بقلم – خالد ناجح
٢٠ ساعة من المناقشات الجادة والتفاعلية على مدى ٦ جلسات عمل، كانت حصيلة الحوار الشفاف بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والمسئولين والشباب بالمؤتمر الدورى الثالث للشباب، الذى عقد بمحافظة الإسماعيلية، الذى بدأ بالتزامن مع ذكرى تحرير سيناء واستمر ثلاثة أيام.
ومن الإسماعيلية أرسل شباب مصر رسالة سلام إلى نظرائهم فى مختلف دول العالم.. يدعونهم فيها للتحاور والمناقشة واللقاء فى مؤتمرهم الثانى بشرم الشيخ فى اكتوبر القادم نقلوها لهم من على شاطئ القناة وأمام أرض سيناء لكى يقولوا لهم إن السلام بدأ من هنا.. ونحن شباب مصر لانريد سوى السلام فتعالوا شاركونا ليسود العدل والمساواة والإخاء والمحبة فى عالمنا.
فكرة دعوة شباب العالم للمشاركة فى المؤتمر السنوى المقبل للشباب فى أكتوبر المقبل بشرم الشيخ، وهى الدعوة، التى تم إطلاقها فى الجلسة الافتتاحية باللغتين العربية والإنجليزية من شباب المؤتمر، وهى الدعوة التى استجاب لها الرئيس السيسى، الذى ضم صوته لصوت الشباب فى هذه الدعوة، حتى تكون رسالتنا للعالم رسالة سلام وتنمية ومحبة، وهى فكرة فى غاية الروعة لأنها ستحول مؤتمر الشباب من منتج وحالة مصرية خاصة إلى مناسبة عالمية، يتبادل فيها الشباب من كل دول العالم الخبرات، وسيكون المؤتمر السنوى بشرم الشيخ فى أكتوبر المقبل بداية التدشين لهذه الفكرة، التى انطلقت من شباب المؤتمر.
يأتى ذلك فى لمحة عبقرية بين الزمان والمكان ليجمع فى قاعة واحدة بين شباب لم يعش هذا اليوم والحرب التى أثمرته، وبين عدد من الأبطال الذين جمعهم الرئيس السيسى ليكرمهم وفيهم من عاصر حرب ٥٦ فى بورسعيد والاستنزاف وأكتوبر ٧٣.
ولم يكن اختيار مؤسسة الرئاسة لهذا التوقيت من فراغ، ولكن ليتذكر الأبناء والأحفاد، تضحيات الآباء والأجداد أمجاد وتضحيات أهالى مدن القناة وسيناء، لتشهد عبقرية المكان والزمان الحدث، الذى أضحى يربط الشباب بالقيادة السياسية وصانعى القرار، وليصل صوتهم إليهم، وتوعيتهم بحجم الإنجازات والتحديات على أرض الواقع، أو كما قال الرئيس السيسى فى ختام المؤتمر: إن مصر الآن تمر بلحظة فارقة لعبور الجسر بين التحديات والإنجازات.
وحسب الهدف هو أن تصبح هذه المؤتمرات بمثابة قناة الوصل الدائمة والقوية، التى تربط جموع الشباب بجسد المجتمع كله، والمنبر يتيح لهم الفرص المستحقة والواجبة لتبوء موقعهم الصحيح فى المجتمع والدولة، بحيث يكونون على رأس قافلة البناء والتعمير والتحديث فى وطنهم.
نعم مصر استعادت وعيها بل وروحها وعرف الجميع أن صناعة المستقبل يحتفظ الشباب بأسرارها ويمتلكون حصريا خارطة الطريق للتنمية المستدامة والفكر والعمل والتضحية لتحقيق غد أفضل لهم ولبلادهم ولشعبهم فى مؤتمر المصارحة والمكاشفة، مستكملا قطار المؤتمر، الذى انطلق فى أكتوبر الماضى بشرم الشيخ ثم مر بمحطة القاهرة وبعدها أسوان، ووصل إلى الإسماعيلية، ويستعد للانطلاق إلى محطة جديدة يجرى من الآن الإعداد لها والترتيب لموضوعاتها، التى ستخضع للنقاش بين المسؤولين والشباب.
