منذ
أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي زمام المسئولية في أواسط العام 2014 وهو يضع
الشباب نصب عينيه ومحور اهتمامه؛ ويحرص دومًا على الالتقاء به والتفاعل معه، حتي
يمكننا أن نقول دون تزيّد أو مبالغة أن ثمة كيمياء جديدة تجمع بين الرئيس السيسي
وشباب مصر. وقد نظمت مؤسسة الرئاسة
عددًا من المؤتمرات الوطنية للشباب شارك الشباب في مختلف فعالياتها، وأثاروا
عديدًا من القضايا، وسعوا إلى محاولة تقديم عديد من الحلول، وخاصةً في ظل تقديم
محاكاة للحكومة المصرية ومناقشة برنامج الدولة المصرية للإصلاح الاقتصادي منذ
بدايته في أواخر العام 2016 وحتى نوفمبر 2019 وهو التاريخ الذي ينتهي فيه برنامج
الإصلاح المدعوم من "صندوق النقد الدولي" في مرحلته الأولى، وهذا يعني
بالطبع أن الإصلاح عملية مستمرة .. خطوة تتلوها خطوات، ومن بين هذه الخطوات بلا شك
الاهتمام ببناء الإنسان المصري وتطوير الخدمات التعليمية والطبية المقدمة له،
علاوة على تحسين برامج الحماية الاجتماعية.
ولا شك فى ظل الاهتمام المتنامى بالشباب حيث أنهم يمثلون
النسبة الأكبر من المجتمع المصرى، وفى وقت تمر فيه مصر بتحديات كبيرة على مختلف
الأصعدة لعرقلة تطورها وتنميتها، والتى من أهمها التلاعب بوعى الشباب وتعبئتهم
بمشاعر الكراهية، اليأس والإحباط ليتحولوا لقنبلة موقوته داخل المجتمع خاصة مع
صعوبة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التى تمر بها الدولة، وبالتالى كان لابد من
التواصل مع الشباب لسد الفجوة فى العلاقة بينهم وبين الدولة المصرية، فجاء التفكير
بإجراء مجموعة من المؤتمرات الوطنية للشباب كملتقيات للتحاور والشرح والمكاشفة بين
الطرفين.
ولا شك أننا في حاجة إلى تطوير هذه الملتقيات الشبابية
وتعظيم الاستفادة منها وتحويلها على الأقل إلى ملتقيات تتسم بالانتظام والفعالية،
وخاصةً أن هذه اللقاءات قد يفصل بينها فترات طويلة نسبيًا تكون قد جرت فيها مياهٌ
كثيرة، وأُثيرت فيه إشكاليات وقضايا عديدة كان ينبغي أن يُدلي الشباب فيها بدلوه.
وتوجد ثمة توصيات ومقترحات عديدة ينبغي تقديمها لتطوير
الملتقيات الشبابية بغرض زيادة فعالياتها والارتقاء بمنتجها النهائي، وهذه
المقترحات والتوصيات يمكن أن نجملها على النحو التالي:
-
لتعزيز المعرفة بقضايا الشباب ينبغى تشجيع إنشاء مراكز
بحثية خاصة بدراسة وتحليل تلك القضايا، فباستثناء وحدة دراسات الشباب وإعداد
القادة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومركز تواصل لدراسات وبحوث الشباب لا
يظهر مسمى الشباب فى مسمى أى مركز بحثى آخر، كما يجب تعاون جميع الجهات ذات الصلة
بقضايا الشباب لمواجهة المشاكل المتعلقة بهم، حيث تتسم سياسة الشباب بأنها عبر
قطاعية أى تتقاطع مع الكثير من السياسات الأخرى، مما يتطلب وجود تعاون بين عديدٍ
من الوزارات والأجهزة الحكومية.
-
الحاجة إلى تقديم مزيدٍ من النماذج الشبابية الناجحة فى
مختلف المجالات، بالإضافة إلى احتواء تلك المؤتمرات لقطاعات أخرى من الشباب مثل
الفلاحين والعاطلين والمهاجرين والفنيين والمنضمين لمنظمات المجتمع المدنى وغيرهم،
خاصةً أنه على صعيد الرأى العالمى فى تلك المؤتمرات الوطنية، فقد أكد المسئولون
بمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط بواشنطن عقب مؤتمر الإسماعيلية اعتبار تلك
المؤتمرات لقاءات مهمة يطرح خلالها الشباب أسئلة محورية ومهمة، ولا يمكن اعتبارها
مسرحية أو متفقًا عليها لأنها تضمنت كل الأوضاع الحساسة فى مصر، إلا أن هناك ضرورة
لتوسيع قاعدة المشاركة لجميع الأطياف وبأن تضم تلك اللقاءات شبابًا من منظمات
المجتمع المدنى.
-
تحديد مواعيد ثابتة لتلك المؤتمرات خاصة أن النسبة الأكبر
من المبحوثين قد أشارت إلى احتمالية تنظيم تلك المؤتمرات مرة أخرى دون تأكيد ذلك.
-
من الضرورى الاهتمام بقضية الوعى لدى الشباب، ورصد كل
المنافذ التى يتسلل منها الفكر الهدام والمتطرف للشباب، ومحاربته بقوة وبطرق غير
تقليدية.
