الأحد 28 ابريل 2024

الشمس لا تحجب بالغربال

أخرى28-1-2021 | 13:15

الحقيقة شيء لا يمكن إنكاره أو تغطيته بأكاذيب أو تحريفات، وحدها تفرض نفسها وتطرد أمامها الأوهام والأكاذيب من تلقاء نفسها، ومهما حاول البعض تحريفها عن مسارها الصحيح فلا دوام لأحبال الكذب والخداع.


فيلم سينمائي إيراني باسم "التوكل"، رغم أنه بعيد كل البعد عن أساسيات السينما والفن الجميل، إلا أن بعضهم يحاول حجب الشمس بالغربال وتشويه الحقائق، للنيل من الاستقرار والوئام والتعايش السلمي بين مكونات إقليم كردستان العراق، وخلق الصدام بين شعوب المنطقة، دون إدراك منهم أن الشعب الكردي الذي قدم للإنسانية عظماء التاريخ وخرج من بين أبنائه صلاح الدين الأيوبي، الذي كسب احترام المسلمين والعرب وخصومهم وأعدائهم ودافع عن الحق بكل قوة، أكبر من أن يتنازل عن وعيه أمام دسائس الأقزام.


على طريقة صبيانية حاول "المتواكلون" عبر فيلمهم هذا التقليل من بطولات الكرد والبيشمركة فى الزود عن الإنسانية كلها، بأن صوروا كذبا أن شخصيات منهم هى من حضرت لإدارة الحرب وخوضها ضد تنظيم الدولة الإرهابي "داعش"، وحلوا رمزهم محل قائد الحرب الحقيقي مسعود بارزاني الذي أشرف على عمليات قوات بيشمركة كردستان، وكان طوال تلك الفترة في الجبهات الأمامية للقتال، والذي كان سببا في عزيمة القوات الكردية للتصدي للإرهاب والدفاع عن الديمقراطية نيابة عن العالم، وخلال هذه الفترة وبناء على طلب الزعيم بارزاني قدم العديد من الدول المساعدات العسكرية لقوات بيشمركة كردستان، حتى تم تطهير المنطقة كلها من إرهابيين لم يقدر عليهم العالم بمواجهة مباشرة على الأرض، هكذا القائد على جبهات القتال، وهكذا المزيفون على شاشات صناعة الفتنة وتزوير التاريخ.


إن بطولة تحققت لشعب كردي وشعب عربي تحت راية الإسلام الحقيقي السمح، حينما قاد الناصر صلاح الدين الأيوبي جيوش مصر والأمة الإسلامية كلها فى مواجهة الصليبيين الذين احتلوا القدس الشريف، وأسقطهم فى حطين 1087 م.


قادة تاريخيون دافعوا عن الديمقراطية وقتها دون ظهور المصطلح، وعن الإنسانية كلها وقتما صنفت أوروبا العالم عقائديا وخاض أباطرتها حروبا ملونة بتحريف الأديان ضد المشرق الإسلامي، هكذا فعلت وهكذا جاءها الرد والردع، بينما فضلت أمم السكوت والسكون وتركت شعوبا تناضل وحدها وسعت هى لجني الحصاد وربما نسبت أسبابه لنفسها.


وهكذا شعب كردستان، لإيمانه بعدالة قضية ودفاعا عن المقدسات والديمقراطية قدم الآلاف من الشهداء والجرحى في القتال ضد الإرهاب نيابة عن العالم، ولولا تضحيات قوات بيشمركة كردستان والتصدي للإرهاب لكانت الكثير من الدول الآن تحت سيطرة داعش، وكان للزعيم مسعود بارزاني الذي كان رئيسا للإقليم وقائد لقوات بيشمركة كردستان وخبراته العسكرية لأكثر من نصف قرن من الدفاع عن عدالة قضية شعب ووطن أثر كبير في تطهير ودحر داعش. 


إن الصبية وحدهم هم من يلقون الغير بالحصى ولا يعيرون إنجازا أي اهتمام وتقدير، دائما ما يقصدون بسلوكهم الصبياني تشويه المناضلين لأجل الحرية والمتسامحين فى علاقاتهم مع الآخر والساعين للسلام والرخاء.


إن كردستان العراق يرحب دوما بعلاقات طبيعية مع بلدان تحترم أنظمتها سيادة الشعب العراقي بجميع مكوناته  على أراضيه، وقادة الإقليم دائما ما كانوا يرون فى وحدة الصف العراقي الملاذ الآمن والسند الحقيقي فى مواجهة خطر داعش أو جائحة وبائية، ويلفظون محاولات زرع بذور النفاق والشقاق بين الشعب الكردي والفتن بين الشعوب بأية وسيلة، سواء كانت إرهابا مسلحا أو إرهابا فكريا متسللا عبر سينما هنا أو كتاب هناك.


إن الدفاع عن مقدسات القوميات والأديان والطوائف المختلفة في كردستان وخاصة الإخوة المسيحيين والإيزيديين، واحدًا من الثوابت التى يعمل عليها الزعيم الكردى مسعود بارزاني، ومعها تطور الدور الدبلوماسي لكردستان تحت السيادة الوطنية للعراق الإتحادي الفيدرالي، فلا قرارات تخص السيادة يمكن أن يبتعد بها كردستان عن الحكومة الإتحادية، ولا رؤية تخالف المصلحة الوطنية العليا أو تناقض الدستور يمكن أن تتبناها أربيل متجاهلة فيها بغداد، هكذا العراق بوجهة نظر القيادة الكردستانية لا يقبل الكبار المتعقلون اللعب باستقراره أو كسب نقاط عند قوى خارجية على حساب سيادته.


على هذا الأساس قبلت دول العالم الحر بتقديم مساعداتها العسكرية لتنقذ البيشمركة أهل مدينة كوباني وتحمى آلاف اللاجئين النازحين من سوريا إلى كردستان، ناهيك عن النازحين  العرب من باقي مناطق العراق، وتلك حقائق تدركها الحكومة المركزية وتعرف حكومات العالم وقنصلياتها فى أربيل حجم التضحيات الكردية التى خلقت استقرارا غير طبيعي للإقليم وحصنت حدود العراق.


إن فيلم "التوكل" يظهر مدى حقد البعض تجاه الشعب الكردي المسالم، والذي قال عنه فخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مؤتمر الشباب بشرم الشيخ قبل عامين بأنهم "مهما حاولوا أن يغتصبوا ثقافة الشعب الكردي فلن ينالوا مرادهم"، ربما كلماته التى أبكت الفتاة الكردية وأدمعت أعين الحضور خير دليل على وجود قائد حقيقي يقرأ التاريخ، تنعم المنطقة بوجوده وتضحيات جيش بلاده فى حرب مماثلة يفرضها داعش على المنطقة، ويزود العظماء عن الإنسانية ضد الإرهاب دفاعا وحماية للحق فى الحياة.


كاتب وصحفي من كردستان العراق

    Dr.Randa
    Dr.Radwa