في واحدة من أهم
القضايا التي سجلتها الأعمال الإرهابية في ميدان رابعة وتأثيرها الضار على تعطيل
سير المرافق العامة عن تقديم الخدمات وأهمها مرفق الصحة في رعاية وعلاج المواطنين
فضلا عن مضار الإخلال بالطمأنينة والأمن للمواطنين، قضت المحكمة الإدارية العليا
فحص برئاسة المستشار صلاح هلال نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين الدكتور
محمد عبد الوهاب خفاجي ومحسن منصور نائبي رئيس مجلس الدولة بإجماع الآراء برفض
الطعن المقام من هيئة النيابة الإدارية ضد الممرضة (أ.أ.ع) المقيمة بالبحيرة
والقضاء ببراءتها من اتهامها برفضها أداء التكليف بمستشفى بالقاهرة في أوائل أغسطس
2013 المعاصر لأحداث رابعة الإرهابية باعتبارها قوة قاهرة تسقط التكليف عنها مؤقتا
خوفا على حياتها من الهلاك من أفعال جماعة الإخوان الإرهابية من أحداث العنف وقطع
الطرق التي أثرت على سير المواصلات مما يجعل حياتها في السفر من البحيرة إلى
القاهرة ذهابا وإيابا محفوفا بالمخاطر وهى حينذاك فتاة صغيرة 23 عاما
.
واستعرضت المحكمة
مظاهر اعتصام الإرهابية المسلح بأنهم سيروا منه مسيرات مسلحة هاجمت المواطنين
الآمنين وفتشوا سكان العقارات واحتجزوا بعض المواطنين داخل خيامهم وعذبوهم، فكيف
تحاكم ممرضة شابة امتنعت عن الذهاب للتكليف بمستشفى بالقاهرة في ظل الظروف
الإرهابية وهى من قبيل القوة القاهرة حفاظا لحياتها ! خاصة وأن الممرضة عادت من
مسكنها البحيرة إلى التكليف بمستشفى القاهرة بعد أن قامت الشرطة المصرية الأبية
بفض اعتصامي ميداني "رابعة العدوية والنهضة"، أسمته الإرهابية بهتاناً
اعتصامًا سلميًا سرعان ما تكشف اعتصاما مسلحًا يهدد الوطن ويتوعد مواطنيه.
قالت المحكمة إن
البادي من نصوص القانون رقم 29 لسنة 1974 بشأن تكليف الأطباء والصيادلة وهيئات التمريض
أنه لوزير الصحة تكليف خريجي كليات الطب والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض
والفنيين الصحيين والفئات الطبية الفنية المساعدة للعمل في الحكومة أو وحدات
الإدارة المحلية أو الهيئات العامة وذلك لمدة سنتين، لإسهامهم خلال مدة محددة
بأداء الأعمال والوظائف التي يكلفون بها مشاركة منهم في خدمة الوطن دون الاعتداد
برضائهم أو عدم رضائهم، ويجوز تجديد التكليف لمدة أخرى مماثلة، ويعتبر المكلف
معيناً في الوظيفة التي كلف للعمل فيها من تاريخ صدور القرار وعلى المكلف أن يقوم
بأعمال وظيفته ما بقى التكليف قائما، مالم يتم إنهاء تكليفه أو إعفائه من وزير
الصحة وإلا شكل ذلك في حقه جريمة جنائية، فضلا عن المساءلة التأديبية
.
وأضافت المحكمة
أنه منذ 30/6/2012 عهد حكم جماعة الإخوان المحظورة تدهورت الحياة العامة وساءت
أحوال البلاد ونشبت الخلافات بين جميع طوائف الشعب وداخل الأسرة المصرية المتماسكة
عبر التاريخ، وما كان ذلك سيحدث إلا بسبب خلط الدين بالسياسة واستغلال الدين كأداة
للوصول إلى مقاليد السلطة والحكم فى البلاد لجماعة استخدمت العنف طريقاً وحُل
حزبها وصُفيت أمواله واَيلولتها إلى الخزانة العامة للدولة بحكم بات من هذه
المحكمة من إحدى دوائرها، وصدر القانون رقم 94 لسنة 2015 لمواجهة الإرهاب وأصبحت
الأمور عبارة عن مواجهة غير اَمنة بين جماعة صُنفت بأحكام القضاء الجنائي
بالإرهابية وبين باقي طوائف الشعب المصري الذي خرج بالملايين لرفض حكم الإخوان بعد
كشف مخططاتهم الإرهابية تجاه البلاد، ليسارع أعضاء الجماعة وأتباعهم بالاحتشاد في
ميداني رابعة العدوية بمدينة نصر والنهضة في الجيزة، ظنًا منهم بقدرتهم على عودة
الحكم الفاشي بعد نجاح ثورة 30 يونيو 2013.
