السبت 1 يونيو 2024

رحل أوباما وبقيت معوناته المشروطة! فتش عن الإخوان فى الهجوم على مصر فى لجنة الاعتمادات الخارجية بالكونجرس

3-5-2017 | 13:12

بقلم – عزت بدوي

 

لم تكن توصيات لجنة الاستماع التى عرضتها لجنة المخصصات الخارجية بالشيوخ الأمريكية على الكونجرس بشأن مصر يوم الأربعاء الماضى والتى أوصت فيها بوقف المساعدات المالية الأمريكية لمصر أو خفضها فى العام الجديد هى الأولى من نوعها كما لن تكون الأخيرة أيضا طالما ظلت مصر عصية على الكسر رافضة لأى تدخل فى شئونها الداخلية لأى كائن من كان كان مستقلة فى إرادتها الوطنية وقرارها السياسى ولا تقبل المساومة عليه من أحد.

لجنة الاعتمادات الخارجية فى الكونجرس الأمريكى تأثرت بدعاية الإخوان السوداء ضد مصر

تقرير لجنة المخصصات الذى عرض على الكونجرس يوم الأربعاء الماضى تم إعداده عقب جلسة استماع ساخنة فى اليوم السابق تم الترتيب لها بإحكام لتصل إلى ما وصلت إليه من رأى استمع خلاله أعضاء اللجنة لشهادات ثلاثة من الخبراء الأمريكيين فى الإدارة الأمريكية السابقة التى كان يرأسها الرئيس السابق باراك أوباما والتى لم تخف انحيازها الأعمى لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية ودعمها ومساندتها سياسياً ولوجستياً. لكن ذهب أوباما وخرج من السلطة وبقيت إدارته وخبراؤها يديرون دفة البلاد فى علاقاتها الخارجية.

ورغم أن الرئيس الأمريكى ترامب أكد مساندته ودعمه لمصر فى حربها ضد الإرهاب واحتفى بالرئيس عبدالفتاح السيسى فى أول زيارة رسمية لواشنطن إلا إن لجنة المخصصات الخارجية بالشيوخ الأمريكى استدعت ثلاثة من الخبراء المحنكين فى إدارة سلفه باراك أوباما لسماع شهاداتهم المغرضة بشأن مصر قبل اعتماد المساعدات المالية لمصر حتى العام الجديد الذى يبدأ فى سبتمبر القادم والتى تتمثل فى ٣،١ مليار دولار مساعدات عسكرية ونحو ٢٠٠ مليون دولار مساعدات اقتصادية بعد أن كانت هذه المساعدات محددة بـ١.٢ مليار دولار منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام ١٩٧٩ مقابل ٣ مليارات دولار لإسرائيل.

بدأ واضحاً منذ البداية أن الثلاثى ميشيل دان خبيرة شئون الشرق الأوسط السابقة بالخارجية الأمريكية والباحثة الآن بمعهد كارنيجى لبحوث ودراسات الشرق الأوسط وإليوت إبرانر مساعد وزير الخارجية الأمريكية الأسبق للديمقراطية وحقوق الإنسان و«توماس ماليونسكي» وكيل وزارة الخارجية الأمريكية السابق فى عهد أوباما يدسون «السم فى العسل»، ففى الوقت الذى يؤكدون فيه على أهمية مصر كدولة محورية مهمة فى منطقة الشرق الأوسط يبدون قلقهم على تراجع أوضاع منظمات المجتمع المدنى بعد أن أغلقت مصر الأبواب الخلفية التى تتدفق منها ملايين الدولارات الأمريكية على هذه المنظمات بطرق غير شرعية.

ثم يكيل الخبراء الثلاثة الاتهامات الباطلة لمصر بشأن حقوق الإنسان والأقليات والمعتقلين مرددين نفس الأسطوانة المشروخة التى تروج لها جماعة الإخوان الإرهابية إن القراءة المتأنية لتقرير لجنة المخصصات الخارجية أمام الكونجرس الأمريكى يوم الأربعاء الماضى يعيد نفس التقرير الصادر عن ذات اللجنة عام ٢٠١٢ عقب محاكمات بعض منظمات المجتمع المدنى التى تلقت تمويلاً مشبوهاً من الخارج والدور الذى لعبته هذه المنظمات فى إثارة الفوضى فى البلاد والتى شملت بعض المتهمين الحاملين للجنسية الأمريكية والتى قادت الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى ذلك الوقت إلى وقف تسليم الطائرات «F١٦» التى كانت متعاقدة عليها مصر ضمن المساعدات الأمريكية العسكرية لمصر كما ألغى مناورات النجم الساطع بين البلدين والتى كانت تتم ضمن هذه المساعدات، ورغم إعلان الإدارة الأمريكية عدم الإفراج عن هذه المساعدات ما لم تستجب مصر لمطالبها بشأن منظمات المجتمع المدنى والموافقة على دعمها مباشرة من هذه المعونات بعيداً عن الحكومة المصرية وتلبية المطالب الأمريكية بشأن تحقيق تقدم فى ملف حقوق الإنسان وحماية الأقليات وغيرها من الاشتراطات السياسية والتى عرضت بالمعونة المشروطة والتى رفضتها مصر جملة وتفصيلاً وأعلنت رفضها لأى شروط بشأن هذه المعونات. وقبل رحيل أوباما عن البيت الأبيض تم تسليم طائرات الأباتشى لمصر وبدأ رحلة استئناف هذه المعونات، رغم عدم الاستجابة لأى مطلب أمريكى يمس السيادة والكرامة المصرية، وهو الأمر الذى يؤكد أن القضية ليست حرصاً أمريكياً على تحقيق الديمقراطية المزعومة والتى قادت العراق إلى التمزق أو حرصها على حقوق الإنسان، وإنما محاولة جس نبض الإرادة المصرية فى تلبية المطالب الأمريكية.

