قدمت مصر العديد من
شهداء الوطن، في ساحات الشرف والنضال، الذين ضحوا بأرواحهم حتى أخر نفس، وبدمائهم حتى أخر قطرة، دفاعا عن الحق،
وحماية الوطن، وستبقى مصر أبد الدهر تذكر شهدائها في صفحات الخلود، ويقدم جميع
أفراد الشعب المصري، يوم عيدهم الحر الكريم، تحية خالصة، لتضحيتهم بدمائهم، حتى
يوفروا لهم العيش بأمان واستقرار.
ونالت "الهلال
اليوم" شرف تدوين مسيرة النقيب البطل الشهيد عمر ياسر عبد العظيم، معاون
مباحث مركز شرطة أبو حماد، بالشرقية، ويروي والد الشهيد عمر، الدكتور ياسر عبد
العظيم، عميد كلية التربية الرياضية، بجامعة الزقازيق، السابق، أن البطل عمر من
مواليد 1993، وكان هدف طفولته أن يصبح ضابط بالشرطة المصرية، وكان شديد الحرص على
تحقيق هذا الهدف، وبعد حصوله على 97% بالثانوية العامة، التحق بكلية العلاج الطبيعي،
عن غير اقتناع ولكن تحقيقا لرغبات والديه، وبعد نجاحه بتفوق في السنة الأولى من
كلية العلاج الطبيعي، ألح الشهيد عمر على والده ليلتحق بكلية الشرطة مصنع الرجال،
التي التحق بها بالفعل عام 2012، بعد اجتيازه الاختبارات الخاصة بالكلية، وتخرج
منها عام 2016.
ويضيف والد الشهيد، أن
البطل استجاب لرغبة والدته في أن يؤدي خدمته بالشرقية، ليعمل في مركز شرطة
الزقازيق، ولتميزه وتفوقه، كان الشهيد عمر من أوائل المرشحين إلى فرقة المباحث،
ليصبح معاونا لمباحث القسم، ثم نُقل إلى مباحث مركز فاقوس ومنها إلى مركز شرطة
أبوحماد، الذي شهد تفانى الشهيد عمر في عمله، وإخلاصه له، والتزامه، وكفاءته
العالية في أداء عمله، حتى استشهاده يوم
31 من شهر مايو في عام 2019، يوم الجمعة، ليلة 27 رمضان، أثناء مطاردة عناصر
إجرامية.
ويتذكر والد الشهيد مع
" الهلال اليوم" جملة "فرحي هتتكلم عليه مصر كلها" وكان
يقولها ردا على والدته عندما تلح عليه بفكرة الزواج، ويشير والد الشهيد أنه هو و
والدة الشهيد، لم يفهموا معنى تلك الجملة إلا بعد استشهاده.
ويقول والد البطل عمر
أنه في تمام الساعة الـ 11 من مساء 31 مايو، وبينما كان الشهيد معيناً على كمين
أمنى بطريق بلبيس أبوحماد، استغاث به مواطن بعدما استولى تشكيل عصابي على سيارته
تحت تهديد السلاح، وتمكّن «عمر» من تحديد مكان التشكيل العصابي والسيارة المسروقة،
وتوجه إلى هناك ومعه المدرعة، وأخذ المواطن التي سرقت سيارته معه، ولكن أبقاه في
دواسة المدرعة حتى يكون في أمان ولا يتأذى، وخلفه بوكس الشرطة، وبدأ في مطاردة
العناصر الإجرامية وتبادل إطلاق النار معهم، ودخل اللصوص إلى طريق فرعي بمنطقة
زراعية، ونزلوا من السيارة وهربوا.
