استقرت الدولة المصرية على إجراء تحديث شامل للسكك الحديدية فى مصر وشق طرق جديدة للقطارات تختصر الوقت وتقدم خدمة متميزة للمواطنين ، واختارت البدء بمشروع سكة حديد العلمين العين السخنة وهو مسار جديد ومختلف للقطارات ، حيث كانت مصر قد تعودت على المسار الطولى للقطار عبر الدلتا وحتى الصعيد ومع المشروع الجديد يصبح المسار عرضى لأول مرة ورابط بين موانى البحر الأحمر والأبيض بخط سكة حديد .
تسرع البعض وبدأ فى إطلاق الأحكام على المشروع ، ووضعوا أسئلة وإجابات لا تمت للواقع ، وأثاروا لغطا غريبا حول مشروع قومى حقيقى كان يحلم به المصريين لسنوات طويلة لحل أزمة السفر وتوقف الاعتماد على خط سكة حديد واحد قديم وعتيق يصل ما بين الدلتا والصعيد وما ينتج عن ذلك من زحام خاصة فى الأعياد .
وبخلاف ما ردده البعض من انتقادات عن المشروع ، ظهرت ادعاءات قنوات الفتنة الإخوانية لتقول إن القطار هدفه الأغنياء فقط ، وهو قول مكذوب أخر يسعى إلى تنميط المشروعات القومية على أساس طبقى غير حقيقى وغير واقعى، ومردود عليه بأن عائد التنمية أى تنمية تهتم بتحسين مستوى الخدمات يصل إلى الجميع فى النهاية سواء كان غنياً أو فقيراً فالكل مصريين .
محاولة إثارة الأحقاد الطبقية أسلوب إخوانى متكرر لتشوية أى منجز قوى تحققه الدولة ، واستخدمته ضد كثير من المشروعات القومية بإثارة تساؤلات وتوهمات لا تستند لأى دليل واقعى مستغله عدم انتباه البعض لتفاصيل المشروع وأهميته ونجاح ترويج مقارنات ساذجة بين أهمية مشروع وآخر أو طرح لأولويات آخرى كان يجب أن تقوم بها الدولة عوضاً عن المشروع وهو منطق لا يتناسب مع حجم وتطور العمل فى الدولة المصرية ولا مع التحديات التى تواجهها.
إن تأخر مصر خلال سنوات ما قبل 30 يونيو نتج عنه تحدى زمنى خطير ملقى على عاتق الدولة المصرية ، ويتطلب ذلك التحدى أن تتحرك الدولة فى كل المسارات بشكل متوازى حتى لا تخرج من السباق التنموى الإقليمى ، فكل دولة تبحث عن مصالحها وبالفعل حصل بعضهم فى الماضى على مكاسب بسبب غياب دولة آخرى عن المضمار وتم استغلال تأخر مصر من جانب دول اخرى وحققت من ورائه مكاسب ضخمة ، وهو ما يفسر حالة العداء المستحكم بينها وبين مصر ودعمها لجماعات تحاول هدم امنها و استقرارها .
والواقع أن شبكة القطارات السريعة وتوطينها فى مصر سيحدث نقلة كبيرة فى حياة كل المصريين بعيدا عن تصنيفهم الطبقى ، فهذه الشبكة فاتحة لنمو عمرانى متوقع يصاحب دائما السكة الحديد ، وسيحول المناطق النائية التى سيعبرها القطار إلى مناطق عمرانية يسهل فيها المعيشة فضلا عن أنه سيخدم السياحة والسفر والتنقل بين الدلتا وأقصى الصعيد وسيقدم رحلة زمنية قصيرة من مدينة 6 أكتوبر وحتى أسوان لن تستغرق سوى أربعة ساعات بخدمة أعلى ووقت أقل .
بدون شك ستكون تلك الشبكة جزء من شبكات النقل والتنمية فى أفريقيا والاتجاه الاستراتيجى المصرى للشراكة الأوسع مع دول الجوار سواء مع الأشقاء فى ليبيا أو السودان الذين يسعون أيضا للتنمية والاستفادة من الفرص التى يمكن أن تقدمها مصر لهم .
عند حساب التكلفة يجب أن نفهم أن أى خدمة أو سلعة هناك من ينتظرها فهى لا تحدد من يطلبها ، والطلب على هذه القطارات سيتطور مع مرور الوقت ، فى أوروبا على سبيل المثال لا يوجد سعر موحد للقطار السريع بل يخضع للعرض والطلب وتكلفة الرحلة وتوقيت الحجز، ويتعامل معه الجميع الغنى والفقير كلا حسب حاجته .
الحقيقة أن الدولة المصرية لم تقصر فى حق الأقل دخلا ، وظهرت عشرات المبادرات التى تستهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية لمواطنيها فى القرى والمدن على حد سواء ، وهو ما يمكن ملاحظته فى مشروعات مثل حياة كريمة، وتكافل وكرامة، وهما مشروعان خصصت لهم الدولة موازنه ضخمة من أجل توسيع شبكة الحماية الاجتماعية خلال فترة الاصلاح الاقتصادى التى تعيشها مصر .
وعند النظر إلى كثير من المشروعات القومية العملاقة يجب أن نتوقف عن نمط التفكير الطبقى فى من يستفيد منها، لأن الدولة كلها تستفيد فى النهاية بوجود مثل ذلك المشروع الكبير ، فالانجاز هو قطعة من قطع كثيرة ترسم مشهد جديد لدولة قوية تسابق الزمن لتحصل على عوائد معدلات تنمية مناسبة يساعدها على تلبية احتياجات شعبها فى الوظائف والخدمات وأن تستمر فى الدعم الذى تقدمه لمن هو أقل دخلا .