أيام المجد والبطولة،
متسجلة على ورق البردي، وفوق حيطان المعابد والمسلات، والأهم أنها متسجلة في قلوب
المصريين، وعلى مدى 69 عاما ما زالت معركة الشرطة المصرية ضد القوات البريطانية في
25 يناير 1952 في الإسماعيلية تمثل بطولة فريدة من الكفاح الشعبي وإحدى شرارات
ثورة يوليو، بعد أن رفض رجال الشرطة إخلاء مبنى المحافظة للقوات الإنجليزية ليسقط
فيها نحو 50 شهيدا و80 جريحا وكان أحد أبطالها "اليوزباشي مصطفى رفعت".
ففي مثل هذه الليلة،
يوم 25 يناير 1952م، كان هناك محتل ظالم وجائر يتحامى في دبابته، وعلى النقيض كان
يتواجد أبطال كتب عليهم وضع حياتهم في كافة، وتراب وطنهم في كافة، واختاروا
التضحية بحياتهم من أجل وطنهم الحبيب مصر، ليسقط 50 شهيدا و 80 جريحا في معركة
الإسكندرية، وتشاء الأقدار أن يبقى قائدهم أحد أبطال المعركة " اليوزباشي
مصطفى رفعت " ليسجل للتاريخ تفاصيل الملحمة للأجيال التالية.
"شجاعة ضابط مصري".. كان عنوان أحد
الأخبار التي نشرتها صحيفة "الأهرام" في صفحتها الأولى باليوم التالي،
26 يناير 1952، لتسرد فيه قصة البطل الراحل وبسالته وشجاعته والإعجاب الكبير الذي
حصده بين الإنجليز.
لم نكن ندافع عن
أنفسنا أو مواقعنا بل كانت المدينة بكاملها تدافع ضد اجتياحها".. بهذه الكلمات
عبر البطل الراحل عن دوافع الملحمة حينذاك في أحد حواراته الصحفية السابقة موضحا
أنه جرت اتصالات بينه وبين وزير الداخلية حينذاك فؤاد سراج الدين حيث شرح له الأمر
وسقوط العساكر، قائلا: "سألني إيه قراركم، أجبت القرار قرار العساكر كلها،
وهو لن نخرج ولن نستسلم، سنقاوم لآخر طلقة ولن يتسلموا إلا جثثا هامدة، ليرد عليه
الوزير بقوله شدوا حيلكم".
هكذا سطر "اللواء
مصطفى رفعت" اسمه في سجلات الشرطة المصرية، بأحرف من فداء وحب للوطن، ليظل
أيقونة بارزة بتصديه للقوات البريطانية بشجاعة وبسالة وبمساندة أهالي الإسماعيلية،
ليوجه له التحية الجنرال ماتيوس قائد قوات الاحتلال الإنجليزي في منطقة القناة
بالكامل قبل أن يتوصلوا لاتفاق وقف القتال بشرط نقل المصابين والخروج الكريم
للضباط المصريين وهو ما تحقق بالفعل ليكون عيدا قوميا للمحافظة ثم الشرطة بأكملها،
وعلى الرغم من أنه فارق دنيانا قبل عدة أعوام ، حيث وافته المنية في 13 يوليو 2012، إلا أن البطل مصطفى رفعت، ما زال حاضرا عند المصريين في كل عید من أعياد
الشرطة ، وحتى عيد هذا العام الـ 69 ، وحاضرا وفي سجلات الشرف ، غير الرسمية منها
والرسمية للشرطة المصرية رمزا وأيقونة بارزة بتصديه للقوات البريطانية بشجاعة
وبسالة ، ومساندة أهالي الإسماعيلية .