوقة. وكل هذا يرجع بالأساس إلى التصورات الخاطئة الخطيرة لصانعي السياسات الأمريكيين إزاء الصين، فبعضهم يتصور الصين على أنها ما يسمى بأكبر تهديد وإن سياستهم حيال الصين التي ترتكز على هذا التصور الخاطيء، خاطئة تماما".
وتابع :"ما حدث يبرهن على أن المحاولة الأمريكية لقمع الصين وإطلاق حرب باردة جديدة لم تضر على نحو خطير بمصالح الشعبين فحسب، بل سبب أيضا اضطرابات خطيرة للعالم. ولن تجد هذه السياسة دعما ومآلها إلى الفشل. وأن سياسة الصين تجاه الولايات المتحدة متسقة ومستقرة، ونحن على استعداد لتطوير علاقات مع الولايات المتحدة تقوم على التنسيق والتعاون والاستقرار".
واستطرد "نعلم أن البعض في الولايات المتحدة لا يشعر بارتياح إزاء التنمية السريعة للصين، ولكن السبيل الأمثل للحفاظ على ريادة المرء هو مواصلة تحسين الذات، وليس إعاقة التنمية لدى الآخرين"، مشيرا إلى أنه طالما أمكن للولايات المتحدة استخلاص الدروس من الماضي والعمل مع الصين في ذات الاتجاه، فإنه بمقدور البلدين حل الخلافات من خلال الحوار وتوسيع المصالح المتقاربة من خلال التعاون.
وحول القضايا العالمية الساخنة، قال وزير الخارجية الصيني إن الصين تأمل في تهدئة القضايا الساخنة وأن تفضي محادثات السلام إلى سلام حقيقي، وإن الصين بوصفها عضوا دائما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ودولة كبرى مسؤولة، تسعى لاكتشاف طريقة مميزة لحل القضايا الساخنة.
وأوضح "نتبنى رؤية للأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام للعالم، ونرى أن الخلافات الإقليمية يجب حلها من خلال الحوار والتشاور. ونؤيد عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وهي قاعدة أساسية تحكم العلاقات الدولية.
نتحدث عن العدالة من منظور واقعي ومعقول. ونسعى إلى حلول تناسب الواقع الإقليمي وتستوعب مصالح كافة الأطراف. وبذلنا ما في وسعنا لحماية السلام والهدوء في العالم".
وأضاف وانغ أنه خلال العام الماضي، وبينما دعمت الصين بقوة خطة العمل الشاملة المشتركة حول برنامج إيران النووي، انضمت الصين إلى المجتمع الدولي في معارضة الخطوات التي لا تتوافق مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مشيرا إلى أن الصين طرحت مقترحا بناء لإقامة منصة جديدة للحوار متعدد الأطراف لمنطقة الخليج، وقدمت دعما قويا لقضية فلسطين العادلة وتمسكت بقوة بالاتجاه الصحيح المتمثل في "حل الدولتين"، وواصلت دعم النهج المتدرج والمتزامن لتحقيق هدفي نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية وإرساء آلية للسلام، وسهلت بناء توافق بشأن المصالحة الوطنية في أفغانستان وكذلك المصالحة بين اللاعبين الإقليميين، ودعمت المحادثات بين الفرقاء الأفغانيين، وتوسطت بين بنجلاديش وميانمار في معالجة خلافاتهما وساعدت في الحفاظ على الاستقرار العام في شمالي ميانمار.
وفيما يتعلق بالدول الكبرى التي تلعب دورا محوريا في مختلف القضايا الساخنة، أعرب وانغ عن أمله أنه بدلا من المصالح الأنانية لأي أحد أن تأخذ تلك الدول في الحسبان المصالح الحقيقية للدول الإقليمية ورفاهية جميع شعوب العالم، وتضطلع بمسؤولياتها الواجبة وتلعب دورا بناء في تسوية الخلافات.
وبالنسبة للاستجابة العالمية لكوفيد-19، قال عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" إن الصين ستواصل دفع التعاون العالمي للاستجابة للوباء، وتعزز الوقاية والمكافحة المشتركة، وتساعد الدول والمناطق التي تحتاج إلى المساعدة، قائلا: "لن نتوانى مطلقا عن هذه الجهود حتى تحقق البشرية نصرا نهائيا ضد كوفيد-19".
ولفت إلى أن الصين كانت أول دولة في الإبلاغ عن حالات للعالم، واتخاذ أشد التدابير صرامة لمكافحة الفيروس، وإجراء أوسع التبادلات نطاقا عبر الإنترنت بشأن الاستجابة للوباء، وتقديم المساعدة الماسة من خلال إطلاق أكبر حملة إنسانية طارئة عالمية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، وبذل الصين ما في وسعها كأكبر منتج للإمدادات الطبية وكونها كانت أول دولة تتعهد بجعل اللقاح منفعة عامة عالمية.
ونوه إلى أنه لمساعدة الناس في أنحاء العالم في السيطرة على الفيروس، قدمت الصين مساعدات إلى أكثر من 150 دولة و10 منظمات دولية، وأرسلت 36 فريقا طبيا إلى 34 دولة بحاجة إلى مساعدة وقدمت تمويلا إلى منظمة الصحة العالمية ووكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة، كما قدمت الصين للدول حول العالم أكثر من 220 مليار قناع طبي و25ر2 مليار بدلة واقية وأكثر من مليار مجموعة اختبار.
