أكد خبراء سياسيون أن القمة المصرية الأردنية اليوم في عمّان تأتي في توقيت مهم في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة العربية خلال الآونة الأخيرة، موضحين أن العلاقات بين مصر والأردن قوية وراسخة ووثيقة حيث يجمع البلدين مجالات تعاون عديدة فضلا عن تطابق في وجهات النظر بشأن الأزمة العربية، حيث من المتوقع أن تتصدر القضية الفلسطينية أجندة المباحثات بيت الرئيس السيسي والعاهل الأردني.

كان الرئيس عبدالفتاح السيسي، توجه اليوم إلى العاصمة الأردنية عمان في زيارة رسمية تلبية لدعوة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ملك المملكة، ومن المنتظر أن يبحث الرئيس مع شقيقه الملك عبدالله الثاني سبل تعزيز العلاقات الثنائية الوثيقة التي تجمع البلدين الشقيقين، فضلاً عن التشاور وتبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وذلك في اطار حرص الجانبين على مواصلة التنسيق المنتظم من اجل تضافر الجهود لصون الأمن القومي العربي.

القضية الفلسطينية

وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمملكة الأردنية الهاشمية تكتسب أهمية كبرى في التوقيت الراهن في ظل العلاقات القوية بين البلدين منذ تولي الرئيس السيسي الحكم، حيث شهدت العلاقات والروابط بين الدولتين قوة وتحسنا كبيرا حتى أصبحت علاقات استراتيجية.

وأوضح في تصريحات لـ"الهلال اليوم"، أن الزيارة ستشهد التشاور بين الرئيس السيسي والملك عبدالله الثاني حول الملفات العربية، في ظل تطابق وجهات النظر بين البلدين بشأن القضية الفلسطينية والسعي لعودة المفاوضات خاصة أنه كان هناك اجتماعا رباعيا شهدته القاهرة الأسبوع الماضي بين مصر والأردن وألمانيا وفرنسا بشأن إحياء عملية السلام.

وأضاف أن مصر والأردن تلعبان دورا هاما في رعاية القضية الفلسطينية وحل القضية وفقا لحل الدولتين، مشيرا إلى أن الملفات العربية الأخرى مثل الأزمة السورية واليمنية والليبية فهذه ستكون أيضا مطروحة خلال المباحثات للوصول لحل سلمي لهذه القضايا، وخاصة أن أي تدخل أجنبي في هذه القضايا يؤثر عليها سلبيا ويضر بأمن المنطقة، وخاصة أن مصر والأردن تدعوان للحل السياسي لهذه القضايا.

وأكد أن هناك مجالات عديدة للتعاون بين البلدين اقتصاديا وسياسيا، كما أن هناك آلية ثلاثية للتشاور بين مصر والأردن والعراق وعقدت عدة لجان وقمم بين هذه الدول خلال السنوات الماضية، مضيفا أن هذه المجالات ستكون محل المباحثات بين الرئيس السيسي والعاهل الأردني، بالإضافة إلى مستقبل المنطقة العربية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة في عهد الرئيس الجديد جو بايدن.

وأشار إسماعيل إلى أن قضايا التعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب ومواجهة التهديدات الحالية في المنطقة العربية كلها ستكون مطروحة خلال مباحثات الجانبين المصري والأردني.

تعزيز التعاون والتنسيق

ومن جانبه، قال طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للأردن تحمل أهمية كبرى في ظل العلاقات الراسخة والاستراتيجية بين مصر والأردن، مضيفا أن البلدين بينهما علاقات قوية في كل المجالات ومنها التعاون الاقتصادي نتيجة التجاور الجغرافي والتفاهم السياسي بين القيادتين.

وأوضح في تصريحات لـ"الهلال اليوم"، أن مصر والأردن تحرصان على توحيد الصف الفلسطيني وأن يكون الشعب الفلسطيني على قلب رجل واحد، مضيفا أن هناك آليات مختلفة للتعاون بين مصر والأردن ودول أخرى، مثل التعاون الثلاثي بين مصر والأردن والعراق من خلال قمم رئاسية وحكومية عقدت خلال السنوات الماضية، فضلا عن الاجتماع الأخير بين وزراء خارجية مصر والأردن وألمانيا وفرنسا.