رسائل كثيرة وصلت الشعب المصرى سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أهمها أنه كسر للحاجز الكبير، الذى كان يفصل فى الماضى بين وزراء الحكومة والشباب، وأنا هنا لا أعنى فقط أن الشباب كانوا يقولون آراءهم بحرية مجردة وشفافة، وكانوا فى المقابل يجدون آذانًا صاغية من الجميع بداية من رئيس الدولة ووصولا إلى كل مسؤولى الدولة المصرية، لكن أيضًا لأن المؤتمر استطاع خلق حالة جديدة على الحياة السياسية المصرية تتمثل فى التفاهم بين الوزراء والشباب وكذلك الحوار الهادئ المبنى على قاعدة الوطنية والتفاهم المشترك لما يخدم المصالح العليا للدولة المصرية.
ولا ننسى جهد التنظيم فهو عمل شاق قبل وأثناء المؤتمر حتى أنك تشعر أن مؤتمر الشباب بالإسماعيلية يقوم بتنظيم أحد أكبر شركات تنظيم المؤتمرات فى العالم، كذلك المؤتمر رسخ لقاعدة مهمة وهى الاهتمام بالفنون والعادات المصرية المتأصلة، ويظهر ذلك من الفلكلور، الذى يتم تقديمه خلال المؤتمر، وقد شاهدنا ذلك فى أسوان حينما رأينا اهتماما بالفلكلور الأسوانى، وفى الإسماعيلية ظهر فلكلور مدن القناة، الذى قدمه شباب من الإسماعيلية، والمهم أن الفلكلور يقدمه شباب، كما رأينا فى فرقة السمسمية الشابة.
تركيز الرئيس فى مداخلاته على قضية تزييف الوعى لدى الشعب على مدى السنوات الماضية، التى أدت إلى نزول المصريين للشارع أكثر من مرة، ولا تزال قوى خارجية تدعمها أخرى فى الداخل تلعب على هذه القضية من خلال بث الشائعات والفتن عبر وسائل التواصل الاجتماعى، وهو أمر شديد الخطورة، وعلينا أن نعيه جيدا خاصة أن هناك من يسعون إلى هدم الدولة المصرية، كانت المصارحة هى العنوان الرئيسى للنقاش والحوار، واختفى الخوف فى الطرح، وكانت مبادرة اسأل الرئيس، الفكرة المبتكرة من القائمين على مؤتمر، التى شهدت تفاعلا كبيرا من الشباب، ووجدت اهتماما من الرئيس الذى لم يجد غضاضة فى أن يجيب بصراحته المعهودة على كل ما وصل تطبيق «اسأل الرئيس» من أسئلة فى جلسة كانت أكثر من مميزة، تفاعل معها الرئيس وأجاب عن كل الأسئلة حتى تلك التى كانت تعتبر من المحرمات فى الماضى.
طمأن الرئيس الشعب المصرى بمعدلات الإنجاز فى المشروعات الوطنية الكبرى وتوقيتات الانتهاء منها، إلى أن العمل يجرى على قدم وساق لإتمامها فى مواعيدها المحددة بحلول منتصف العام المقبل، وأوضح أن التأخير فى بعض المشروعات ومنها مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان قد جاء بسبب كثرة الإجراءات وتشابك عمل الوزارات، كما أعلن أن هناك العديد من المشروعات، التى لا يتم الإعلان عنها بسبب أهل الشر، فضلا على عدم الإعلان عن أى من المشروعات إلا بعد اكتمالها لتشهد تدشينا حقيقيا يراه القاصى قبل الداني.
