الأربعاء 29 مايو 2024

النزوات والأخطاء تزيد حالات العثور على أطفال في محافظة قنا.. الأسباب وطرق العلاج

محافظات29-1-2021 | 13:54

- وكيل صحة قنا: 15طفل بمركز إيواء الأطفال بقنا و4 أطفال في مستشفيات قنا لتلقي الرعاية
- وكيل تضامن قنا : تخطينا 220 حاله تكافل أسري ويوجد 28 طفل وطفلة في دور الأيتام بقنا
- إمام وخطيب الأوقاف: ذنب الطفل في رقبة أبويه الى يوم القيامة
- أستاذ علم الإجتماع : هؤلاء الأطفال "ثمرة مرة "ويجب ضبط المحتوى المقدم على وسائل التواصل الاجتماعي
- استشاري حمايه الطفل: التعامل مع الأطفال كرماء النسب كمورد بشري وليس مشكلة يجب التخلص منها


لا يمر أسبوع، أو أسبوعان، دون أن نسمع، أو نقرأ خبرا حول العثور على طفل رضيع حديث الولادة ملقى في الشارع، أو داخل كيس بلاستيك، أو ملقى بجوار صناديق القمامة أو على الطريق الصحراوي، أو أمام المساجد أو في الزراعات.. حتى اصبحت ظاهرة تتكرر في عدد من مدن محافظة قنا في الفترة الأخيرة .

فقد تم العثور منذ بداية عام 2021 في أقل من شهر على 5 حالات لأطفال ضحية نزوات، منهم طفل على الطريق الصحراوي بنجع حمادي، وفي نفس الأسبوع العثور على طفل داخل كيس بلاستيك بجوار موقف سيارات الأجرة من أبوتشت، ومن قبلها العثور على طفل ملفوف بقطعة قماش داخل صندوق قمامة، وكذلك العثور على طفل داخل زراعات القصب وكاميرات المراقبة رصت حالة إلقاء طفل بجوار صندوق قمامة وتم انتهاء الأمر بالتوصل إلى والدي الطفل وعقد قرانهما في القسم، والعثور على جثة رضيع ملقاة على جانب الطريق فارق الحياة بدشنا.

بالاضافة إلى أطفال وجدت وكانت قد فارقت الحياة لتدفن معهم حقيقتهم، حيث تم العثور على 21 طفلا خلال عام 2020 فقط، من هذا المنطلق قامت "الهلال اليوم" برصد هذه الظاهرة في قنا، في محاولة لرصد أسبابها.

-اسم افتراضي من أم وأب افتراضيين

تبدأ رحلة الطفل بعد واقعة "القائه" في الشارع، بتحرير محضر للواقعة، تم المرور على النيابة التي تقوم باستخراج اسم افتراضي للطفل، وأم وأب افتراضيين واستخراج شهادة ميلاد باسم وهمي للطفل، ثم عرض الطفل على طبيب لمتابعة حالته الصحية.

يقول الدكتور راجي تواضروس وكيل صحة قنا لـ'الهلال اليوم" إنه يتم عرض الطفل على طبيب بالمستشفى القريب من موقع القائه ووضعه تحت الملاحظة حتى تستقر حالته ثم يتم وضعه بحضانة الإيواء بقنا في مركز صحة الأسرة، الذي كان به 21 طفلا قبل ذهاب 5 منهم للتضامن الاجتماعي، وباقي بمركز إيواء الأطفال بقنا 15 طفلا بالمركز، ويكون الطفل تحت إشراف مديرية الصحة حتى يبلغ سن عامين.. أو ثلاثة شهور في حاله توافر الأسرة البديلة .

وأضاف وكيل صحة قنا، أنه بعد الكشف على الطفل المعثور عليه يتم وضعه في مركز إيواء الأطفال ويتم توفير كافة الأدوية والمستلزمات الخاصة بالأطفال مع وجود ممرضات وعاملات لرعاية الأطفال، كما يتم صرف لهم حصة ألبان خاصة بهم، ومستلزماتهم من وزارة الصحة، ويوجد لدينا في مركز صحة الأسرة الأوربي لإيواء الأطفال حاليا 15 طفلا، و4 أطفال في المستشفيات لمتابعة حالة الأطفال، اثنين في نجع حمادي، وواحد في فرشوط، وواحد بأبوتشت، ويظل الطفل فى مركز الإيواء حتى يتم عامين، ثم بعد ذلك يذهب "للأورمان" أو الأسر البديلة بالتنسيق مع التضامن الاجتماعي".

- عقد تكافل بين الشخص المتكفل والتضامن الاجتماعي
يقول حسين الباز وكيل التضامن الاجتماعي بقنا لـ"الهلال اليوم" إن التكافل الاجتماعي يبدأ دوره مع الطفل" كريم النسب" أو "ابن الدولة "من عمر 3 شهور في حالة تواجد "أسرة بديلة" وفي حالة عدم توافر الأسرة البديلة يستمر الطفل في دار الرعاية تحت إشراف مديرية الصحة لمدة عامين.

