الثلاثاء 21 مايو 2024

«المصور» ووفد «أسقفية الشباب» بالكنيسة كانوا هُناك شهادة حق لـ«الجلاء العسكرى» من مصابى طنطا

4-5-2017 | 11:04

بقلم – سارة حامد

حدائق وأشجار على مساحة أمتار وهدوء يخيم على مستشفى الجلاء العسكرى بمصر الجديدة، فلا تسمع أى همس خارج غرف المرضى ولا ترى سوى الأطباء وفريق علاجى يتفقد المرضى أو الزائرين يتوجهون لزيارة ذويهم، نظام ونظافة تامة فى الحجرات وممرات المستشفى، فالجميع يلتزم بزى موحد للمرضات وكذلك العاملون والأطباء لتمييزهم بين الموجودين.

أسقفية الشباب للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ووفد مكون من آباء كهنة ومكرسات وخدام أسقفية الشباب، بصحبة «المصور» قاموا بزيارة لمصابى حادث كنيسة طنطا للاطلاع على أوضاعهم الصحية، والتعرف على أبرز مطالبهم والاطمئنان على أوضاعهم.

بداية الزيارة فى غرفة ١٠٢، حيث تقيم مارسيل زكى رزق السيدة الخمسينية زوجة أحد المصابين وشاهد عيان على الحادث، تقول ووجهها يعلوه البسمة: المعاملة مع زوجى غاية فى الرقى، ولم يقصر أحد فى تلبية أى احتياج قبل طلبه نجده متوفرا لدينا، وزوجى بدأ يمثل للشفاء.. أما تعليقى على الحادث، فمنذ الأزل والكنيسة القبطية تقدم شهداء لذا فإن عطايا الله نعَم.

بعد دقائق انتقلنا إلى غرفة ١٠٣ لنجد صوفية نترى جرجس، مدرسة، ٥٧ سنة، أحد مصابى طنطا، التى تردد «الله يسامحهم.. تعبنا من الإرهاب»، تلك السيدة كانت لها مطلب وحيد: « أتمنى أن يصرح لى بالعلاج الطبيعى بعد الانتهاء من إجراء العمليات الجراحية حتى تعود وظائف جسدى كما كانت من قبل».

وفى الغرفة ١٠٦ يقول بشيء من الحزن فارس فتحى جرجس، أحد مصابى طنطا، الذى لم ينس تفصيلة واحدة عن الواقعة يرويها للزائرين، انتقلت بعد الحادث إلى مستشفى طنطا التعليمى لكن لم أجد فيها الاهتمام الكافى على عكس مستشفى الجلاء العسكرى التى توفر كل سبل الراحة والنظافة والاهتمام،.. تقاطعه زوجته «أودت كرم»: فاكرين إنهم هيفرقوا الشعب المصرى بتلك الحوادث الإرهابية لكن المسلم والمسيحى مصريان ولن ينالوا مآربهم بتلك التفجيرات وسنظل نحيا فى وطن واحد مهما اشتد البلاء، المسلمون غضبوا وأدانوا تلك التفجيرات كما الأقباط».

وتضيف: نشكر الدولة على اهتمامها، فوجدنا وزارة اتضامن الاجتماعى تهاتفنا لنستلم مبلغ مالى ٤٠ ألف جنيه تعويضا عن حادث الكنيسة، وأيضا وجدت تسهيلات فى استلام المبلغ المطلوب من خلال جداول معلنة مسبقا بأسماء المصابين، الإرهاب مصيره الانتهاء ولن يبقى سوى المحبة بين المسلمين والأقباط.

