من معوقات تجديد الفكر الديني - الذي هو جزء محوري لا يتجزأ من الخطاب الثقافي- هم الكتاب الذين يتصدون للحديث عن هذا الموضوع، إلا أن الكاتب الباحث نبيل عمر تجاوز هذه العقبة في أحدث كتبه "الشيطان وتجديد الفكر الديني"، الصادر عن دار غراب للنشر والتوزيع، موظفا مادته في أفكار مصفاة تصل للقراء بكل فئاتهم عبر أسلوب سهل يسير، ورؤية متسلحة بالتنوير المتعقل ليكسبها جرأة نحن في حاجة إليها.
الكتاب من مقدمة وخمسة فصول يضع الكاتب نبيل عمر يده في عش الدبابير ويقتحم ألغاما طاما تهيب الكثيرون الاقتراب منها، ليفرق بين النص الديني المقدس الموحى به، والذى أبلغه الرسول الأمين كما أنزل والمحفوظ بحفظ الله له، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه وخلفه، فوجب احترامه والعمل بأحكامه بلا جدال، وبين التراث الديني المكون من اجتهادات بشرية محضة، وشروح وتفسيرات وآراء متباينة قابلة للمراجعة والنقاش، لاسيما وقد بعد تدوينها عن عصر النبوة والوحي، كما تسللت إليها الإسرائيليات والمدسوسات والموضوعات بحسن نية أو سوء نية، ويفرق بين الدين والتديين، ويعرى الأمية الدينية التي استغلها بعض المنتفعين من الشيوخ وأدعياء العلم، فاتخذوها لبسط نفوذهم على العامة وكسب مساحات واسعة من السلطة والنفوذ والثروة.
الكتاب دعوة صريحة لتجديد الفكر الديني وفهم الدين فهما سليما بتنقية التراث مما علق به من شوائب، راصدا نماذج وشواهد بمسار فكري تبناها في حيدة وموضوعية تهيمن عليها ثقافة شاملة واعية تحيط بأبعاد القضية.
يدعونا كتاب "الشيطان وتجديد الفكر الديني" إلى ما يمكن أن نسميه استئصال وتفنيد المفاهيم السلبية وتعميق المفاهيم الإيجابية بالاعتماد على النصوص الدينية، لنواجه هؤلاء الذين يريدون جرنا إلى عصور الانحطاط والجاهلية، وهو يلتزم الرؤية العلمية في كل صفحاته، ويبدأ في تفنيد حجج الملحدين والمتربصين قبل أن يمحص الفهم المغلوط للدين.