بقلم – سناء السعيد
غدت الساحة السورية مكشوفة لكل من هب ودب، الغرب المريض ــ الذى تقوده أمريكا وتابعوها كبريطانيا وفرنسا وإسرائيل ــ يمارس مكائده ضد سوريا الحبيبة، فينسج الذرائع ويختلق الفرية ليتعامل معها وكأنها حقيقة. والفرية التى اختلقها هنا كانت حول تورط النظام فى جريمة «خان شيخون» الكيميائية حتى يفتح الباب على مصراعيه لاستهداف سوريا فى أكثر من موقع..
ولهذا عمدت إدارة ترامب إلى شن عدوان آثم فى السابع من الشهر الماضى عندما قصفت «قاعدة الشعيرات» الجوية السورية بـ ٥٩ صاروخ توماهوك، وهو الهجوم الذى أدانه بوتين واتهم ترامب بخرق القانون، وأكد أن مستوى الثقة فى أمريكا بات أكثر سوءا منذ تولى ترامب الرئاسة، وأن مستوى الثقة على المستوى العملى خاصة المستوى العسكرى قد تدهور، وأنه كان حريا بأمريكا أن تحصل على أدلة دامغة قبل الجزم بمن يقف وراء هذه الجريمة.
ولا شك أن العدوان الأمريكى قد رفع من إمكانية تدخل الغرب فى سوريا ولهذا رأينا وزير خارجية بريطانيا يعلن الخميس الماضى عن عزم بلاده المشاركة فى أى تحرك أمريكى ضد سوريا، ثم دخلت فرنسا على الخط عندما قامت مخابراتها بفبركة ترتكز على اتهام مسبق لسوريا باستخدام غاز السارين فى خان شيخون، رغم أن فرنسا غير مخولة ولا تملك الأهلية والاختصاص القانونى لتقرير ما حصل فى خان شيخون. أما الاتهام فهو باطل وبلا دليل ولا أدل على ذلك من أن الغرب المريض رفض حتى الآن الدعوة التى وجهتها سوريا بدعم من روسيا بضرورة إجراء تحقيق مستقل وغير منحاز فى واقعة الكيماوى هذه.
وهكذا عمد الغرب المريض إلى شن حملة كذب مسعورة ومضللة ساق خلالها ادعاءات مفبركة إزاء جريمة خان شيخون، وهو ما يمثل اعتداء صارخا وانتهاكا فاضحا لصلاحيات المنظمات الدولية المختصة بهذا الشأن، ولا شك أن ادعاءات الغرب هنا ليست إلا محاولة لإخفاء حقيقة هذه الجريمة ومن يقف وراءها، وهو ما يشى بضلوع فرنسا فى تدبيرها فى إطار شراكتها الكاملة فى العدوان على سوريا. وهو ما كان الرئيس بشار قد أكده فى ١٣ أبريل الماضى من أن الغرب متواطئ مع الإرهابيين، وأنه قام بفبركة هذه القصة لتكون لديه الذريعة لشن الهجوم على سوريا.
أما إسرائيل فجسدت العنصر الرابع الذى التحق بوليمة استهداف سوريا عبر التصعيد العسكرى الأخير عندما استهدفت فجر الخميس الماضى موقعا عسكريا قرب مطار دمشق الدولى بإطلاق عدة صواريخ من داخل الجولان المحتل، مما أدى إلى حدوث انفجارات فى المكان حيث أصاب خزانات وقود وخلف أضرارا مادية، وجاء هذا العدوان كمحاولة يائسة لرفع معنويات المجموعات الإرهابية التى تنهار تحت ضربات قوات الجيش العربى السورى الذى لن يثنيه أى شيء عن مواصلة حربه على الإرهاب وسحقه نهائيا، الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التى يستهدف فيها الطيران الإسرائيلى مواقع قرب العاصمة بينها مطار دمشق، ففى مرات عدة تحدثت التقارير عن استهداف إسرائيل لصواريخ وأسلحة يتم نقلها إلى حزب الله.
أما أسوأ عدوان منذ بدء النزاع فى سوريا فى ٢٠١١ فكان فى السابع عشر من مارس الماضى عندما أعلن الجيش الإسرائيلى عن قيام سلاحه الجوى بشن غارات على أهداف عدة فى وسط سوريا قيل بأنها استهدفت قافلة أسلحة متطورة كانت فى طريقها من سوريا إلى حزب الله فى لبنان ودمرت خلالها أكثر من مائة صاروخ،غير أن إسرائيل فى عدوانها الأخير لم تبلغ روسيا سلفا عن عزمها شن غارات على سوريا، وقيل فى معرض التبرير أن إسرائيل كانت تمتلك معلومات حول استخدام النظام السورى لأسلحة كيميائية لاسيما غاز السارين وتماهت فى ذلك مع الغرب، إلا أن مسئولا إسرائيليا قال فى معرض تعقيبه على العدوان الأخير: (إن الهجوم يتماشى مع سياسة إسرائيل لمنع وصول السلاح إلى حزب الله)، وعلى حين عبرت روسيا عن انزعاجها إزاء العدوان الإسرائيلى الآثم الأخير إلا أنها لم يكن لها أى رد فعل بدليل عدم إقدامها على خطوة عملية لمنع الهجوم وهو ما يشى بوجود تنسيق بينها وبين إسرائيل وتفهمها لخطوط إسرائيل الحمراء.
فى المقابل تظل المقاومة موجودة فى سوريا من أجل دعم النظام ضد الأطراف التى تريد إسقاط الدولة، لاسيما أن الساحة السورية ساحة مكشوفة، وهناك بالقطع تعاون استخباراتى أمريكى غربى إسرائيلى لاستهداف سوريا، فتكرار العمليات العسكرية توثق التأكيد بأن إسرائيل والغرب الذى تقوده أمريكا يرصدون الساحة السورية بشكل متواصل، وعلى حين انتظر الجميع رد فعل المجتمع الدولى على هذه العمليات التى تنتهك سيادة الدولة السورية، إلا أن المجتمع الدولى لاذ بالصمت على كل ما يحدث، ولا غرابة إذ إن كل ما يحدث هو نتاج ما اعتاد الغرب عليه من الإمعان فى فرض الوصاية على دول المنطقة المهيضة الجناح، وتأتى إسرائيل لتلتحق بوليمة استهداف سوريا لتحقيق غايتها فى هذه الجولة ألا وهى إسقاط الدولة السورية تماما كما حدث من قبل بالنسبة للعراق وليبيا ليظفر الكيان الصهيونى فى النهاية بكل مكتسبات الوليمة..