-
التوسع فى إجراء مزيدٍ من الزيارات الميدانية والرحلات
للمشروعات القومية العملاقة؛ فمن الملاحظ أن اتجاهات كثير من الشباب تتغير إيجابيًا
نحو أمور وموضوعات متعددة بعد زيارة هذه المشروعات، لذا يجب إجراء زيارات لبعض
الأماكن التى كانت تعانى من مشاكل كثيرة وتم معالجتها للمقارنة بين الوضعين السابق
والحالى والحكم على الإنجازات التى تتم على أرض الواقع.
-
نشر ثقافة التطوع لدى الشباب فى المدارس والجامعات علاوة
على شباب الأحزاب والنوادي الرياضية ومراكز الشباب.
-
كانت فكرة إقامة منتدى عالمى للشباب متميزة حيث التعرف
على ثقافات مغايرة وهويات مختلفة للتواصل والتحاور بينها بدلا من أن تفضى إلى عنف
وصراعات، ويمكن إجراء منتديات أخرى إقليمية كمنتدى إفريقى للشباب وآخر عربى ..
وهكذا.
-
ضرورة البحث عن طريقة أخرى للمشاركة فى حضور تلك
المؤتمرات بخلاف التسجيل عبر الموقع الإلكترونى خاصةً مع عدم توافر تلك الخدمة للجميع،
ولذلك يجب توجيه دعوات لفئات محددة لضمان التمثيل العادل بين القطاعات المختلفة
للشباب تحقيقًا لمبدأ تكافؤ الفرص.
-
تشهد تلك المؤتمرات تناولاً لكثيرٍ من القضايا والمحاور،
إلا أنه يُفضل أن يتم طرح قضيتين من قضايا الشباب على الأكثر فى كل مؤتمر من
المؤتمرات المقبلة للتركيز عليهما بصورة أكبر وإمكانية الخروج بخطة واقعية للحل
والمواجهة على أن يحدد ما على الشباب والدولة من مسئوليات وواجبات ينبغى القيام
بها.
-
ربط الجامعات بالخطط القومية للدولة وفى حل كثير من
المشاكل؛ فعلى سبيل المثال يمكن إجراء خطة للقضاء على الأمية فى مصر بأن يكلف كل
طالب جامعى بمحو أمية عدد معين من الأميين كشرط للتخرج أو بمقابل درجات تضاف
لمجموعه .. وهكذا، كما يمكن ربط كل جامعة من الجامعات بقضايا ومشاكل نطاقها
الجغرافى وصنع حالة من التنافس بين الجامعات فى النجاح بالقيام بالمساهمة فى حل
تلك المشاكل والأزمات.
-
تخصيص برامج ومساحات محددة لمناقشة قضايا الشباب بشكلٍ
بمستمر وعدم الاعتماد على موسمية التغطية للفعاليات والأحداث الشبابية فقط، فلابد
من وجود استراتيجية عامة ودائمة للتغطية الإعلامية لقضايا الشباب، مع اقتراح إنشاء
وزارة الشباب والرياضة لقناة تليفزيونية ناجحة أو منصات إعلامية عبر مواقع التواصل
الاجتماعى لمخاطبة الشباب والإعلان عن برامجها بأسلوبٍ جاذب لهم خاصةً أن مبادراتها
وأنشطتها لا يعلم بها كثيرٌ من الشباب .
-
ضرورة الاهتمام بإجراء دراسات ممتدة أو تتبعية لقياس
تأثيرات تلك المؤتمرات على الشباب المستهدف منها لإجراء تقييم مستمر لها حتى يتم
التوسع فى إجرائها وتكرارها بشكلٍ متطور ومتنوع.
هذا ما
توصلت له الدراسة الضافية للدكتورة مي مصطفى عبد الرازق الأستاذ المساعد بقسم
الصحافة بأكاديمية "أخبار اليوم" عن "اتجاهات الشباب المصري نحو
المؤتمرات الوطنية للشباب"، والتي كانت من بين إنتاجها العلمي المتميز، والذي
نالت عنه الترقية العلمية لدرجة أستاذ مساعد مؤخرًا.
خلاصة القول إن فكرة إقامة مثل تلك المؤتمرات يعد اتجاهًا
محمودًا من جانب الدولة بشكلٍ عام ومن جانب الرئيس بشكلٍ خاص، مما يعكس اهتمامًا
بالشباب وتنمية قدراتهم والرغبة فى إشراكهم بالعمل الوطنى واستثمار طاقاتهم بصورة
إيجابية والحرص على إدراكهم لأمور وشئون المجتمع ووعيهم بها، ويجب الحفاظ على تلك
التجربة الفريدة من نوعها بالعمل على تطوير فعالياتها على الدوام، والحرص على
تناولها إعلاميًا بصورة إبداعية ومبتكرة وبشكلٍ يتواكب مع أهميتها وما تتضمنه من
تجديد وتميز، وما تتيحه من فرص ومكاسب للشباب والدولة.
ولا يزال الشباب يطمح في مزيد من الاهتمام من قائده في
العَشْريَة القادمة التي تحمل الخير كله لشباب مصر الذي يريد أن يقدم جهده وعرقه
لبلاده، ويعوّل عليه الرئيس السيسي كثيرًا في بناء الدولة المصرية التي نستطيع أن
نباهي بها الأمم.