وأوضحت المحكمة
أنه على مدار 45 يومًا، اتخذ قادة التنظيم الإرهابي من منصتي رابعة العدوية
والنهضة بالجيزة مكانا لهم من أجل نشر الأفكار المتطرفة وبث العنف والتهديد بالقتل
من 30 يونيو وحتى 14 أغسطس 2013، وقامت الدولة المصرية بفض اعتصامي ميداني
"رابعة العدوية والنهضة"، حينما أسموه بهتاناً اعتصامًا سلميًا سرعان ما
تكشف اعتصاما مسلحًا يهدد الوطن ويتوعد مواطنيه وبؤرة إرهابية وأكبر تجمع لمليشيات
الجماعة المحظورة ، وبوقاً للتحريض وإصدار فتاوى القتل والحرق والتدمير ونظموا ذلك
الاعتصام المسلح وسيروا منه مسيرات مسلحة لأماكن عدة هاجمت المواطنين الآمنين في
أحداث مروعة، ووضعوا المتاريس وفتشوا سكان العقارات الكائنة بمحيط تجمهرهم، وقبضوا
على بعض المواطنين واحتجزوهم داخل خيام وغرف أعدوها وعذبوهم، حيث استغلت تلك
الجماعة تلك المنصات في إخفاء أسلحة ومتفجرات بالداخل، ضمن مخطط تخريبي كان يستهدف
إسقاط الدولة المصرية ؛ وهو ما وثقته الأدلة والفيديوهات والتسجيلات في أعقاب فض
الميدان .
وذكرت المحكمة أن
لغة الخطاب لدى تلك الجماعة وأنصارها تمثلت فى التحريض على العنف والتدمير والدماء،
مستغلين النساء والشيوخ والأطفال وكبار السن كدروع بشرية ضد قوات الأمن حينذاك ، وكان
رد أنصار جماعة الإخوان الإرهابية المنتشرين في عدد من المحافظات والنجوع في ذلك
التوقيت أكثر دموية وحاولوا القيام بعدد من العمليات الإرهابية في أنحاء مختلفة من
البلاد، حيث قام أنصارهم الإرهابيين باستهداف أقسام الشرطة أبرزها اقتحام قسم شرطة
كرداسة والمعروفة بمذبحة كرداسة ولم يقوموا بقتل بعض الضباط والجنود فحسب بل قاموا
بالتمثيل بجثث الشهداء، والتقطوا مقاطع فيديو بهواتفهم المحمولة، فضلا عن اقتحام
وتدمير العديد من أقسام الشرطة وحرق بعض الكنائس على مستوى الجمهورية ، وقطع الطرق،
وتقييد حرية الناس في التنقل، والقتل العمد للمواطنين وبعض قوات الشرطة المكلفة
بفض تجمهرهم، وتعمد تعطيل سير وسائل النقل، ورغم ذلك فقد استنهض المصريون الهمم
ليؤكدون صلابة المصريين وشجاعتهم والتي حالت دون نجاح الكثير من مخططات الجماعة
الإرهابية. وشهدت العديد من المحافظات المصرية أعمال عنف على إثر ذلك، وعلى هذا
النحو السيء للحياة العامة تكون تلك الأعمال الإرهابية من قبيل القوة القاهرة التي
تحول دون سفر المطعون ضدها من محل إقامتها بشبراخيت محافظة البحيرة إلى محافظة
القاهرة للقيام بعملها محل التكليف.
واختتمت المحكمة
أن الثابت في الأوراق أن المطعون ضدها (أ.أ.ع) مقيمة بعمرو بن العاص بمركز شبراخيت
بمحافظة البحيرة وتم تكليفها بمستشفى الحسين الجامعي التابعة لجامعة الأزهر
بمحافظة القاهرة بقرار وزير الصحة رقم 550 لسنة 2011 واستمرت في أداء عملها محل
التكليف، وفى أوائل أغسطس 2013 انقطعت عن عملها المكلفة به وكانت فترة انقطاعها
معاصرة لأحداث فض ميدان رابعة الإرهابية وما تلاه من أحداث عنف وحظر التجول وقطع
الطرق التي كانت تؤثر على سير المواصلات مما يجعل حياتها في السفر إلى القاهرة
ذهابا وإيابا أمرا محفوفا بالمخاطر خاصة وأنها أنثى وكانت تبلغ حينذاك 23 عاما، وما
من ريب أن تلك الأعمال الإرهابية ترقى إلى مرتبة القوة القاهرة على نحو ما سلف
بيانه، مما يكون سفرها في ظل تلك الظروف يعرض حياتها للخطر ويودى بها، وتكون معه
تلك الملابسات سبباً مقبولا ومعقولا يشفع لها بالانقطاع حفاظا على حياتها من خطر
الهلاك، خاصة أنها وبعد استقرار الحالة الأمنية عادت لاستئناف عملها المكلفة به
ولم يتوفر لديها نية هجران الوظيفة المكلفة بها ، ويتعين الحكم ببراءتها .