دعا الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، المواطنين إلى الحذر والأخذ بالأسباب والالتزام بالضوابط والإجراءات الاحترازية والتضرع إلى الله لكشف البلاء والوباء، مؤكدا أن هذا هو ما أمرنا به الإسلام وشريعتنا الغرَّاء للحفاظ على النفس البشرية والمجتمع.
وقال عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خلال خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، إن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وجهنا إلى كيفية التعامل مع الأوبئة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذَا سمِعْتُمْ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإذَا وقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا»، وهو الحجر الصحي الذي سبق به الإسلام، ولم يكتفِ التوجيه الإسلامي بالأمور المادية المحسوسة وحدها بل لا بد من اللجوء إلى الله الذي بيده مقادير السماوات والأرض حيث قال سبحانه: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}، فجيب علينا الالتجاء إلى الله والاستغاثة به والتضرع إليه أن يكشف عنا هذه الغمة.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بيّن لنا الأسباب لنتحاشاها، حيث قال نبينا: «خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا. وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ. وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ.
وأكد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الإسلام حذر الذين يعلنون بالفاحشة في المجتمع أو مواقع التواصل الاجتماعي أو في أي مكان، لأن الرسول يحذرنا من هذه الأشياء، فلنحذر هذا ولنستحي من الله ولنكف لننقذ أمتنا وعالمنا من هذا الوباء، فلا نفحش ولا نجاهر ولا ننقص المكيال والميزان ولا نمنع الزكاة ولا ننقض العهد، ولنحكم بكتاب الله، وهذا التحذير من رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين لنا خطورة المجاهرة بالمعاصي والذنوب وكل ما يغضب الله، وهي وصايا من رسولنا لنحافظ على أنفسنا من الأسباب التي تكون سببا في الجائحة والبلاء وما تعانيه الأمة الآن.
ووجه عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، رسائل الأزهر إلى الأمة من فوق منبر الأزهر من أرض الكنانة، وكان أولها إلى الأطباء والقائمين على العلم والطب الحديث والوقاية: ضاعفوا جهودكم في البحث العلمي، فلا يوجد داء إلا وله دواء كما قال رسولنا الكريم ﷺ، فابحثوا واكتشفوا حتى تتبين لنا الأدوية الناجعة والوقاية والمصل اللازم. والرسالة الثانية إلى المسلمين في كل الأرض: التجئوا إلى الله واستغيثوا به سبحانه وتعالى، فعلينا أن نتضرع ونتوب ونعود إلى الله وهو قريب منا دعانا وأمرنا أن ندعوه ووعدنا بالإجابة.
وجاءت الرسالة الثالثة إلى أصحاب المستشفيات وأصحاب الأموال ورجال الأعمال: مدوا أيديكم للفقراء المرضى الذين لا يجدون الدواء ولا يستطيعون العلاج، مدوا أيديكم إليهم واعطفوا عليهم واعلموا أن المريض معه ربه: "مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قالَ: يا رَبِّ كيفَ أعُودُكَ؟ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ، قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أما عَلِمْتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟".
كما وجه هاشم الرسالة الرابعة إلى المرضى قائلا: أيها المرضى على الأسرة البيضاء، يا من ابتليتم: اعلموا أن مع العسر يسرًا وأن الفرج مع الكرب وأن رب العزة يغفر بالكرب الذنوب وبالبلاء يرفع الدرجات، وقد يكون تمحيصًا لبعض الناس ليلتجئوا إلى الله، فلا تخف ما دمت مع الله فالله مع المريض.