الجمعة 27 سبتمبر 2024

البحث عن العين الثالثة!

أخرى20-1-2021 | 21:29

تقول الحكمة، إن العين الثالثة هى الأكثر خبرة ودراية بمجرات اللعب فى مباراة الشطرنج، أى أن الشخص الثالث والجالس يشاهد ويراقب مباراة شطرنج يكون أكثر علماً بالمباراة من ناحية نقاط الضعف ونقاط القوة ولديه الاستعداد للفوز .. أو تحويل الهزيمة إلى فوز. 


من هنا نفهم أن إقصاء العين الثالثة من مكانها الطبيعى يسبب ضرر كبير بالمجتمع، وهذا الضرر واضح أمامنا فى كل ما يحدث لنا وفينا.


فى الماضى كان لمصر ثلاثة عيون ترى بها الأحداث وتقرأ من خلالها مجريات الأمور فى الماضى والحاضر والمستقبل (عين الفن ) عن طريق تلك العين تسيطر أمريكا على العالم وكانت مصر تؤثر فى العرب وفي ثقافتهم ، و(عين الطرب) سلسال من المطربين والملحنين العظام  لكن حاليا بعض الجهات تعمل على إفساد ذوق شباب مصر عبر أغانى فجة صنعت من أجل الإفساد، وهناك (عين الفكر ) وهى العين الوحيدة التى مازالت تعمل بكل قوتها كما كانت فى جميع فترات حياة مصر منذ الرواد الكبار ،الشيخ رفاعه الطهطاوى ، والإمام محمد عبده ، و أحمد لطفى السيد وطه حسين .. لآخر تلك الكوكبة،  لذا نفهم سبب أن أى فئة مندسة تحاول قتل هذا الفكر لكى يسهل السيطرة على مصر وتبقى لعبة فى يد اليد لكن هيهات لما يوعدون.


من خلال القوة الناعمة كان لمصر تأثير كبير على جميع الدول العربية وغير العربية، وكان المصرى ينال الاحترام ويأخذ حقه لكونه مصرى أى أن المصرى فى تلك المرحلة كان مواطن حماية .


 مثال بسيط يحضرني يوضح المعنى المراد إيجاده ، عندما كنت فى أحدي البلاد العربية .. ذهبت إلى فرن العيش لكى أشترى خبزاً فوجدت الفرن خالى من الزبائن فقلت للشاب الذى يبيع الخبز (العيش) بجنيه عيش بسرعة لو سمحت يا كابتن فرد بقوله حاضر وأتى بالعيش وقدمه لى وأخذته ثم قدمت له الجنيه وقلت له فى استغراب أنت فهمت كلامى إزاى وأنا بتكلم بالمصرى فرد علىس بلهجة مصرية صرف " إحنا بنشوف المسلسلات والأفلام المصرية.." وبالتالي العامية المصرية كانت منتشرة من المحيط إلى الخليج عن طريق الأفلام والمسلسلات المصرية التى تربى عليها العرب جميعا.


اكتب تلك المداخلة لأوضح مدى أهمية وخطورة القوى الناعمة المصرية التى كانت! فقد فقدت الأفلام والمسلسلات المصرية بريقها مؤخرا بسبب الحديث منها، فلم يعد لها قوة ولا تأثير فى المصريين ولا العرب ، وإنما المنتج حالياً يؤثر بالسلب ويقدم صورة سلبية عن مصر والمصريين، وكذلك الأغنية المصرية التى تعرضت لهجمة شرسة لقتلها بالتحريم والتقليل من شأنها حيث كان الحديث عن حرمانية الغناء يدور كل يوم، وكان للشيخ كشك دور بارز فى اغتيال الأغنية المصرية والفن عموما ، ونحن جميعا سمعنا تنمره على أم كلثوم وعبد الحليم ، وهلم جرا..


 أما الآن عندما انتقلت صناعة الكلمة واللحن والغناء إلى دول الصحراء توقف الحديث عن حرمانية الغناء..، أو من خلال الأغاني الصداعية المسماه بالمهرجانات التي أفسدت الذوق العام.


 لم يبقى من قوى مصر الناعمة والتى مازلت تحافظ على مصر ومستقبلها وحاضرها وماضيها إلا قوى واحدة ، أعنى هنا بالمفكرين والتنويرين أبناء رفاعة الطهطاوي الذين يحملون مشعل التنوير والحداثة والتقدم.


نتمنى أن تتبنى الدولة عودة القوى الناعمة بكافة عناصرها مرة أخرى، ويتم وضع استراتيجية سريعة لعو دة كل مقومات القوى الناعمة المصرية كما كانت حاضرة ومؤثرة .