لكن يبدو أن أمريكا تتخذ من المعونات الأمريكية كوسيلة ضغط وابتزاز فى مناقشاتها السنوىة للمساعدات الخارجية فى لجنة الاعتمادات الخارجية بالكونجرس الأمريكى لتكون هذه المعونات بمثابة «العصا والجزرة» التى تلوح بها لتحقيق أهدافها ومعاقبة المارقين عليها.

التاريخ والأرقام تكشف أن الإدارة الأمريكية هى المستفيد الأكبر من هذه المعونات، بل إن ٧٠٪ من حجم المعونات الأمريكية لمصر منذ إقرارها عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد رجعت للشعب الأمريكى مرة أخرى، فهناك أكثر من ٢٠٠٠ شركة أمريكية متوسطة وصغيرة تقوم بتصريف منتجاتها من خلال هذه المعونات وبأسعار مبالغ فيها، وإذا توقفت هذه المعونات فسيتم تشييد العاملين فى هذه الشركات لتساهم هذه المعونات فى خلق فرص عمل للأمريكيين، كما أن نحو ٢٠٠ مؤسسة وشركة أمريكية تتولى تنفيذ مشروعات هذه المعونات والإشراف عليها بمبالغ ضخمة وأجور ومرتبات مستشاريها العاملين فى هذه المشروعات وهو الأمر الذى دفع أوباما إلى اتخاذ تدابير قانونية لتخفيف وطأة ما تتكبده الخزانة الأمريكية من تعويضات للشركات الأمريكية عند وقف المعونات لمصر كما حدث عام ٢٠١٣ بعد ثورة المصريين على حكم الإخوان وعزل رئيسهم محمد مرسى.

وأكد اللواء محمود زاهر الخبير الاستراتيجى أن السياسة الأمريكية الخارجية لا تتغير بتغير الإدارات سواء كان الرئيس جمهورياً أو ديمقراطياً وهذه واحدة. أما الأهم فإن ما تحصل عليه مصر ليست منحًا أو معونات أو صدقة أمريكية، بل هو تعويض مستحق لمصر وشعبها لما لحق بها من أضرار نتيجة السياسات الأمريكية الخاطئة فى منطقة الشرق الأوسط ومعاييرها المزدوجة وانحيازها الأعمى لإسرائيل. وبالتالى فكلمة مساعدات مسمى خاطئ.

وكشف الخبير الاستراتيجى أنه منذ ثلاثة أشهر صدر تقرير من إسرائيل يطلب رفع هذه التعويضات لإسرائيل إلى ٤٥ مليار دولار خلال ١٠ سنوات، ولكن جاءت الردود الأمريكية بخفضها إلى ٣٥ مليار دولار وأخيراً طلبت اسرائيل من لجنة الاعتمادات الخارجية رفع المبلغ إلى ٥٠ مليار دولار ولكن حتى الآن لم يصدر قرار رسمى أمريكى بهذا الشأن فهل ما يحدث الآن داخل لجنة الاعتمادات الخارجية رداً على هذه الضغوط المالية الخارجية، وهل تكون إسرائيل هى المستفيد من ذلك؟

أما ما أثير بشأن مصر فى اللجنة فهو أمر لم يتغير سواء الديمقراطية أو حقوق الإنسان، وخاصة فى السجون وإيقاف المحاكمات للإخوان والإرهابيين، لكن كان ردنا على كل ذلك أننا سندحر الإرهاب ونتخلص منه، بل إننا سنكسر رقبة الإرهابيين ونكشف من يدعمهم ويساندهم.

وأخيراً ...

فإن ما حدث هدفه واضح فى محاولة لإفساد العلاقات المتباينة بين مصر والإدارة الأمريكية الجديدة وإذا كانت مصر قد استفادت من هذه المعونات فإن الشعب الأمريكى استفاد أكثر ولم يثبت تاريخياً أن مصر وشعبها لم يكن فى يوم الأيام معتمداً على معونة من هنا أو مساعدة من هناك، بل على العكس يؤكد التاريخ للقاصى والدانى أن مصر كانت ومازالت ترسل معونات إلى العديد من دول العالم، ومن ثم فإذا حاولت أى قوى خارجية الضغط على إرادة مصر أو التأثير على إرادتها أو قرارها مهما يكن حجم الدعم أو المساعدة التى تقدمها فإنه فى هذه الحالة لن تكتفى مصر برفض هذا الدعم، بل الأمر قد يصل إلى الثأر لكرامة المصريين.

وإذا كانت لجنة الاعتمادات الخارجية تريد ربط هذه المعونات بشروط تعرف أنها مرفوضة مسبقا وهم الخاسرون فإن ما قرره أوباما قبل رحيله من إلغاء التدفق النقدى للمساعدات العسكرية والتى كانت تتيح لمصر وإسرائيل فقط التعاقد على شراء أسلحة أمريكية آجلة تدفع قيمتها من المعونات العسكرية اللاحقة ليحرر امريكا من الالتزامات التى قيدت قدرتها على إيقاف المساعدات العسكرية أو خفضها كما عهد لهذه الخطوة، فإنه أيضا حدد توجيه هذه المساعدات إلى أربعة مجالات فقط وهى مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود وتأمين سيناء وتأمين الحدود البحرية بجانب صيانة المعدات ونظم الأسلحة المصرية أمريكية الصنع ليحرر مصر أيضا من نظم تسليح معينة تتعاقد عليها بموجب هذه المعونات.