 الرعاية من خلال التضامن الاجتماعي عبر شقين

الأول، من خلال الرعاية البديلة حتى يتربى الطفل في أسرة تكفله وهذا الاتجاه تفضله الدولة والتضامن الاجتماعي، ويتم كفالة الطفل من أسرة من خلال 'عقد تكافل" بين الشخص المتكفل والمديرية ويبدأ من عمر ثلاثة شهور في حالة وجود الأسرة البديلة، وفي حالة عدم توافر الأسرة البديلة يتم وضع الطفل في مؤسسات تابعه للتضامن الإجتماعي بها الأخصائيين للتعامل مع الأطفال، ويتم تقديم كل ما يحتاجه الطفل في هذه المرحلة من العمر، ثم يتم وضعه في دار ايتام، ويتم تعليمه في الدار مهنة  منهج تعليمي حتى يتم تأهيله.


وأشار الباز إلى أنه، توجد في مصر 240 دار أيتام، ويحق للطفل الالتحاق بأي دار أيتام منها، كما يوجد في قنا دارين للأيتام " مؤسسة " أحمد جبره" للبنين، والرحمة في نجع حمادي للبنات" ويوجد لدينا 28 طفل في دار الأيتام في قنا.

وأضاف وكيل تضامن قنا "تخطينا في الرعاية البديلة 220 أسرة تكفل الأطفال بشكل سري، كما يتم المتابعة للأطفال بعدالتكافل الأسرى، ويتم إعطاء الطفل كل ما يحتاجه من أوراق من التضامن الاجتماعي من جوابات أو أي شيء يخص الطفل".

وقال وكيل تضامن قنا إن، أرقى عمل إنساني هو رعاية طفل يتيم والدين الإسلامي يحث الناس لرعاية الأيتام كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم" أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. 


وأضاف أن التضامن الاجتماعي تسهل إجراءات التكافل كما أن فضيله المفتي أجاز أن يتم إضافة الاسم الاول من العائلة أو لقب العائلة للطفل حتى لا يشعر الطفل أنه غريب أو منبوذ وعندما يكبر يتم قول الحقيقة له بطريقه تجعله لا يسخط على المجتمع وينصهر مع المجتمع .

 وسائل التواصل الاجتماعي والمخدرات أهم الأسباب 

يقول الاستاذ الدكتور محمد خضر رئيس قسم الاجتماع بجامعة جنوب الوادي لــ"الهلال اليوم" " إن هذه الظاهرة ليست ظاهرة حديثة بل هي ظاهرة قديمة حديثة، ارتفعت معدلات حدوثها مع زيادة عدد السكان وكذلك مع ارتفاع نسبة العنوسة، وارتفاع نسبة البطالة، وعدم القدرة على الزواج، كذلك عدم ضبط المحتوى المقدم في الإعلام أدى الى اندفاع رهيب ناحية "اللاخلاق"، أدى الى انتشار قيم خاطئة للمجتمع داخل المحتوى المعروض في مواقع مثل "التيك توك ،واليوتيوب " وبالتالي عدم التركيز على تنشئة الأطفال تنشئة أخلاقية، وتعليمه أن الجنس في المجتمع الإسلامي لا يمارس إلا في نطاق الزواج ."

وأشار رئيس قسم الاجتماع إلى أن هناك عوامل كثيرة لهذه الظاهرة وإنما تم انتشارها بشكل كبير بسبب انتشار مواقع التواصل الاجتماعي مما سهل من انتشار الخبر أسرع من أي وقت، وكذلك بسبب غياب دور الإعلام الاجتماعي الذي يحافظ على قيم المجتمع لابد ان يكون له دور في تعليم الأجيال بخطورة هذه الممارسات على المجتمع، كما أنه لابد من وضع ضوابط على المحتوى المقدم من خلال الضبط الرسمي وغير الرسمي، وغير الرسمي المتمثل في قيم المجتمع والرسمي المتمثل في الدولة والرجوع الى القيم الأصيلة للمجتمع المصري والصعيدي التي اندثرت بسبب تدني الأخلاق" .

ونفي أستاذ علم الاجتماع أن الفقر وغياب الأزواج قد يكون سبب في هذه الممارسات للزوجات لأن المجتمع الصعيدي تحكمه قيم أخلاقية، كما أن انتشار المخدرات الكيميائيه التي تركب داخليا التي أدت الى تدمير الشباب وإصابته بعدم الوعي، وعدم إدراك قيم المجتمع كذلك الانفتاح العشوائي لمواقع التواصل الاجتماعي وإن كل شخص من الممكن أن يقوم بإنشاء حساب وهمي يتم فيه تواصل مع السيدات وكذلك العكس.