وأضاف أنه عام 1989 عقد مؤتمر اقتصادي يجمع مصر والأردن والعراق واليمن بهدف التعاون بين الدول الأربعة، لكن الظروف السياسية أعاقت هذا التعاون، موضحا أن العلاقات بين مصر والأردن على مدى العصور ظلت قوية وراسخة.

وأشار البرديسي إلى أن أهم الملفات المطروحة خلال القمة الثنائية بين الرئيس السيسي والعاهل الأردني تشمل تعزيز التعاون الاقتصادي والتشاور بشأن القضية الفلسطينية وخاصة مع الانتخابات المرتقبة وتقريب وجهات النظر بين الشعب الفلسطيني، حيث تحرص مصر والأردن على إتمام الانتخابات التشريعية والرئاسية التي دعا لها الرئيس الفلسطيني أبو مازن في مايو ويوليو المقبلين.

وأكد أن مصر والأردن تسعيان مع الاتحاد الأوروبي لحل القضية الفلسطينية بموجب حل الدولتين بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ويضمن التسوية العادلة للقضية.

العلاقات الثنائية وثيقة وقوية 

ومن جانبه، قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للأردن تأتي في ضوء العلاقات القوية والوثيقة التي تربط بين مصر والمملكة العربية الأردنية، ومن المرتقب بحث مجموعة من القضايا الهامة منها التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات وعلى كل المستويات.

وأوضح في تصريحات لـ"الهلال اليوم"، أن الزيارة من المرتقب أن تبحث أيضا القضايا الإقليمية المثارة في المنطقة والملفات الساخنة وتبادل وجهات النظر حولها، مضيفا أنه من القضايا الهامة المرتقب بحثها القضية الفلسطينية وما شهدته من تطورات مؤخرا في ظل معاهدات السلام بين عدد من الدول العربية وإسرائيل، وخطط الاستيطان الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية.

وأكد أن المباحثات ستبحث أيضا التدخلات الخارجية من قبل الدول والقوى الإقليمية في الشأن الداخلي العربي، منها المناورات الإيرانية والاستفزازت التركية في البحر المتوسط، مضيفا أن مصر والأردن يربطهما علاقات وثيقة في إطار آلية التعاون الثلاثي بين مصر والأردن والعراق والقمم التي عقدت في هذا الشأن خلال السنوات الماضية.

وأشار إلى أن آلية التشاور الثلاثي بين العواصم العربية الثلاث ساهم في إتمام مشاورات ولقاءات هامة على مستوى القمة ومن المتوقع أن تستمر وخاصة فيما يخص تعمير العراق والدور المصري في هذا الشأن، واستفادة العراق من التجربة المصرية في تنمية وتطوير البنية التحتية فضلا عن التعاون الثلاثي في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية وتوحيد الصف العربي.

الانتخابات الفلسطينية المرتقبة

ومن جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الاثنين، إلى الإردن، تأتي في إطار مناقشة عدة ملفات، أولها متابعة (مصر - الأدرن) الانتخابات الفلسطينية المقرر عقدها خلال الفترة المقبلة.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية في تصريحات خاصة لـ"الهلال اليوم"، أن الزيارة تتضمن أيضا إعادة تقديم القضية الفلسطينية إلى الوجه الدولية في ظل إدارة أمريكية جديدة، مؤكدا أن مصر والأردن  لديهم الحرص أن يكونوا الطرفي المعنيين في عملية السلام واستئناف الاتصالات الفلسطينية الاسرائيلية في الفترة المقبلة. 

وأكد أن زيارة الرئيس السيسي تصب في إطار المصالح المصرية المباشرة في الحفاظ على حقوق الفلسطينيين ودعم الشعب الفلسطيني، ودعم القيادة الفلسطينية، خاصة وأن هناك ترحيب بعقد مؤتمر عملية سلام في الشرق الأوسط وهناك توافقات عربية، لذا هناك حرص في الحضور والتنسيق بين الأطراف المعنية. 

وتابع: "هذه الزيارة تأتي استكمالا للتحركات المصرية - الأردنية، خاصة وأن بعد توقيع اتفاقية سلام ما بين الأردن والإمارات مع إسرائيل، حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى عقد قمة ثلاثية لمناقشة القضية الفلسطينية، وقبل أيام خلال يناير 2021 عقد الرئيس السيسي لقاء مع وزيري الخارجية الفرنسي والألماني، والذي أكد أن القضية الفلسطينية تحتل ركن ركين ومهم بالنسبة لأولويات السياسة الخارجية المصرية".