ياما كان نفسي إن الأستاذ الدكتور سعد الدين هلالى والسيد الأستاذ الداعية خالد الجندى وغيرهما من المهتمين بمسألة وقوع أو عدم وقوع الطلاق الشفوى، أن يهتما بحقوق المرأة المهدرة في القانون الجنائي المعمول به في المحاكم وما في بعض مواده التى وضعت وبعضها تغير وبعضها لم يتغير منذ أن صدر بسراي عابدين في 21 يوليو سنة 1937، ولعلها فرصة أن أدعوهما من منصة بوابة الهلال فلى استغلال جماهيريتهما العريضة مكانتهما الإعلامية وقدرتهما الخطابية على الإقناع لكونهما أشد تأثيرا وأكثر نفيرا، لمراجعة كثير من المواد التى تجحف حق المرأة وتزدرى بمكانتها وتحط من قدرها ونفسك معانا يا سيادة الدكتورة مايا مرسي رئيسة المجلس القومى للمرأة:
وأول هذه المواد هي ما ورد في قانون العقوبات بخصوص دعاوى الزنا بصفتها العقوبات والإجراءات المتعلقة بأخطر خطر يمكن أن يهدد كيان الأسرة المصرية ويمس الكرامة والشرف ويلوث سمعتها، فبالله عليكم جميعا اسمعونى في هذه "الدعوة" التى سبق أن أثرتها على صفحات جرية الأهرام منذ ما يزيد عن 15عاما وما من مجيب إلا بعض المكلومات ممن مسهن السوء ولم يسمع أنينهن الصاعد من أرض مصر، لكن ما من يد حانية ولا آذان لتسمع للزفرات الحزينة.. بس فالحين نصرخ في الميادين عن حقوق المرأة ورفعة شأن المرأة وضرورة أن تكون المرأة..
وها نحن يا أعزائي وعزيزاتى نرى في البرلمان، أكبر نسبة تمثيل للمرأة في مجلس نيابي على مدى التاريخ المصري، فليتهن يسمعننى مع من دعوتهم للسمع آنفا.. ومن كانت له أذنان للسمع فليسمع:
فيا أيتها السيدات ويا أيها السادة: فضكم بقى من التلبس والاعتراف أو الأوراق والصور والمكاتيب والأوراق وركزوا معي "الله لا يسيئكم" في أول ما سأعرض له من هذه المهازل والمتمثلة آخر ما جاء في المادة 267 من قانون العقوبات والتى تنص على أنه "الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هي القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة منه أو وجوده في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم".
آه وحق النعمة الشريفة "زي ما بقولكم كده يا عالم.. القانون يقرر بأنه هناك مكان في شققنا التى لا يكاد غالبيتنا يستديرون في رجا من أرجائها وتتملكنا الحيرة إذا ما أردنا إضافة قطعة أثاث جديدة أو استبدالها ولو مكتب صغير للواد يذاكر عليه.. ثم يأتى السيد المبجل واضع قانون العقوبات المصري وخلفاؤه ويصرون على أن هناك لايزال يوجد في بيوتنا "حرملك" و"سلاملك" وأوضة المسافرين.
بل أعجب أن نظام البيوت المصرية في حين صدور القانون الحالى في عام 1937، لم يكن في معظمها ما يعرف بالحرملك، ذلك النظام الذى خلفه الحكم التركى والمملوكي من قبله ولم يكن يعرف إلا في قصور السلاطين والأمراء والأتابكة والشاهبندر والباش أغا.
فحتى في عصور مصر القديمة، لم يكن هناك حرملك وكانت المرأة المصرية تعيش في عرض وطول بيتها، فلا مكان مخصص للحريم حين صدور القانون ولكنها بقيت واستقرت ورسخت ولم يفكر أحد في تعديلها طوال 84 سنة تبدلت فيه مواد القانون عدة مرات حتى لم يكد يبق سواها لم يعترية تبديل ولا تغيير، اللهم غير الديباجة المزينة بأسماء صاحب الجلالة فاروق الأول ملك مصر وتوقيع حضرة صاحب المعالى مصطفى النحاس رئيس الوزراء.
فما هو المكان المخصص للحريم.. سيقول قائل إنه يفهم منه غرفة النوم ولكن هذا مردود عليه بأن ما نص عليه القانون الجنائي لا يجوز فيه القياس ولا الاجتهاد ولا الاستصحاب ولا المصالح المرسلة ولا أي شيء مما كان يعمل به في الفقه الإسلامي المتهم بالجمود والظلامية والرجعية وا.. وا.. وا.
فماذا لو دخل الزوج فوجد الأسطى السباك - مثلا- في الحمام الملحق بغرفة النوم وقد حدث في إحدى القضايا أن اتهم زوج زوجته بالزنا عندما أخبره ابنه الطفل الصغير بأن "فيه راجل جه ودخل أوضة النوم مع ماما بعد ما خرجت يا بابا" وكانت فضيحة لم يرأب ما تسببت فيه من صدع تذكر الزوج أنه "سبق له وعدى على الأسطى السباك تحت البيت وأخبره بعطل في سيفون حمام أوضة النوم" ولأنه ترك أولاده مع زوجته لم يجد ما يريب في ذهاب السباك إلى البيت ولكنه "يا خسارة نسي" وظن أن الرجل الذى أخبر به كان عم عبده السباك!
ثم تعال هنا وراجع معى حكم لمحكمة النقض يقيد ما ورد بخصوص "المحل المخصص للحريم" ويحد من مفعول هذا التعبير العجيب الوارد نصا في المادة عاليه، فإذا بالحكم يقرر أنه "فإن مجرد تواجد المتهم في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم لا يكفي بذاته لقيام جريمة الزنا ما لم تر المحكمة كفايته في الدلالة على وقوع الوطء فعلاً، وتقدير ذلك مما يملكه قاضي الموضوع دون معقب عليه. ومن ثم فلا وجه لما تثيره النيابة العامة في هذا الخصوص، مما يتعين معه التقرير بعدم قبول الطعن موضوعا".. الطعن رقم 21275 لسنة 64 قضائية
ونستكمل بقية الحديث في بعض ما ورد من نصوص القوانين تباعا واسترها علينا وعلى ولايانا يا رب.