وناشد خضر الدولة بأن، يكون أي حساب على مواقع التواصل الاجتماعي مرتبط بالبطاقه وكذلك اي فيديو يتم نشره يتم مناقشه المحتوى وماذا يقدم حتى لا يتم انتهاك قيم المجتمع.

وعن كيفية التعامل مع الطفل قال رئيس قسم الاجتماع إن هذا الطفل إذا لم يتم احتضانه سيكون قنبله موقوته ناقم على المجتمع وتكيفه مع المجتمع صعب ويجب أن تقوم الدوله بعمل نوع من التناسب والتوافق مع من خلال التعامل مع الطفل".

غياب القيم الاجتماعية والفقر والتفكك الأسري

ويقول الاستاذ سيد عبد الصبور عباس، خبير العمل الاهلى واستشاري حماية الطفل فى هذا الصدد "إن ظاهرة الأطفال "كرماء النسب" هى عرض لأمراض اجتماعية واقتصادية عديدة مثل الفقر المدقع وغياب القيم الإيجابية، والتفكك الأسري وخاصة بمحافظة قنا التى من أكثر المحافظات في إرتفاع نسب الفقر وقلة الخدمات ".

وأضاف، للوقوف ضد هذه الظاهرة يجب تكاتف كل الجهود من قبل الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني ( الأحزاب ، النقابات والجمعيات الأهلية) وعلى الدولة أن تولى اهتماماً كبيراً للمؤسسات المعنية بهذا المجال بداية من المجلس القومى للأمومة والطفولة، وصولاً لكل مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تعانى من نقص الموارد المادية والبشرية، مما يحول دون قدرتها على القيام بدورها بالكفاءة المطلوبة وخاصة أن الاهتمام بهذه الظاهرة يأتى متسقا" مع التزام الدولة بتوقعيها على الاتفاقية الدولية لحماية الأطفال ".

وتابع، كما يجب اعتبار الأطفال كرماء النسب مورد بشري وليس مشكلة يجب التخلص منها إعمالا" لمبدأ الاهتمام بالبشر أهم وأولى من الاهتمام بالحجر، ولا يجب أن ننسى الدور الهام الذي يجب أن يلعبه الإعلام بكافة أنواعه لتبصير المجتمع بخطورة هذه الظاهرة وكيفية التعامل معها".

-البعد عن الدين وارتفاع تكاليف الزواج من أهم الأسباب 

يقول الدكتور الشيخ بركات البحيري إمام وخطيب أوقاف قنا إن قضية أطفال الشوارع او "اللقطاء" في الإسلام قضية مهمة ويجب الاهتمام بها ووضعها في موضع اهتمامها الصحيح .

واللقيط في الإسلام هو الطفل الذي تركه أبوه وأمه خيفة العيلة "الفقر" وهو الذي ولد بطريق غير شرعي "الزنا" وهذا الطفل "لا جرم له ولا ذنب ويتعامل بذنب غيره"، وإن الذنب يقع علي والديه ويلازمهم طيلة حياتهم لأنهما السبب في المشكلة.

وأشار البحيري إلي أنه، "ذهبت دار الافتاء والمجامع الفقيه الى إلحاقه باليتيم وهو في حكم اليتيم، بل هو أشد الحاجة بالعناية والرعاية أكثر من اليتيم، كما أن الشريعة تنادي بكفالة الأطفال اليتامى والدليل على ذلك الحديث الشريف "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى" صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم.

ونادي البحيري" بالاعتناء بهؤلاء الأطفال عناية إيمانية وتربيتهم تربية أخلاقية، ولا يتم تركهم للشارع حتى لا يصبحوا قنبلة موقوته تنفجر في أي وقت في المجتمع، ولابد من تربيتهم على المبادئ والقيم ومكارم الأخلاق والتربية الخلقية وعدم تركهم للأشرار.

وأشار إلى أن أسباب الظاهرة عدم الوعي الديني الكافي لدى هؤلاء الذين يمارسون الفواحش لان ذلك ثمار عملية غير شرعية، وإن كل الأديان تنادي بمكارم الأخلاق وعدم التربية الصحيحة تجعل الشاب يذهب الى الحرام، كما أن ظروف الحياة مع ارتفاع تكاليف الجواز جعل الشباب يذهب إلي الحرام لتنفيس طاقاته، كما أن محاولة حل هذه المشكلة يأتي من أسبابها من خلال اهتمام المجتمع بنشر القضايا الفضائل والأخلاق، مع تكثيف الجهود لمثل هذه القضايا ولابد من الوقوف لهذه المشكلة بشكل أكبر في الوقت الحالي لأن مجتمعنا القناوي مبني علي القيم والعادات والتقاليد كما أن المجتمع يتعامل مع الطفل من خلال تنمية الوازع الديني وغياب ذلك يؤدي إلي مثل هذه الظواهر.