وحول العلاقات بين الصين وأفريقيا، قال وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" إن الصداقة بين الجانبين أصبحت أقوى جراء اختبار كوفيد-19 في العام 2020، وإنه بصفة الجانبين المشتركة كجزء من العالم النامي، تضطلع الصين وأفريقيا بمسؤولية تعزيز ودفع مصالح الدول النامية.
وأضاف أن الصين وأفريقيا عززتا تنفيذ النتائج والثمار التي توصلت إليها أثناء قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي (فوكاك)، وجعلتا من مبادرة الرعاية الصحية أولوية قصوى، وأن الصين وقعت اتفاقيات تعليق خدمة الديون مع 12 دولة أفريقية، وقدمت إعفاءات لقروض بدون فوائد مستحقة الدفع لـ15 دولة أفريقية، معتبرا أنه بعد 20 عاما من تأسيسه، أصبح (فوكاك) نموذجا جديدا للصداقة والتعاون والتنمية المشتركة بين الدول النامية.
وأوضح "قمنا معا بصياغة وتنفيذ خطط التعاون العشر والمبادرات الثماني الرئيسية المنصوص عليها في فوكاك.
وبمساعدة الصين، تم بناء أكثر من 6000 كيلومتر من السكك الحديد، و6000 كيلومتر من الطرق، وحوالي 20 ميناء وأكثر من 80 محطة طاقة كبيرة في أفريقيا. وارتفع حجم التجارة الثنائية بـ 20 ضعفا، ونما استثمار الصين المباشر في إفريقيا بـ 100 ضعف. لقد قمنا بتوسيع التعاون مع أفريقيا في أشكال أعمال جديدة مثل الاقتصاد الرقمي والمدن الذكية والطاقة النظيفة وتكنولوجيا اتصالات الجيل الخامس (5 جي)، وهذا أسهم بالتالي في تعزيز التنمية عالية الجودة لتعاون الحزام والطريق بين الجانبين".
وفي إشارة إلى أن الصين وأفريقيا ستعقدان اجتماعات منتدى التعاون الصيني- الأفريقي في السنغال خلال العام الجاري، قال وانغ إن الصين ستعمل مع أفريقيا في المجالات الثلاثة ذات الأولوية المتمثلة في التعاون في مجال اللقاحات، والانتعاش الاقتصادي، والتنمية التحويلية لبناء إجماع جديد حول التضامن، مع فتح آفاق جديدة للتعاون، وتقديم فوائد جديدة للشعوب.
وبشأن العلاقات مع دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان)، أعرب عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" عن استعداد الصين للعمل مع دول الرابطة لإثراء وإغناء الشراكة الاستراتيجية وتوجيهها نحو عصر جديد من السلام والتنمية والتعاون من أجل المنطقة.
وأضاف أن الجانبين أصبحا أكبر شريكين تجاريين لبعضهما البعض للمرة الأولى في العام 2020، وتم الدفع بشكل مشترك للتوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية، التي أثمرت أكبر منطقة تجارة حرة واعدة في العالم ذات أكبر عدد سكان وأكبر تكتل اقتصادي، وهذا يعتبر اختراقا تاريخيا في تعاون الصين-آسيان.
وحول العلاقات مع أوروبا، قال وانغ إن الصين مستعدة لتعزيز التنسيق مع الاتحاد الأوروبي لإبقاء العلاقات على المسار الصحيح، مؤكدا أن الجانبين شريكان استراتيجيان على نحو شامل، وليسا خصمين بشكل منهجي، وأن "المهمة الأهم هي مواجهة التحديات العالمية بشكل مشترك، ودفع عالم متعدد الأقطاب، والعولمة الاقتصادية، وديمقراطية أكبر في العلاقات الدولية، وضخ المزيد من الاستقرار واليقين في عالم مضطرب ومتغير".
وتابع :"أعلن الرئيس الصيني والقادة الأوروبيون استكمال المفاوضات بشأن اتفاقية الاستثمار بين الصين والاتحاد الأوروبي، ما أضاف زخما جديدا وقويا للتعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي. كما أنه نبأ سار للاقتصاد العالمي المتعثر"، مشددا على أنه في عام 2020 حققت الصين والاتحاد الأوروبي تقدما جديدا في علاقاتهما رغم كوفيد-19، مشددا على أن الصين ستظل داعما للتكامل الأوروبي، واستقلالية استراتيجية أكبر للاتحاد الأوروبي، ودور أكبر للاتحاد في الشؤون الدولية.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع روسيا، قال "وانغ يي" إن الصين وروسيا ستظلان مثالا على علاقات حسن الجوار والصداقة بين الدول الكبرى، وتضيفان زخما للانتعاش العالمي، وتدعمان الاستقرار الاستراتيجي العالمي، مشيرا إلى أن عام 2021 يتمتع بأهمية خاصة للعلاقات الصينية الروسية، حيث سيدخل البلدان مرحلة تنمية جديدة، وأنه مع التركيز على المهمة المركزية المتمثلة في تنفيذ التفاهمات المشتركة بين الجانبين، سيستغل البلدان فرصة الذكرى السنوية العشرين لتوقيع معاهدة حسن الجوار والتعاون الودي لتجديد التزامهما المشترك بتحقيق السلام الدائم والتعاون المربح للجانبين.