السبت 1 يونيو 2024

الشعب والرئيس.. وعود وأهداف

3-5-2017 | 13:56

بقلم: محمد الشافعى

يمتلك كل إنسان مجموعة من) المفردات(.. تتكرر أكثر من غيرها خلال كلامه وأحاديثه.. لتصبح المؤشر الدال على فحوى ومضامين الكلام والأحاديث.. ومنذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية حكم مصر.. قبل ثلاث سنوات.. وجدنا أن كلمة (الشعب) من أكثر الكلمات تكرارًا فى كل أحاديثه وحواراته.. والشعب يعنى المواطن واحتياجاته وحقوقه وواجباته.. والرئيس يعنى المسئولية والقيادة.. والالتزام بتحقيق أمن الوطن وأمان المواطن.. فالرئيس يبحث عن (رضا الشعب).. ليس فقط بتحقيق الرغبات والمتطلبات الحياتية الملحة.. ولكن بوضع هذا الشعب فى (المكانة) التى تليق بقيمة وقامة هذه الأمة..

تلك المكانة التى اعتاد عليها المصريون.. مع كثير من قادتهم وزعمائهم.. والشعب يبحث عن (الرضا) عما يقدمه الرئيس من أداء وتفان وإنجازات.. والبحث عن ذلك الرضا من الشعب والرئيس.. قد يبدو ثنائيًا ومتعارضا.. والحقيقة أن الهدف واحد.. فكلاهما يبتغى أمن الوطن.. وأمان الوطن.. وحول الرضا بين الشعب والرئيس يمكن أن نتوقف أمام العديد من الأفكار والرؤى ومنها:

أولًا: بدأ الرئيس السيسى مسئولية حكم مصر بأعباء وأحمال شديدة الوطأة.. لا تتمثل فى تلك التركة الصعبة والشائكة من المشاكل والقضايا الملتهبة.. ولكنها تتمثل بالأساس فى ذلك التأييد الجارف الذى حظى به الرئيس.. فقد جاء إلى الحكم بتأييد أقرب إلى )الإجماع( من كل قطاعات المجتمع.. فلم يرفض وجوده إلا جماعة الإخوان ومن يدور فى فلكهم.. أى أن الرئيس السيسى بدأ من قمة التأييد.. عكس الزعيم جمال عبدالناصر.. والذى وصل إلى قمة التأييد بعد سنوات من الإنجازات المنحازة للشعب.. بما يعنى أن الإشكالية الخطيرة التى ستظل كامنة فى علاقة الرئيس السيسى بالشعب.. أن شعبيته إما أن تثبت أو تقل.. وذلك لأن أعداءه وخصومه من الإخوان لم ولن يؤيدوه.. وقد دفع هذا التأييد الكبير الرئيس السيسى إلى محاولة تحقيق إنجازات كبيرة.. تليق بهذا العطاء الشعبى العظيم.. حيث خرج ملايين المصريين.. إلى الساحات والميادين.. ليتحدّوا حكم الإخوان.. الذى حاول تغيير هويتهم.. بالطعن فى وسطيتهم ووحدتهم الوطنية.. وستظل هذه الوقفة.. جميلًا يطوق عنق الرئيس السيسي.. مما يدفعه إلى بذل أقصى جهد للحصول على رضا المصريين.

ثانيًا: لا يستطيع أى إنسان أن يشكك فى أن الرئيس السيسى يبحث عن)رضا الشعب(.. ولكن الكثيرين فى دوائر الحكم.. لا يعزفون نفس نغمات الرئيس.. حيث يبحثون فقط عن (رضا الرئيس) ويالتهم يبحثون عن ذلك بالطريقة التى ينتهجها الرجل ذاته.. ولكنهم يفعلون ذلك على طريق من يذهب إلى الأفراح ليجامل أصحاب الفرح.. فيطلق الرصاص عشوائيًا ليصيب ويقتل الأبرياء.. وأحيانًا يصيب أو يقتل العريس نفسه.. وقبل أن نوافق أو نعترض على هذا الطرح.. علينا أن نراجع بعض قوانين مجلس النواب.. وكثير من قرارات وسياسات الحكومة.. لنكتشف أنها تضع المزيد من الأعباء على كاهل الرئيس.. بل لا نغالى إذا قلنا إن هؤلاء يضعون الرئيس فى (حرج شديد) مع الشعب.