«ابنى الوحيد جاءنى بعد حرمان لمدة ١٦ سنة» بتلك الكلمات، حكى والد المصاب رومانى رزق ميلاد، ١٦ سنة، قائلا: لم أحصل على تعويضات الحادث ضمن المصابين رغم وجود اسم نجلى ضمن أسماء مصابى الحادث، لكن وزارة التضامن الاجتماعى وضعت شرطا أساسيا لمن يحصل على التعويضات وهو أن يكون المصاب قد مكث فى مستشفى طنطا التعليمى مدة لا تقل عن ٣ أيام، وهو ما لا يتم فى حالة ابنى لان المستشفى قامت بإجراء عملية خاطئة له لانتشال شظايا من الفك ما ترتب عليه طلبى بسرعة نقله لمستشفى عسكرى، فتمت تلبية طلبى بعد يوم واحد من الحادث، لذلك لم تحتسبه وزارة التضامن ضمن المصابين.

يضيف وهو يتحامل على نفسه عدم البكاء: «يتوافر تقرير طبى يثبت حالته، فضلا عن طلبى بنقل لجنة امتحان خاصة لامتحان ابنى فى مواد الصف الثانى الثانوى داخل المستشفى حتى لا تضيع عليه فرصة دخول الامتحان هذا العام إسوة بزملائه».

«المصاب المشهور» بذلك المصطلح يعرّفه العاملون بالمستشفى غرفة ١١٨ لأحد مصابى حادث طنطا بعد أن بث فيديو لـ»الشماس الدكتور بنيامين سمير، ٣٠ سنة»، أثناء مداعبة الشمامسة قبيل القداس تناقل على صفحات التواصل الاجتماعى، فأصبح أشهر مصابى طنطا فيقول: صلوات البصخة وأسبوع الآلام هذا العام كانت مختلفة، كن ١٧ شماسا نشأنا منذ الصغر سويا وذهبنا إلى الكنيسة ومدرسة الأحد وتنافسنا فيما بيننا، فكنا أصدقاء ويفضل كل منا الآخر على نفسه، ذكريات كثيرة تجمعنا لكن لم يتبق منها سوى أن ١٣ منهم سافروا إلى السماء، كنت أتمنى أن أكون منهم لكن الله لم يرانى مؤهلا حتى الآن فلم يختارنى بينهم».

ويتابع: لم أخش يوما من التفجيرات، فالكنيسة القبطية عرف عنها تقديم شهداء، والهدف معروف هو تشتيت جمع المصريين وزرع الفتن الطائفية والخوف والكراهية بينهم لكن ذلك لن يزيدنا إلا تماسكا»، مضيفا: أتعجب من الإرهابى الذى اقتنع أن ما يفعله هو لله، أتمنى لهم التوبة، ومطالبى هى القصاص العاجل من أولئك الإرهابيين حتى يكونوا عبرة لمن تسول له نفسه، وتحقق العدالة لأن فرارهم سيدفعهم لتكرار تلك الحوادث مجددا إن لم يتم القبض عليهم.

وتقاطعه الدكتورة ماريانا، خطيبة الشماس قائلة: زفافنا كان معدا له فى الصيف المقبل لأن الحادث أربك ترتيبنا، ولم أفكر لحظة فى ترك خطيبى، وإن وصل الأمر إلى ترك عاهة فى جسده، مازلت أتمسك به لأن الله اختارنا ليختبر إيماننا لذا راضية بقضائه». الغرفة معدة تماما للأطفال، متنزه واسع لنقاهة وعلاج الأطفال المرضى ليست قسما داخل مستشفى، رسومات على الجدران وصور لشخصيات كارتونية على الأرضيات، ومطعم لتناول الحلوى على بعد خطوات.. وجدنا هانى جبرائيل، عم الطفل كيرلس مينا، ١٢ سنة، الذى يجلس فى ممر الانتظار لحين انتهاء إجراء عملية جراحية للطفل الذى حضر مع عائلته خصيصا من دولة الكويت لحضور قداس أحد الشعانين والاحتفال بعيد القيامة، ليقع التفجير الذى أودى بحياة والده الشهيد مينا نعيم، ولم تتمكن «المصور» من الحديث مع والدة الطفل إلا بعد انتهاء العملية، فتقول والدموع تبلل خدها: وزارة التضامن الاجتماعى أبلغتنى بوجود تعويض لى عن الحادث لكن لم أستلمه حتى اللحظة.