الثلاثاء 21 مايو 2024

خبراء تربية ومناهج لـ«الهلال اليوم»: لا حل لمشكلة الدروس الخصوصية غير بمواجهة أسبابها الحقيقية.. والقنوات التعليمية بمثابة مدرس خصوصى مجانى.. وضرورة دراسة مجتمعية للوصول إلى العلاج المناسب

تحقيقات22-1-2021 | 16:41

أكد خبراء تربية ومناهج ومؤسسة أولياء أمور مصر، أن نظام الامتحانات الذي أعلن عنه وزير التربية والتعليم، الدكتور طارق شوقي، لن يحد من الدروس الخصوصية، موضحين أن لا حل لمشكلة الدروس الخصوصية غير بمواجهة أسبابها الحقيقية فهى عرض وليست مرض، كما أن فرض العقوبات ليست هى الحل فهناك طرق كثيرة يلجأ إليها المعلمين لإعطاء الدروس والهروب من العقوبة.


وأشار الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم الفني، إلى ضرورة القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية التي باتت بمثابة مرض متفشي في المجتمع، خاصة بعد توفير الوزارة العديد من الوسائل البديلة المجانية التي يمكن للطالب الاستفادة منها، مثل: القنوات التعليمية ومجموعات التقوية.


الدروس الخصوصية عرض لمرض


فمن جانبه، أوضح الدكتور حسن شحاتة، أستاذ مناهج تربوية وعضو المجالس القومية المتخصصة، أن الدروس الخصوصية بمثابة عرض مرض، والمرض هو عدم قدرة المدرسة على أداء واجباتها التعليمية بشكل كامل يُغنى الطالب عن الاعتماد على أى مصادر خارجية.


وأضاف شحاتة، في تصريحات خاصة لبوابة "الهلال اليوم"، أن في ظل تطوير العملية التعليمية أصبح هناك العديد من المصادر التي يمكن للطالب التعلم من خلالها، فهذه التطورات ساعدتنا على الانتقال إلى التعلم القائم على جهود المتعلم الذي يقوم بجمع المعلومات وتفسيرها، وتعليلها، والإدلاء برأيه اتجاهها.


وأوضح شحاتة أن المتعلم أصبح هو حجر الأساس في العملية التعليمية، وانتقلنا من ثقافة التخزين إلى ثقافة التفكير، فلم يعد الطالب مجرد مستقبل سلبي يحفظ ما يحصل عليه من معلومات دراسية، بل تحول إلى مفكر وباحث عن المعلومات.


وشدد أستاذ المناهج التربوية على أن زمن التخلف قد انتهى وباتت الدروس الخصوصية، والسناتر التعليمية، والكتب الخارجية عديمة الفائدة في ظل مسيرة تطوير التعليم، وأصبح المتعلم يعتمد على التعلم الذاتي من خلال جمع المعلومات بواسطة بنك المعرفة، والمنصات التعليمية، والعديد من الوسائل المجانية التي يستطيع أن يتعلم من خلالها والتحرر من قيد الدروس الخصوصية، فكل تلك البدائل ستساعد في القضاء على المدرس الخصوصي.


وأضاف شحاتة أن القنوات التعليمية بمثابة مدرس خصوصي مجاني، إلا أن أولياء الأمور وأصحاب المصالح الخاصة مثل: أصحاب السناتر والكتب الخارجية مازالوا يروجون للأفكار القديمة والحث على الذهاب إلى السناتر الخصوصية ظنًا منهم بأنها تعود بفائدة كبيرة على الطالب.


وأكد على أن الامتحان لن يأتي من الكتاب المدرسي، ولا الكتاب الخارجي، ولا التوقعات العقيمة للمدرسين، فالامتحان أصبح يعتمد على أسئلة الفهم والتفكير والتعبير، وليس مجرد نقل ما تم حفظه.


وأشار إلى أنه بعد إجراء امتحانات الثانوية العامة هذا العام، سيتم القضاء تمامًا على الدروس الخصوصية، فسوف يتم التأكد من أنها بلا فائدة تُذكر في ظل تطوير طبيعة الامتحانات والأسئلة الواردة بها.


لم يتم علاج السبب الرئيسي في مرض الدروس الخصوصية


وفي نفس السياق، قال الدكتور محمد عبد العزيز، خبير تربوي، إن الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم لمنع الدروس الخصوصية، لم يستفد منها الطالب، مؤكدا أنه لم يستطع علاج الأسباب الأساسية التي ساعدت على انتشار هذه الظاهرة، مثل: عجز المناهج الدراسية والمدرسة في تعليم الطالب على النحو المرجو.