ثالثًا: يتبنى الرئيس السيسى (سياسة إصلاحية).. تحمل الكثير من الأفكار البراقة.. والنوايا الحسنة.. ولكن القائمين على تنفيذ هذه (الرؤية) من الوزارات والهيئات.. يندفعون فى طرق واتجاهات عكس ما يريده الرئيس.. بل عكس ما يريده (الإصلاح) فى أى مكان فى الدنيا.. فالإصلاح - أى إصلاح - يستهدف المزيد من راحة المواطن - بتحقيق الأهداف والمتطلبات.. والتى على الأقل تحقق له الحد الأدنى من الحياة الكريمة.. من خلال تحقيق (العدالة الاجتماعية) .. تلك العدالة التى تجمع ما بين الأمن العام والأمن الخاص للمواطن.. ذلك الأمن الذى يشمل التعليم والصحة والمسكن والطعام.. إلخ فإذا ما نظرنا إلى الأمن العام.. وجدنا أن الجيش والشرطة يبذلان جهودًا جبارة.. وصلت بنا إلى تحقيق الكثير والكثير من الأمن والأمان.. وفى المقابل نجد الكثير من التقصير والعوار فى أداء كل الوزارات والهيئات والمؤسسات المسئولة عن الأمن الخاص للمواطن.. ولعل ذلك السعار المسموم والذى أصاب كل السلع والخدمات.. يكشف مدى التدهور والتراجع فى تلك المؤسسات.. مما جعل الغضب المكتوم فى صدور المواطنين.. يتحول إلى همسات متألمة.. دفعت الرئيس أكثر من مرة لأن يقول (صمت المصريين يؤلمنى أكثر من كلامهم).. فالرجل يبحث دومًا عن (رضا المواطن).. بينما الحكومة تصر على أن تنثر (بذور الغضب) فى كل مكان.. ومثل هذه البذور تحتاج إلى جهود جبارة.. حتى لا تتحول إلى أشجار من القلق.. ويحاول الرئيس فى كل تصريحاته وتحركاته.. العمل على نزع فتيل تلك الأزمات التى تصنعها الحكومة.

رابعًا: تؤكد الحكومة على أن نسبة الفقر.. تقف عند حدود ٢٨٪.. وأن نسبة البطالة تقف عند حدود ١٣٪ .. وأن الدين الخارجى تخطى ٦٥ مليار دولار.. وأن الدين الداخلى تخطى المليار جنيه.. وأننا نستورد أكثر من ٧٠٪ من غذائنا.. وكل هذه الأرقام وغيرها الكثير.. تسبب حالات من القلق والألم والغضب لدى المواطن البسيط.. قبل الخبراء العارفين بمدى خطورة هذه الأرقام.. وكان من الممكن تفادى الكثير من مخاطر هذه الأرقام.. لو اتبعت الحكومة” فقه الأولويات”.. أو على الأقل «فقه التوازن».. ما بين الاحتياجات الضرورية للمواطن.. وبين المشروعات العملاقة التى ستؤتى ثمارها بعد سنوات.. فالعاصمة الإدارية الجديدة مشروع مهم.. ولكن الأهم إنشاء شبكة من المصانع.. يمكنها استثمار الخامات الكثيرة الموجودة فى مصر.. ومشروع المليون ونصف مليون فدان مهم جدًا.. ولكن الأهم إعادة تطهير ترعة السلام التى وصلت إلى منتصف سيناء.. وزراعة ٦٢٠ ألف فدان صالحة للزراعة فورًا.. ٢٠٠ ألف غرب القناة و ٤٢٠ ألف شرق القناة.. وشبكة الطرق العملاقة مشروع مهم.. ولكن الأهم تنفيذه على مراحل.. بحيث تنتهى كل مرحلة بوجود مدينة سكنية ومصنع.. على غرار»مجمع الألومنيوم فى نجع حمادى».. بحيث نتمكن من نقل المواطنين المتكدسين فى الدلتا والصعيد.. إلى أعمال جديدة ومساكن جديدة.. لصناعة مجتمعات جديدة.. تساهم فى زيادة الإنتاج وتعويم الاقتصاد.. وهناك العديد من الصناعات تحتاج مصانعها إلى أقل من سنة لإنشائها.. خاصة إذا تم الإنشاء قريبًا من الخامات.. وكل هذا يعنى أن «فقه الأولويات».. أو على الأقل «فقه التوازن».. سيحقق رؤية الإصلاح.. ولكن ليس على حساب الاحتياجات الضرورية للمواطن.. ولذلك فإن الحفاظ على” رضا الشعب» .. والذى يمثل الهدف الأسمى للرئيس.. يستوجب حتمية وجود” وقفة مراجعة».. ينتج عنها استراتيجية عامة.. تؤكد على مسئوليات الحكومة.. ومسئوليات الشعب.. من خلال توقيتات حاكمة لجنى الثمار.. ورفع المعاناة عن كاهل الشعب والدولة.. ولعل العام المتبقى من الولاية الأولى للرئيس السيسى.. يمثل مساحة زمنية مناسبة.. لتحقيق الرضا الكامل ما بين الشعب والرئيس.. وهذا يستلزم حكومة تفكر خارج الصندوق.