يستبق الرئيس التركي رجب
طيب أردوغان وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض قد يكون أكثر عدائية تجاه أنقرة، عبر
سعيه إلى تهدئة علاقات أنقرة مع الاتحاد الأوروبي بعد سنوات من التوتر.
وفي مؤشر إلى استيائها من
دبلوماسية تركية ترى أنها تزداد عدوانية، اتفقت الدول الأوروبية الشهر الماضي على
فرض عقوبات على أنقرة على خلفية التنقيب أحادي الجانب عن الغاز في شرق المتوسط.
وأثارت تركيا استياء
شركائها الغربيين أيضاً عبر تدخلها في ليبيا إلى جانب حكومة الوفاق الوطني في
طرابلس، وبدعمها أذربيجان في نزاعها مع أرمينيا في منطقة ناغورني قره باغ.
لكن بعد أشهر من الخلافات
التي كانت ذروتها مبادلات كلامية مهينة بين أردوغان ونظيره الفرنسي إيمانويل
ماكرون، يؤكد الرئيس التركي أنه يرغب في "فتح صفحة جديدة" في العلاقات
بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.
وتبادل أردوغان وماكرون
رسائل في الأيام الأخيرة في ما قد يعدّ مؤشرا إلى مصالحة بينهما.
ومدت أنقرة اليد أيضاً
إلى أثينا بدعوتها إلى محادثات مقررة أواخر يناير بشأن التنقيب عن موارد الغاز
والنفط في المتوسط.
ويشير دبلوماسي أوروبي
إلى أن تركيا خففت من حدة نبرتها لأنها "لا يمكن أن تسمح بتصاعد التوتر مع
الولايات المتحدة وأوروبا في وقت واحد، لا سيما أن اقتصادها في وضع هش".
وفي الواقع يعتمد
الاقتصاد التركي على أوروبا بشكل كبير. وبين 2002 و2018، شكّلت دول الاتحاد
الأوروبي الـ27 مصدر ثلثي الاستثمارات المباشرة الخارجية في تركيا.
إلا أن الخلافات أسهمت في
خلق مناخ من عدم الاستقرار لينعكس قلق المستثمرين تراجعا لسعر الليرة التركية التي
خسرت خمس قيمتها أمام الدولار في 2020.
وبعدما استبعد صهره من
وزارة المالية في نوفمبر، ضاعف أردوغان من تلميحات حسن النية تجاه أوروبا، متعهداً
خصوصاً بتعزيز دولة القانون.
وتشير إلكيه تويغور
الباحثة في المعهد الألماني للعلاقات الدولية والقضايا الأمنية إلى أن أردوغان
وكونه معزولاً "يبحث عن الأصدقاء حيث يمكن أن يجدهم". ولهذا الغرض، عقد
أردوغان ووزير خارجيته الثلاثاء اجتماعات مع سفراء الدول الأوروبية.
والصعوبات الاقتصادية هي
الدافع الأساسي لتركيا في مقاربتها الجديدة، إلا أن انتصار بايدن يبدو أيضاً
عاملاً حاسماً في هذا الإطار.
وبينما أنشأ أردوغان
علاقة شخصية مع ترمب سمحت لأنقرة بتفادي عقوبات مشددة على خلفية حملاتها العسكرية
في سوريا وشرائها لصواريخ روسية، تتوقع تركيا أن تكون الإدارة الجديدة أكثر برودةً
تجاهها.
ويرى الدبلوماسي الأوروبي
أن "فوز بايدن غيّر المعطيات بالطبع وتركيا تتوقع أن تكون الإدارة الجديدة
أقل مرونة".
وتوضح سينيم آدار من مركز
الدراسات التطبيقية حول تركيا في برلين أنه "يمكن تفسير" الدعوة إلى
التقارب مع الاتحاد الأوروبي "على أنها وسيلة للاستعداد" لتولي بايدن
مهامه.
إلا أنها ترى أن محاولات
التهدئة التي تقوم بها أنقرة تفسر أيضا بـ"الضغط الداخلي المتصاعد" على
أردوغان "بسبب المشاكل الاقتصادية التي فاقمها الوباء" و"تراجع في
شعبية" حزب الحركة القومية حليف الرئيس التركي.
وعلى الرغم من أن
المسؤولين الأتراك يواصلون تصريحاتهم الإيجابية تجاه أوروبا، يطرح المحللون
تساؤلات حول التدابير الملموسة التي ستكون أنقرة على استعداد لاتخاذها في هذا
الصدد.
ولتتمتع تركيا
"بمصداقية لدى الاتحاد الأوروبي، على أنقرة تغيير المسار" في مجال
احترام دولة القانون، كما ترى آدار، لأن سجن العديد من المعارضين وشخصيات المجتمع
المدني شكّل مصدر قلق كبير بالنسبة للغرب.
وتعتبر تويغور أن هذه
المسألة هي "العائق الحقيقي" أمام تحسين العلاقات، مضيفةً أن أوروبا
تنتظر "دليل حسن نية" من جانب إردوغان.
من وجهة نظر الاتحاد
الأوروبي، تبقى تركيا شريكاً لا غنى عنه لا سيما بسبب موقعها الجغرافي ودورها في
إدارة تدفق المهاجرين نحو أوروبا.
ويشير الدبلوماسي إلى أن
"العديد من الدول الأوروبية تريد تهدئة الأوضاع، لأن التوتر لا يخدم لا مصالح
تركيا ولا مصالح أوروبا". لكنه يضيف أن محاولات تركيا للتقارب تثير حاليا
"العديد من الشكوك".