«الكبسولة
الزمنية» هو مصطلح يعتقد أنه ظهر حديثاً بغرض التواصل بين الماضي والمستقبل، فهو
مكان تاريخي يخبئ به العديد من الأشياء القيمة والتي تخص فترة معينة وعند اكتشافها
تكون بمثابة دليل علي نمط وأفكار وسلوك البشر في هذا التوقيت .
فهناك عشرات الأخبار
عن كبسولات زمنية في الولايات المتحدة وأوروبا ومنها على سبيل المثال العثور على
كبسولة زمنية يعود تاريخها إلى عام 1797 وذلك خلال ترميم إحدى الكنائس في بولندا
في بلدة زيبيتشي الصغيرة، وقد وجد بالكبسولة
عملات ووثائق قديمة عمرها 200 عام.
خبر آخر في
الصحف العالمية مؤخراً "نادي ليفربول يفتتح مركز تدريب جديد ويضع كبسولة
زمنية من الصلب في المبني الجديد يتم فتحها بعد مرور 50 عاما أي في عام 2070، الكبسولة بها متعلقات
تخص تاريخ النادي حالياً لتكون ملهمة في المستقبل لجماهير النادي حول العالم ".
الخبر يجب التوقف عنده لعدة أسباب أولها من
يكتب التاريخ حالياً وكيف يسجل التاريخ في هذا العصر وفي المستقبل كيف سيتم النظر إلى
حضارتنا الإنسانية الحالية، كما أن مفهوم الكبسولة الزمنية يتعرض لكثير من
الانتقادات بخصوص محتوي الكبسولة والمحتوي الخاص بها والقيمة التاريخية له .
السبب الأهم هو
أن المصري القديم كان من أوائل من فكر وطبق مفهوم الكبسولة الزمنية بكل تأكيد مع
اكتشاف أي مقبرة فرعونية تبوح لنا بأسرار عن حياة المصري القديم وإبداعاته
والمساهمات الفكرية والحضارية له وحتى نمط الأكل والملابس فلا عجب أن هناك قطع
فواكهه وخضراوات وجبن اكتشفت في المقابر
الفرعونية ولا تزال باقية حتي اليوم !، كما أن العبقرية ليست في جودة
التطبيق فقط بل أن المصريين القدماء طبقوا الفكرة منذ آلاف السنين وليس عشرات
السنين فقط كما نقرأ حاليا لبعض الدول في الصحف العالمية.
السبب الأخير هو
أن مصر تمتلك كافة المقومات لتطبيق هذه الفكرة بشكل مناسب ومبهر وبعيدا عن
السلبيات الشائعة في تطبيق الفكرة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا .
مصر دائما تعد
نقطة مضيئة من نقاط التواصل الفكري والثقافي والحضاري عبر تاريخ البشرية ، يمكن
القول أن إعادة إحياء مكتبة الإسكندرية تعد من أهم الأفكار التي قدمتها مصر في
القرن الأخير والتي تعبر عن الامتداد التاريخي والحضاري لفكرة التواصل الحضاري
والثقافي، تم افتتاح المكتبة في عام 2002 .
ومن هنا لابد
ذكر مجهودات الأستاذ الدكتور مصطفى عبد الحميد العبادي عميد كلية الآداب بجامعة
الإسكندرية الأسبق وعضو اللجنة القومية لإحياء مكتبة الإسكندرية القديمة، فهو أول
من طلب بضرورة إحياء مكتبة الإسكندرية القديمة وبذل جهود كبيرة خلال سنوات طويلة إلى
نجح المشروع وظهر للنور برغم مشاكل التمويل وقيل وقتها أن هناك قوة إقليمية ودولية
رفضت دعم اليونسكو للمشروع .
اقترح إنشاء
كبسولة زمنية بها متعلقات تخص العواصم المصرية عبر التاريخ وأن تكون هذه الكبسولة
في العاصمة الإدارية وبالتحديد في مدينة "الثقافة والفنون" لتكون شاهدة للأحفاد على أن تتوالى مكتبة
الإسكندرية هذا المشروع بالتعاون مع مركز
التوثيق الطبيعي والحضاري لتحديد المحتوي وموعد فتح الكبسولة .
أرى أن مصر لها
دور حضاري مؤثر كما أن على مصر مسئولية حضارية وإنسانية لتصحيح أخطاء فكرة
الكبسولة الزمنية المتداولة في العالم حالياً.