وفي هذه اللحظة وصل
أحد الضباط على رأس قوة، لدعم «عمر» فترجلا باتجاه السيارة التي تركها الجناة،
وفور وصولهم إليها، بدأ الجناة في إطلاق النار مجدداً، وعندما كان يتحرك النقيب
عمر، ويبادلهم إطلاق النار، متخذا من المدرعة ساتر له، أصيب البطل بطلقة طائشة،
استقرت في رقبته، وفي هذه اللحظة سجلت مصر في صفحات تاريخها، شهيدا وبطلا شجاعا،
هو النقيب عمر ياسر عبد العظيم، وكانت آخر جمله قالها الشهيد، قبل أن تفيض روحه
إلى بارئها «هو حد يطول يستشهد في ليلة القدر.. أشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمداً رسول الله»، ردا على صديقة الذي كان يصرخ باسمه.
ويصور والد الشهيد،
مشهد آخر ليلة قضاها معهم النقيب عمر قبل استشهاده بيوم، خاصة لحظة وداعه لهما،
فعندما كانت والدته تودعه عند باب المصعد كالعادة، فتح الشهيد باب المصعد مرة أخرى
لينظر لوالدته نظرة أخيرة، ثم يذهب لأداء خدمته في مركز شرطة أبوحماد، أما عن صباح
يوم الجمعة، الذي استشهد فيه البطل، يقول الأب أن الشقة التي يقيمون بها لا تدخلها
الشمس وفي صباح هذا اليوم، لفتت والدة الشهيد انتباه الأب قائلة "اليوم ليس
عاديا، الشمس نورت الشقة، والنهاردة الجمعة، وليلة القدر"، وبالفعل لم تكن
ليلة عادية بالنسبة لأسرة البطل عمر ياسر، ففي الليل بينما كان والد ووالدة الشهيد
يتسابقون لختم قراءة القرآن الكريم، وردت مكالمة لوالد الشهيد، من "ابن أخيه"،
بأن عمر أصيب برصاصة في قدمه، وتم نقله لمستشفى بلبيس، وبعد إخباره باقي أفراد
الأسرة، بهذا الخبر، توجهوا لمستشفى بلبيس، وبينما الأخ الأصغر لعمر
"مازن" يقود السيارة، وتتضرع والدته بالدعاء لعمر، يقرأ والد الشهيد على
شبكة الإنترنت خبر استشهاد ابنه الأكبر، ولكنه فضل الصمت، ولم يخبر أحد، حتى وصلوا
إلى المستشفى.
ويؤكد والد الشهيد، أن والدته كانت صوت ضمير البطل عمر، فهو كان بمثابة أخيها، وذلك لتقارب السن بينهما، حيث رزقها الله بعمر، وهي في الصف الدراسي الثاني بكلية الإعلام، لتأتي ذكرى استشهاده الثالثة، وهي مقبلة على مناقشة رسالة دكتوراه في الإعلام، وكانت والدة الشهيد تحرص دائما بأن يتصف عمر بجميع الصفات الحميدة، والقيم السامية، فهي من علمته حب الوطن، وأن يتعامل بروح القانون في المواقف الإنسانية، وأن يكون صادقا القول والأفعال، كما تعلم البطل من والدته تحمل المسئولية.
وفي آخر حديث والد
الشهيد، يقول بنبرة بها قدر كاف من الفخر والفرح والاشتياق، أنه يفتخر بأبنه البطل
عمر ياسر عبدالعظيم، وأنه خلق ليصبح ضابطا، ثم ينال شرف الشهادة، وأن روح عمر ماتغلاش
على مصر، وأن مصر تستحق أن نضحي من أجلها.
ثم وجه والد الشهيد عمر
من خلال "الهلال اليوم"، بالشكر لرئيس الجمهورية، الرئيس عبد الفتاح
السيسي، ومديرين أمن الشرقية، مرورا بوزير الداخلية، ومحافظ الشرقية، على رعايتهم
لجميع أسر الشهداء على المستوى الاجتماعي، والنفسي.
وتوقر "الهلال
اليوم" النقيب البطل عمر ياسر عبدالعظيم، وجميع شهداء الوطن، وتقدم لهم
التحية، على تقديمهم أرواحهم، في مقابل استقرار البلاد، وأن يوفروا لجميع
المواطنين بيئة آمنة، حتى يتمكنوا من العيش بأمن وسلام وسكينة.