تابع العالم مؤخرًا في مصر حدثًا مهمًا، هو موكب نقل المومياوات الملكية، والواقع أن المشهد كان مؤثرًا ورائعًا إلى حدّ الكمال.
احتفي فيه المصريون بحضارة الأجداد والفخر بالانتساب إلي الحضارة الفرعونية , وتبجيل مومياوات الملوك والملكات باعتبارهم من حكام مصر العظماء.
والاحتفال العملاق الأسطوري الذي أبهر العالم، كان لابد وأن يستفز كوامن الداعشيين المستترين بيننا ، ممن يحملون في صدورهم ضغائن القومية المصرية وضد أي نجاح تحققه الدولة .
فكما تطالب داعش بإنشاء دولة إسلامية لا تقوم على أساس الجنسية، وتمحق أي أثر لحضارة سابقة أو حتى لاحقة على عصر الخلافة الراشدة كما يدعون، فإن الداعشيين المصريين المستترين على هذا المنوال، ففي الواقع هم يطالبون بذات الأفكار، ولكنهم عجزة إزاء الشعب الواعي والدولة القوية، فلو استطاعوا لفعلوا كما صرحوا من قبل أيام حكم الإخوان بهدم الأثار، مثلما فعلت داعش في سوريا والعراق.
ثم تخرُج تصريحات وتغريدات أخرى بأن حضارتنا هي العربية والإسلامية وليست الفرعونية، ففي الواقع أن الحضارة الإسلامية العظيمة استفادت من جميع الحضارات السابقة عليها وبما فيها حضارة الفرس والروم، ثم يأتي دور مصر التاريخي باعتبارها الدولة الأهم التي دافعت عن الإسلام سلمًا وحربًا، بل إن علماء مصر هم من حفظوا الكتاب وعملوا على التفقّه فيه أكثر من أي بلد آخر.
وحُكمت مصر بمعرفة حكام عرب مسلمون من أول عهد الخلافة الراشدة وحتى العصر العباسي، ولم يجنح أي منهم إلى هدم أي أثر أو تغطية أي أثر فرعوني.
إن الأفكار المتطرفة لا تقف عند نكران الحدث العالمي المهم فحسب أو التقول بأن الحضارة الفرعونية يجب علينا التنصل منها وتغطيتها، بل تمتد إلى خلق حالة من العدائية الدائمة مع أي فكر يعارض المنهج المنغلق الخاطئ الذي يتم تأويله وتلفيقه بمعرفة القيادات الفكرية لأولئك المتشددين، الذين يجب مواجهتهم فكريًا والكشف عن بذور الفتنة التي يقومون بزرعها بيننا دون أن نشعر.