وبالطبع أثبت شباب البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة وصلوا إلى مرحلة من النضج منحت كل الحضور الأمل فى مستقبل مصر، وتأكيد أن البلد بها شباب قادرون على تولى المسؤولية بعد فترة من الخبرة يكتسبونها من الاحتكاك المباشر مع الدولاب الإدارى للدولة، وقد أكد الرئيس السيسى أن الدولة مستمرة فى دورات البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب والانتقاء بتجرد ومعايير ثابتة حتى يتولوا مناصب قيادية فى الدولة، وأشار إلى أنه سيتم الاستعانة بمجموعة من خريجى البرنامج الرئاسى فى مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء والوزارات والمحافظات، كما أشار إلى أن هناك حاليًا دورة بالبرنامج الرئاسى لتأهيل مجموعة من حملة الماجستير والدكتوراه لإعدادهم لتولى مناصب الوزراء والمحافظين.
ويأتى انخراط الشباب فى العمل العام والتنفيذى من أهم مكاسب المؤتمر، حيث أكد الرئيس أنه سيتم تسليم الدولة للشباب، ولكن عليه أن يكون قادرًا على تحمل المسئولية، وأن يعى جيدا أن هناك جسرًا بين الواقع والمأمول، وطلب منهم أن يتقدموا بأفكارهم النظرية، إلى مؤسسات الدولة المختلفة، ودعا مجموعة من شباب الاقتصاديين لتشكيل مجموعة تحفيز ومتابعة للعمل مع الحكومة فى رصد واقع المشكلات واقتراح الحلول لها، وعرض نتائج عملهم خلال مؤتمر الشباب المقبل، على أن يدعمهم الرئيس بالتواصل المباشر معه.
ووجه الرئيس خلال المؤتمر كمًا كبيرًا من الرسائل، منها رسالته إلى مؤسسات الدولة، حيث أشار إلى أن هناك حالة من الجذب والشد بينها، وأن الوضع الحالى يحتاج إلى تكاتف جميع المؤسسات، مطالبا إياها بالتكاتف والتعاون والتجرد.
وخاض الرئيس فى القضايا الشائكة، التى تشغل الرأى العام المصرى، ومنها قضية جزيرتى تيران وصنافير، حيث أكد احترامه حكم القضاء ورأى البرلمان بشأنهما، وشدد على أنه لن يجامل أحدًا على حساب البلاد.
وقال إنه لم ولن يتخذ أى إجراءات استثنائية ضد المعارضة، وأنه يدعم جميع الأحزاب للمساهمة فى المسيرة السياسية والتنموية، وأشار إلى أن الدولة لديها إرادة حقيقية فى التصدى للفساد.
وأشار إلى أن الهدف من عقد مؤتمرات الشباب هو مصارحة المصريين بالتحديات بعد فشل الإعلام فى نقلها للمواطنين، وأن القوات المسلحة تقوم بدور تنموى مواز للدولة، وأكد أننا نواجه حرب إرهاب وعقولا وإعلامًا، وأن مصير مصر فى يد شعبها.
وطالب الرئيس المصريين بالنزول بكثافة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، مؤكدا أنه لن يستمر ثانية واحدة فى الحكم رغما عنهم، وقال: إن الإرهاب فى شمال سيناء أصبح فى نهايته، وإن الدولة لن تخلى المساكن من أهاليها هناك.
نحن أمام تجربة جميلة ورائدة وناجحة، بنت جسورًا عميقة بين الدولة وشباب مصر، وعندما أنظر إلى علاقات الدولة بشبابها قبل أربعة أعوام، وأرى اليوم هذه الجذور العريضة، التى مُدّت بين الشباب والدولة، فهذا يعنى أن المستقبل نسير تجاهه للأفضل.
الرئيس السيسى أعاد الأمل للشعب المصرى عامة وخاصة الشباب، واعترافه بأن المصريين صبروا وضحوا من أجل مصر كثير ومن ناحيتنا نعلم حجم وخطورة المرحلة، التى تمر بها مصر على صعيد الداخل والخارج.. حفظ الله مصر.