نسمعه يشدو مرحبًا بقدوم رمضان برائعته "مرحب شهر الصوم"، فترقص القلوب فرحةً بالشهر الكريم، يشاركنا أفراحنا بطريقة أولاد البلد وهو يغني "يا نجف بنور يا سيد العرسان"، ويجمع بين الطرب وخفة الظل وهو يغني "يا تاكسي الغرام يا مقرب البعيد"، ويعطي دروسًا في الغزل بأغنيته "منديل الحلو يا منديله"، ويجسد لهفة واستعطاف الحبيب وهو يردد "شوف قلبي الملهوف بيقول يا صباح الفل".

إنه المطرب والملحن عبدالعزيز محمود، الذي مازال صوته يمتعنا، ويثير الحنين إلي زمن الفن الجميل.

الذي يزخر بقصص الكفاح والنجاح والإبداع والحب والزواج والطلاق، ويختتم فيه سنوات المجد بفترات العزلة والحزن والنكران، الذي تحل ذكري ميلاده اليوم 11 من يناير لعام 1914، بصعيد مصر وتحديداً بقرية الخناجرة التابعة لمحافظة سوهاج، لأسرة ميسورة الحال،

أحب أصوات الربابة ومواويل الأفراح وغناء المسحراتي والباعة الجائلين أثناء التحاقه بالتعليم الابتدائي.

وبعد وفاة الأب وبسبب مشكلات الميراث أخذته أمه مع شقيقه وانتقلت إلي بورسعيد مع عدد من أفراد عائلتها في هجرة شبه جماعية، حيث فرص العمل في الميناء والبحر، وعمل في الميناء بإحدى الشركات الأجنبية للشحن والتفريغ وكان يغني أثناء العمل واشتهر بين زملائه بحلاوة صوته.

 

وكانت الصدفة سبباً في نقله إلي مشواره الفنى، حين كان يغني في أحد أفراح أصدقائه، فسمعه الموسيقار مدحت عاصم، وكان مديرًا للإذاعة، فأعجبه صوته، وتحدث معه، وأعطاه الكارت الخاص به، وقال له حينها إذا أردت أن تعمل في الفن فتوجه إلي القاهرة لمقابلتي.

 

واكتملت الصدفة عندما كان عبدالعزيز محمود في عرض البحر، وجمع زملاءه ليغني لهم: فتتبعهم مشرف العمل حينها، فكان علي عبدالعزيز أنه قفز من اللانش حتي أصيب في ساقه وترك الشركة.

 

وبعدها سافر عبدالعزيز محمود إلي القاهرة وبدأ مشواره الفني في الإذاعة عام 1934، ولحن له مدحت عاصم والقصبجي وزكريا أحمد والسنباطي، ثم شارك بالغناء في بعض الأفلام، وبدأ يحقق شهرة واسعة بعدما شارك في فيلم "قلبي دليلي" بأغنية : "يا نجف بنور" عام 1947، فتهافت عليه المخرجون ، حتي حصل علي دور البطولة في فيلم "منديل الحلو" ، وأصبح مطرب الأفراح الأول في مصر.

 

وأسس عبدالعزيز محمود شركة إنتاج خاصة به عام 1951، وأنتج من خلالها 4 أفلام، هي "خد الجميل، مقدر ومكتوب، علشان عيونك، تاكسي الغرام.

 

تزوج عبد العزيز محمود 4 زيجات حتي وصفوه ب "شهريار" ، فكانت الزيجة الأولي من خارج الوسط الفني، وأنجب منها ولد وبنت ثم انفصلا بعد ثلاثة أعوام، والثانية من السيدة اعتدال شاهين وتنتمي للوسط الفني، وأنجب منها أبنته "عزة" ، ثم تزوج من سيدة ظهرت في لقطة من فيلم "غزل البنات"، مع الفنانة "ليلي مراد".

 

ويمتلك عبدالعزيز محمود تراثا فنيا يتجاوز 2000 عمل فني ما بين تلحين وغناء.

 

وفي الثمانينيات عاني من العزلة، وبدأت مرحلة انحصار الأضواء علي الفنان عبدالعزيز محمود، وتوفي بعد حياة حافلة بالفن والعطاء في 25 أغسطس عام 1991.