شاهدت مؤخراً فيلم اسمه Joy يحكي عن سيدة تهوي الابتكار وتخترع أدوات
بسيطة تساعدها في أشغالها المنزلية، إلى أن آل بها الحال إلى أن أصيبت بجروح في
يديها نتيجة أن ممسحتها بها شظايا من زجاج جرح يديها وهي تقوم بعصرها وهي تنظف
أرضية المنزل، وهنا فكرت في صنع ممسحة ذاتية العصر، ومن باب الحرص على النظافة
بعدم لمس خيوط الممسحة المتسخة.
وتقوم Joy برسم نموذج لفكرتها، وتبدأ في تنفيذها،
لكنها تفشل في تسويقها.
الست Joy تسكت.. لأ مسكتتش، أخدت بنتها
وصديقتها المؤمنة بها ووقفوا أمام أحد المتاجر الكبرى للترويج للممسحة التي
ابتكرتها، لكن الناس أعرضوا عنها، ومدير المتجر طلب لها الشرطة، والتي حضرت وقامت
بمصادرة البضائع التي معها، لأ وأيه كمان جوزها راح مطلقها، وكمان أبوها اتهمها
بالجنون والعناد وبأنها ستفلس عما قريب.
ووجدت Joy أن محدش آمن بها ودعمها غير جدتها
القعيدة وصديقتها الطيبة، وحاولت كتير وكتير وخسرت فلوس أكتر حتى أنها اضطرت لرهن
منزلها .
ثم تفاجأ بطليقها يرتب لها موعد مع صديق له
يعمل بقناة متخصصة في ترويج المنتجات عبر التلفاز، وبعد تعب كبير اقتنعوا بالفكرة
وقرروا عرضها بعد ما طلبوا منها تصنيع 50 ألف قطعة، والست ماكدبتش خبر واستلفت
فلوس تصنيعها، وابتدت في تنفيذهم وهي يحدوها أمل كبير في النجاح وجني ثماره، بعد
خذلانها الكبير وتردي أحوالها المادية نتيجة إيمانها بفكرتها وبأنها ستنجح في
يوم ما .
- المهم تم تحديد الموعد لعرض الممسحة، ولكن لما اتعرضت الفكرة المذيع
القائم بالعرض فشل في استخدامها، وبالتالي الإعلان فشل، والقناة تخلت عنها
وتراجعت عن الترويج لمنتجها، ولكن السيدة المثابرة Joy أصرت على أنها ستنجح، وذهبت للقناة وقالت لهم (
إن أجدر واحد بالترويج للفكرة هو اللي صنعها ) وطالبتهم بإعطائها فرصة أنها
تعرض المنتج على المشاهدين بنفسها، طبعا القناة اعترضت وقالت لها إزاي وأنتي مش
متخصصة ولا سبق وقمتي بمواجهة الكاميرا قبل كدة، ردت Joy بثقة كبيرة "إدوني الفرصة وها تشوفوا" .
ويتحول الأستوديو إلى خليه نحل، وجهزوها
بملابس مبهرة ومكياج كأنها مذيعة مخضرمة، ولكنها رفضت كل هذا، وقالتلهم أنا هظهر
بملابسي العادية وشخصيتي اللي بحبها، وفعلا ظهرت على الشاشة بشخصيتها العادية
وبدون مكياج وبهرجة، وأول ما بدأ عرض الإعلان على الهواء مباشرة وفي بث حي الست Joy اتخشبت ومقدرتش تتكلم ووقفت زي التمثال، وفوجئ إعداد البرنامج
بمكالمة هاتفية تنقذ الموقف، ووجدوا على الهاتف متصلة تسألها عن الممسحة وإمكانياتها
ومميزاتها، وده خلاها تثق في نفسها وتتكلم بطلاقة وتشرح منتجها وتقدمه للناس بشكل أكثر
من رائع، نسيت أقولكم ان المتصلة كانت صديقتها الطيبة اللي آمنت بها منذ البداية،
والتي أرادت أن تدعم صديقتها بعد أن رأتها تتجمد أمام عدسات الكاميرات وآلاف
المشاهدين فأنقذت الموقف بحكمتها وبحبها وإيمانها بصديقتها .
وفجأة وبدون مقدمات تنهال الاتصالات على
القناة وعلى البرنامج، ويبلغ عدد ما تم بيعه علي الهواء أكثر من 50 ألف قطعة، كل
هذا ومسئولي البرنامج في ذهول مما يحدث وغير مصدقين ما يتابعونه من ازدياد معدلات
الطلب على اختراع الست
Joy .
