أوصى صندوق النقد الدولي، اليوم الأربعاء، بضرورة إتاحة اللقاحات لجميع الدول بشكل عادل وإحراز تقدم ملموس في عمليات التطعيم، منوهًا بأنه حتى بعد فترة التعافي من الجائحة، يتعين أن تهدف السياسات إلى إعطاء الجميع فرصة عادلة لتحقيق مكتسبات طويلة الأمد عن طريق تقليص الفجوات القائمة في الحصول على خدمات عامة عالية الجودة.
وكشف تقرير "الراصد المالي" الصادر عن صندوق النقد ما تسببت فيه جائحة "كوفيد-19" في تفاقم مظاهر عدم المساواة والفقر عما كانت عليه قبل تفشي الجائحة، وأظهرت مدى الحاجة إلى تقوية شبكات الأمان الاجتماعي من خلال توسيع نطاق التغطية ليشمل أقل الأسر دخلا وتعزيز كفاية المنافع المُقدمة، فعلاوة على إتاحة المزيد من الموارد، يُمكن تحقيق هذه الأهداف أيضًا من خلال إعادة توزيع الإنفاق على أكثر البرامج فعالية وتحسين تحديد المستفيدين وتوصيل المنافع لهم.
كما كشفت الجائحة كذلك عن عدم المساواة التي تُعاني منها دول العالم من عدم المساواة في الحصول على الخدمات الأساسية، كالرعاية الصحية والتعليم عالي الجودة والبنية التحتية الرقمية، والتي قد تتسبب بدورها في استمرار فجوات الدخل جيلا تلو الآخر.
وأظهر التقرير كيفت أفضت جائحة كوفيد-19 إلى تصاعد عدم المساواة بين الدول، فقد سجلت معدلات الوفيات نسبة أقل في البلدان التي تُتيح فرصًا أفضل للحصول على الرعاية الصحية بالنظر إلى أعمار سكانها وعدد حالات الإصابة فيها، وأما البلدان التي تتسم بمعدلات فقر نسبي أعلى، فقد سجلت أعدادا أكبر من الإصابات وخاصة في مناطق التوسع الحضري الأكثر كثافة.
وأوضح التقرير أن تنفيذ خدمات عامة عالية الجودة سيتطلب تعبئة إيرادات إضافية وتحسين تقديم الخدمات مع العمل في الوقت نفسه على تعزيز النمو الاحتوائي.
ونوه التقرير بأن هناك بعض الآثار التي ستظل باقية لفترة طويلة في أسواق العمل، مثلما هو الحال في مجال التعليم، فقد تسبب إغلاق المدارس على هذا النطاق غير المسبوق في خسائر في التعليم تُعادل نحو ربع عام دراسي في الاقتصادات المتقدمة ونصف عام في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
وعلاوة على ذلك، فقد تشهد اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية في عام 2021 هبوطًا في صافي معدلات الالتحاق بالتعليم يُعادل نقطة مئوية واحدة (أو تسرب حوالي 6 ملايين طفل من التعليم)، وسيواجه الأطفال الذي يتسربون من التعليم خسائر تعليمية فادحة.
وأوصى التقرير بضرورة الاستثمار أكثر وأفضل في التعليم والصحة وتنمية الطفولة المبكرة؛ حيث أن إنفاق المزيد من الأموال على التعليم يُمكن أن يُقلص فجوة الالتحاق بالمدارس بين أبناء الأسر الفقيرة والغنية، ففي بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية منخفضة الدخل، نجد أن الفرق بين كفاءة إنفاق أي بلد وكفاءته في البلدان صاحبة أفضل أداء يتراوح بين 8% و11% في حالة الرعاية الصحية وبين 25% و50% في حالة التعليم.
ونوه بضرورة أن ترتكز إصلاحات الدول على أساس من الشفافية وعلى إطار متوسط الأجل للمالية العامة لكي تُسهم في تقوية الثقة في الحكومات والتصدي لجائحة "كوفيد-19"، مُضيفًا أن تعبئة الإيرادات الضرورية في كل من الاقتصادات المُتقدمة وكذلك في الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية من أجل تمويل المزيد من الإنفاق الاجتماعي.
واختتم التقرير بذكر أن هناك حاجة ماسة إلى حصول البلدان الأقل دخلًا التي تواجه تحديات بالغة الصعوبة على مساعدة في جهود الإصلاح من جانب المجتع الدولي، مع إعطاء الأولوية القصوى لإمكانية الحصول على اللقاحات بأسعار مقعولة، وكذلك تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 من خلال توفير 3 تريليونات دولار لدعم 121 دولة من اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية منخفضة الدخل.