تجاوزت البرتغال عتبة 11000 حالة وفاة مرتبطة بفيروس كورونا. فقد سجلت البلاد امس الاول الخميس 303 حالات وفاة خلال أربع وعشرين ساعة. وهو ما يعد رقما كبيرا بالنسبة لدولة لا يتجاوز عدد سكانها عشرة ملايين نسمة. ومع ذلك، حتى في ذروة الموجة الأولى، لم تسجل البلاد أكثر من 1500 حالة وفاة خلال أربع وعشرين ساعة.
اوردت ذلك صحيفة "فان مينوت" الفرنسية في موقعها على الانترنت، مشيرة الى انه بعد إعادة فرض الإغلاق منذ 15 يناير الجاري، لاتزال البرتغال تشهد ارتفاعا حادا في حالات الاصابة . فقد سجلت البلاد 16432 حالة إصابة جديدة امس الاول الخميس. د وبدأ الإغلاق في إظهار آثره، حيث انخفض معدل تكاثر الفيروس من 1.2 إلى 1.1. ولكن ماذا حدث ليصبح الوضع كارثي لهذه الدرجة؟
واشارت الصحيفة الفرنسية الى ان البرتغال متهمة بتخفيف القواعد الصحية أكثر من اللازم بعد بدء الموجة الثانية من الوباء. وبالتالي، فإن حظر التجول كان يطبق في البرتغال فقط من الساعة 11 مساءً حتى الساعة 5 صباحًا (وتم تخفيفه أكثر خلال فترة عيد الميلاد ليصبح من الساعة 2 صباحًا حتى الساعة 5 صباحًا)، ولم يتم تحديد عدد الأشخاص داخل المنازل، خلال فترة الاحتفالات، وكانت المطاعم والحانات مفتوحة. ويلاحظ ميكائيل روتشوي، الطبيب والباحث في علم الأوبئة: "نرى مرة أخرى أن هذه الأماكن شديدة التلوث، مثل جميع الأماكن المغلقة التي لا يتم فيها ارتداء الكمامات، ويجب تركها مغلقة قدر الإمكان".
وغالبًا ما يتم تفسير زيادة الاصابات في البرتغال لاحتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة، مع احتمال تراخي العائلات في هذه الأيام. لكن بالنسبة إلى أنطوان فلاهول، أستاذ الصحة العامة بجامعة جنيف ومدير معهد الصحة العامة، فإن هذه النظرية لا تظهر في المنحنيات. ويشير إلى "تأثير واضح لتسارع وتيرة انتشار الفيروس قبل ذلك، تحديدا منذ 19 ديسمبر. فإذا كان الوضع الحالي بسبب احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة فقط ، فلن يكون ذلك ملموسا إلا اعتبارا من منتصف يناير تقريبًا، في حين ان الوضع كان يتدهور بالفعل قبل عدة أسابيع من ذلك التاريخ".
ووفقًا لأنطوان فلاهول، فان تلك الزيادة في الاصابات ترجع الى عطلة نهاية العام بشكل عام أكثر منها الى احتفالات عيد الميلاد. ويشير إلى أن العديد من المناطق في الجنوب، مثل إسبانيا وكذلك جنوبي فرنسا، تأثرت بشدة منذ احتفالات نهاية العام.
ويرى ان الابقاء على المطاعم والحانات والمسارح مفتوحة في البرتغال واسبانيا جعلت منهما وجهة سياحية لمعظم الأوروبيين الذين يشعرون بالحنين لحياتهم قبل الجائحة. وخلص ميكائيل روتشوي: "هنا يظهر التأثير السلبي المزدوج لهذا النوع من الانفتاح ، فهذه الاماكن ليست فقط أماكن شديدة التلوث، ولكنها تزيد من الدورة الفيروسية نظرا لجذبها للناس". كل هذا التدفق السياحي، خاصة من البلدان التي ترتفع فيها معدلات الاصابة، كان من شأنه أن يزيد الوضع سوءًا.
وتبقى النقطة الأخيرة، وهي المتغيرات. حيث تقدر السلطات الطبية البرتغالية أن المتغير البريطاني يمثل 30 ٪ من الإصابات ويمكن أن يصل إلى 60 ٪ في غضون أسابيع قليلة. واعتبرت العديد من الدراسات ان هذا المتغير أكثر عدوى من الإصدار العادي لـ Sars-cov-2. وتشهد إسبانيا المجاورة أيضًا ارتفاعًا كبيرا في الحالات والمتغير البريطاني، كما هو الحال في المملكة المتحدة.
لكن يرى روتشوي ان "الحكومات نظرا لتبنيها قرارات صحية غير مسؤولة فانها تختبئ وراء المتغيرات لتفسير الارتفاع الحاد في الاصابات".
وتخلص الصحيفة الى ان البرتغال قررت في الاغلاق الثاني غلق الحانات والمطاعم . ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان سيتم إعادة فتحها مباشرة عند تخفيف تدابير الاغلاق.