تأتي أهمية تطوير المواقع الآثرية بمصر إلى موقعها المتميز في عالم السياحة العالمي، ويتم ذلك من خلال إعادة تأهيل بعض الفنادق، والارتقاء بالمناطق التي توجد بها الآثار، وتطوير بنيتها الأساسية، والعدول عن كافة الأنشطة غير الملائمة للمناطق التراثية سعيًا لعودة المكانة التاريخية والمظهر الحضارى وفرض مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية، إلا أنه كثيرًا من حالات الترميم ينتج عنها عواقب غير مقصودة مثل ما حدث في:
ترميم قصر البارون
يقع القصر في شارع العروبة بصلاح سالم بمنطقة مصر الجديدة، والذي يمتلك طراز مأخوذ من العمارة الهندية، بدأت مسيرة ترميم القصر تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة حيث تم ترميم أسقف القصر العناصر الزخرفية الموجودة به والأعمدة الرخامية ، وتشطيب الواجهات، واستكمال النواقص من الشبابيك والأبواب، وتنسيق الحديقة الخاصة به بتكلفة تجاوزت ال 100 مليون جنيه.
إلا أنه بعد إتمام عملية الترميم وافتتاح القصر، لم يمض وقتًا طويلًا حتى وقعت كارثة أضرت بجدران القصر، وهى أقتراب هذه الأسوار من الحديقة التي كانت تُروى بالغمر مما تسبب في تكوين الرطوبة والأملاح التي أضرت بالجدران، وكانت الأضرار الناجمة عن ذلك واضحة بشدة من خلال الصور التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
كثيرًا ما نسمع عن حدوث أخطاء عند ترميم المباني والمناطق الأثرية، فلم تكن الأخطاء التي وقعت بجدران قصر البارون هي المرة الأولى، إننا نشاهد العديد من الوقائع التي يحدث بها أخطاء بالترميم تؤدي إلى تشويه المعالم الأثرية والإضرار بالمناطق السياحية، ومن أبرز هذه المناطق:
مسجد زغلول رشيد
أشار الدكتور محمود درويش، أستاذ العمارة الإسلامية بكلية الآداب جامعة المنيا، إلى أنه تم ارتكاب أخطاء فادحة في ترميم المسجد والتي نتج عنها إخفاء لمعالم ذلك الأثر خاصة المحراب الذي بهتت ملامحه المميزة بسبب محاولة تجديده بصورة لا تتوافق مع الأصول الأثرية على الرغم من توافر التصميم الذي ينبغي على المرممين اتباعه.
مسجد أحمد البجم الأثري... المهدد بالانهيار
يعود المسجد إلى عام 629هـ عندما أسسه "ضياء الدين رضوان" بقرية إبيار في الغربية ليكون مدرسة للعلوم الفقهية، يعاني المسجد الآن من ارتفاع مستوى المياه الجوفية التي أدت إلى زيادة نسبة الأملاح التي تسببت في تأكل الجدران والدهانات.
على صعيد أخر أوضح محسن سيد على، رئيس الإدراة المركزية للآثار الإسلامية بالمجلس الأعلى للآثار، في أحد التصريحات الصحفية، أن المسجد ليس في الحالة السيئة التي تهدده بالانهيار، وأن ميزانية الآثار في تلك الفترة تكفي فقط الآثار التي لا تحتمل الانتظار وتهدد بالانهيار.
قبة نجم الدين أيوب
تقع قبة الصالح نجم الدين أيوب بمنطقة النحاسين بشارع المعز، والذي تم افتتاحه بعد الترميم وإعاده تأهيله في احتفال ضخم حضره وزراء الآثار، والأوقاف، والتنمية المحلية، والثقافة، ومحافظ القاهرة، وعدداً من السفراء.
إلا أنها كانت مجرد واجهة تخفي ما خلفها من واقع أليم والحالة التي ظهرعليها باقي الأثر وكشف الأهالي عنها، فتم الاهتمام به من الخارج فقط وإهماله من الداخل، فالأعمدة الرخام والحوائط محطمة، ومدرسة السلطان نجم الدين مهملة.
وتعليقًا على ذلك ذكر مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن القبة والضرح مسجدان أثريان منفصلان عن باقي المدرسة التي تم هدم جزء منها منذ عشرات السنين وما تبقى منها تعرض للتعديات التي زادت خاصًة بعد الثورة.
معالم أثرية خضعت للترميم
على صعيد آخر تم الاهتمام بالعديد من المناطق الأثرية وترميمها إلى الحد الذي جعل منها منطقة جاذبة للسياح ومن هذه المعالم:
تطوير مبنى مربع المانستيرلي
أشار الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إلى العزم على تكوين لجنة تعاون ثلاثي تكون مقرها محافظة القاهرة وأطرافها المحافظة، ووزارتي الأوقاف والآثار، وذلك لما تمتلئ به القاهرة من آثار ومواقع آثرية وتاريخية وإسلامية فريدة، وتتولى اللجنة مهمة الارتقاء بالمناطق التاريخية والمباني الآثرية الموجودة بالقاهرة في محاولة لاستراجاع مكانتها السياحية العالمية.
عزمت اللجنة على إعادة تأهيل "مربع المانستيرلي" لإقامة فندق سياحي ثلاثة نجوم بروف مكشوف، يتضمن محلات ومطاعم على الواجهة وذلك في محاولة لجعل المنطقة جاذبة للسياح والحفاظ على التراث بمربع المانسترلي بالدرب الأحمر، وتم إخراج المستأجرين من المبنى حتي تتم عملية إعادة التأهيل، وفيما يتعلق بالمحلات المجاورة تم التواصل مع أصحاب هذه المحلات وتوضيح أن المحل الذي لن تتناسب طبيعة عمله مع تطوير المنطقة فسيتم تغيير نشاطه ليصبح أكثر ملائمة للفندق بشرط ألا يكون ملوثًا للبيئة.
ترميم قبتي الأشرف خليل وفاطمة خاتون
من المعالم الأثرية الواقعة بشارع الأشراف بمنطقة الخليفة بالقاهرة الفاطمية، أعربت وزارة الآثار المصرية عن البدء في مشروع تطوير قبتي الأشرف خليل وفاطمة خاتون الذان يمثلان عمارة العصر المملوكي، وهدف المشروع إلى تحويل الأرض المقابلة للقبتي إلى حديقة عامة تحتوى على مقهى ومنطقة لعب أطفال ومكتبة لهم، بالإضافة إلى بناء مسرح مكشوف والقضاء على مشكلة المياه السطحية والأملاح التي تتسبب في تأكل بعض الأجزاء.
كان ذلك جزءًا من الخطة الهادفة إلى الارتقاء بمنطقة الخليفة كلها بما تتضمنه من مباني أثرية وإنشاء مشروعات عمرانية جديدة تعمل علي جذب السياحة.
قصر عائشة فهمي
قام الدكتور حلمي النمنم، وزير الثقافة السابق، بافتتاح قصر عائشة فهمي بالزمالك والذي يعرف ب"مجمع الفنون"، وسط احتفال لافتتاح القصر بعد ترميمه الذي بدأ العمل به منذ عام 2005 بتكلفة وصلت إلى 80 مليون جنية، وفقًا لبيان وزارة الثقافة المصرية، وشهد الحفل حضور عدد كبير من الإعلاميين والمثقفين والفنانين التشكيليين.
يقع القصر على مساحة 2700 متر مربع، وهو عبارة عن بهوين وبردوم وسطح، وتحول البدروم إلى قاعة عرض للفنون التشكيلية عقب الترميم.