- ولكن للأسف الشركة التي عهدت إليها Joy بهمة تصنيع منتجها قامت بسرقة الفكرة،
بعد ما شاهدت المبيعات تتخطى مئات الآلاف، وأبلغوها أنها لا تمتلك حقوق الملكية
للمنتج بعد أن فات على السيدة البسيطة تسجيل ملكيتها للفكرة، وتم فسخ التعاقد معها
وبدأت خسائرها في الازدياد، وتم طردها وابنيها من المنزل وتخلى عنها والدها
والقناة المعلنة.
سقطت أرضاً وبكت بحرقة حتى اتخذت القرار بأن
تنهض من جديد، رتبت أفكارها ونظرت في بنود تعاقدها مع المصنع، ووجدت بندا تم
تضليلها بموجبه، بل والنصب عليها بغرض سرقة منتجها، ركبت الطائرة وسافرت إلى ولاية
دلاس والتي بها صاحب المصنع، وواجهته بما كان في العقد وهددته بمقاضاته وفضح
ممارسته غير المشروعه، كانت تملك القوة لأنها صاحبة حق ومؤمنة بحقها، أما صاحب
المصنع كان سارقا ضعيف الحجة، فتفاوض معها واستطاعت الحصول منه على إقرار ببراءة
الاختراع وملكية الفكرة، بل وحصلت أيضا على تعويض كبير جدا جبر خسائرها .
وهنا كانت نقطة التحول في حياة Joy،
والتي أصبحت من كبار سيدات الأعمال بأمريكا وأسست شركة من كبريات الشركات، طب ده
كفاية؟
لا لم يكن النجاح وبناء الاسم وجني الأرباح هو
نهاية المطاف في حياة السيدة الطموحة القوية المؤمنة بإمكانياتها، وفعلت ما هو أكثر
من هذا، ففتحت باب مكتبها لكل صاحبة أو صاحب فكرة جديدة وطموحة، ودعمته وتبنت
أفكاره، تذكرت أنه كما ساعدها أحد، أن تساعد هي غيرها، وأن الخير لا يجب أن يتوقف
بين الناس، وأنها يجب أن تساعد غيرها طالما كانت قادرة على هذا .
والشاهد من تلك الرواية هو: "لو كل الناس
وقفت ضد حلمك أوعى تتنازل عنه ما دام في صدرك قلب ينبض ونفس يتردد، وإياك واليأس
فإنه قاتل للطموح، حتى لو حاولت كتير ومظبتظش معاك، عادي ولا يهمك، متقولش أنا حظي
قليل، متقولش الدنيا مش متصالحة معايا، المهم تكون محدد هدف مشروع بتحلم بتحقيقه،
وبتسعى للوصول إليه بجدية وبدون كلل أو ملل .
بس مع كل إخفاق بلاش تزعل وتقعد تهري وتندب حظك،
إهدى كده وحاول تسأل نفسك، هو أنا ماشي في الطريق الصح ولا الغلط؟
مش يمكن طريقتك غلط، مش يمكن أنت بتحلم بتحقيق
شيء هو مش متناسب مع إمكانياتك حالياً؟ .. كل ده وارد جداً، يبقي الحل في أيه؟
الحل إنك تحاول تقف وتدرس المعطيات اللي في إيدك
ودي بنسميها (فرص النجاح)، وكمان تحاول تدرس العقبات اللي بتوقفك، ودي بنسميها
(التحديات)، وكمان بتلاقي نجاحات صغيرة بتحققها في الطريق، ودي ممكن نسميها
(أهداف مرحلية).
المهم خليك واثق إنه بالإرادة لا يوجد مستحيل،
وحاول دوماً أن تُقيم نفسك وأدائك، وتتأكد إنك في المسار الصح، ومتتكبرش في إنك
تقول أنا غلط، أو كنت بفكر غلط، أو رابط حلمي الكبير بأهداف لا تؤدي إليه، نجاحك
يتحقق بتجديد وسائل تحقيق أهدافك، سواء المرحلية أو حتي الهدف العام (حلمك الكبير).
المهم انك تجدد فكرك وتعيد ترتيب أهدافك، ولا
تركن إلى طريق واحد في سبيل تحقيق حلمك، ولا تسكن أبداً، فالدنيا تتحرك ولم تخلق
ساكنه .