وأضاف عبد العزيز، في تصريحات خاصة لبوابة "الهلال اليوم"، أن القنوات التعليمية لم تكن حلًا فعالًا، فيأتي غالب جمهورها من أهالي الريف الذين يعانون من مشاكل مادية تجعلهم غير قادرين على الذهاب للسناتر الخصوصية فلجأوا إلى هذه القنوات لعدم وجود بديل متاح لهم وليس لسبب رضاهم عنها.


وأوضح عبد العزيز أنه وفقًا للإحصاءات فإن النسبة الأكبر للدروس الخصوصية توجد في القاهرة والإسكندرية، ولم تساعد هذه القنوات في تقليل هذه النسبة بشكل كبير.


وأكد خبير تربوي أن القضاء على هذه الظاهرة يجب أن يتم من خلال دراسة مجتمعية وإجراء حوار مع الأهالي لمعرفة سبب لجوئهم إلى الدروس الخصوصية، فلا توجد علاقة بين نظام الامتحان الجديد والقضاء على الدروس الخصوصية.


وشدد على أنه من المفترض أن يكون الامتحان ذا معايير تقيس مستوى الطالب، ولكن إذا كان الامتحان جميع أسئلته صعبة فلن يقيس إلا مهارات التفكير العليا دون مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب.


وأشار عبد العزيز إلى أنه لا يقلل من مجهودات الوزارة في الارتقاء بالتعليم، ولكن كان يجب أن تستند مجهوداتها على أساس ما ينقص الطالب؛ لكي يلجأ إلى الدروس الخصوصية، فالقضاء على المرض لن يتم إلا من خلال معرفة السبب الحقيقي لانتشاره وإجراء حوار مع أطراف الظاهرة.


حوار مجتمعي لعلاج مرض الدروس

قالت داليا الحزاوي، مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، إن مرحلة الثانوية العامة هى دائما مرحلة قلق وتوتر للطلاب وكذلك أولياء الأمور؛ نظرا لأنها هى مرحلة تحديد مصير وجني ثمرة تعب 12 سنة دراسة في مراحل التعليم المختلفة، بالرغم من التغييرات التي طرأت على نظام التعليم إلا أن ما زالت الأسر المصرية تعتمد إلى حد كبير على الدروس الخصوصية فالمناهج ثقيلة وطويلة مقارنة بعدد أيام الدراسة الفعلية.


وأضافت الحزاوي، في تصريحات خاصة لبوابة "الهلال اليوم"، أن فكرة طرح وزير التربية والتعليم نظام جديد للامتحانات للحد من الدروس الخصوصية لن يفيد بشيء، فيجب أن يتم تغيير المناهج بحيث تتواكب مع نظام التعليم الجديدة التي تعتمد على مهارات التحليل والإبداع والبعد عن الحشو وضرورة رفع كفاءة المعلم بالمدارس من خلال التدريب على النظام الجديد الذي دفع بالكوادر الجيدة المدربة من المعلمين استغلال الموقف وإعطاء دروس خصوصية لمحاربة تلك الظاهرة.


وتابعت الحزاوي أنه يجب توفير بدائل مناسبة فيها عنصر جذب وتشويق للطالب ويأتي ذلك من خلال وجود معلمين في قنوات تعليمية لديهم موهبة وملكة في توصيل المعلومة حتى يقبل الطلاب علي متابعتها وكذلك المنصات التعليمية يتم استكمالها بكل المواد الدراسية.


وأشارت إلى أن النظام الثانوية الجديد المعروف الثانوية التراكمية يزيد الطلب على الدروس الخصوصية لمدة ثلاث سنوات، حيث سيقع عبء مادي ومعنوي على الأسرة، خصوصا أن الطالب في سنة أولى ثانوي لا يوفقه شيء في التابلت ولا طبيعة الأسئلة الجديدة التي تختلف في جوهرها اختلافًا جذريًا عن أسئلة النظام القديم التي اعتاد عليها الطالب طوال سنوات دراسته، مما يدفع أولياء الأمور إلى الاعتماد على الدروس الخصوصية؛ خوفا من عدم مقدرة الطالب في التأقلم مع النظام الجديد سريعا.


وطالبت من وزارة التربية والتعليم إعادة النظر وجعل سنة أولى ثانوي سنة تجريبي لا تدخل في تراكمية تخفيفًا على الأسر المصرية، كما يجب تحميل نماذج استرشادية باستمرار على التابلت حتى يتمكن الطلاب من معرفة طبيعة الامتحان الأمر الذي يقلل الخوف والقلق الذي يدفع الطلاب إلى أخذ دروس خصوصية.


وأكد أن لا حل لمشكلة الدروس الخصوصية غير بمواجهة أسبابها الحقيقية فهى عرض وليست مرض كما أن فرض العقوبات ليست هى الحل فهناك طرق كتير يلجأ إليها المعلمين لإعطاء الدروس والهروب من العقوبة.