تستمر إثيوبيا في المماطلة، بمزيد من التعنت غير المرغوب فيه من دولتي المصب مصر والسودان، بشأن القرار المنفرد لعملية الملء الثاني لسد النهضة دون التوصل لحل من خلال المفاوضات ليرضي جميع الأطراف، وعلى الرغم من أن دولتي المصب ليستا ضد عملية ملء السد بل على العكس فهما على استعداد لتقديم الدعم والمساعدة شريطة أن تقبل أديس أبابا المفاوضات والاتفاق على آليات وقواعد تشغيل السد.
وأكد السفير علي الحفني، مساعد وزير الخارجية للشؤون الخارجية، في حواره مع بوابة «دار الهلال»، أن ما تقدم عليه إثيوبيا يمثل خطورة كبيرة على دولتي المصب مصر والسودان، مشيرًا إلى أن مصر والسودان وحدوا جهودهم لكي يتحدثوا في كافة المحافل الإقليمية والدولية بصوت واحد لأنهم يواجهون خطرا واحدا، وإليكم نص الحوار:
ما تفسيرك لأزمة سد النهضة في ظل التعنت الإثيوبي؟
مياه نهر النيل ذات أهمية كبيرة لمصر نظرا لكونها قضية وجودية ومسألة حياة للشعب المصري، والدولة بذلت وتبذل جهودا في سبيل لفت أنظار المجتمع الدولي لقضية سد النهضة، وما ينتج عنها حال شرعت إثيوبيا في الملء الثاني بطريقة منفردة من مخاطر لدولتي المصب مصر والسودان، لافتا أنه حينما تقوم دولة المنبع إثيوبيا ببناء سدود علي نهر النيل مع التركيز بالضرورة على سد النهضة وما يمثله من مخاطر بالنظر إلى حجم المشروع والخزان وما تنوي تخزينه في زمن قياسي بكمية تقدر 75 مليار متر مكعب، يؤثر ذلك بالسلب على دولتي المصب.
ماذا تريد إثيوبيا بكل هذه المماطلة؟
ما تقدم عليه إثيوبيا يمثل خطورة كبيرة على دولتي المصب مصر والسودان، لافتا أنه يعكس التعنت الأثيوبي والإصرار على تناول هذا المشروع بمعزل عن دولتي المصب ولم تكن العشرة أعوام التي أمضيناها في المفاوضات وجهود بذلت من قبل أطراف دولية كما حدث من الولايات المتحدة من قبل أو أطراف مشاركة بصفة متابع ومراقب للمفاوضات كالاتحاد الأوربي والأمم المتحدة في المرحلة الأخيرة من المفاوضات، والتي لم تسفر عن أي تقدم وكانت برعاية الاتحاد الأفريقي، وكانت أثناء ولاية رئيس الاتحاد الجنوب أفريقي وانتهى عام الرئاسة دون تقدم ملحوظ بسبب تعنت الجانب الأثيوبي ورفضه عرض مصر بالتوصل لاتفاق قانوني ينظم عملية المليء والتشغيل.
هل إثيوبيا تراعي مبادئ القانون الدولي؟
الجانب الإثيوبي لا يراعي مبادئ القانون الدولي ولا الاتفاقيات الدولية المنظمة لاستخدامات مياه النيل بصفة خاصة النيل الأزرق المشترك بين الدول الثلاث وهناك خطر تستشعره مصر والسودان بسعي أثيوبيا بفرض سياسة الأمر الواقع والشروع في الملء الثاني للخزان بمقدار 15 مليار متر مكعب دون اتفاق مسبق مع دولتي المصب.
وماذا عن موقف دولتي المصب مصر والسودان؟
مصر أبدت حسن نية مع توافر إرادة سياسية وكثير من المبادرات والاقتراحات والآراء السديدة للخروج من الأزمة ووضع حد لهذا النزاع المائي، ولكنه قوبل بالرفض وأبقى الجانب الأثيوبي على عناده، لافتا أن دولة السودان الشقيقة اقترحت مبادرة للوساطة الدولية برئاسة الاتحاد الأفريقي تتضمن شراكة بين الأمم المتحدة والأوربي وأطراف دولية، ورفض بسبب انتهاج إثيوبيا سياسة الأمر الواقع والمضي في ملء خزان السد دون وضع اعتبار لدولتي المصب.
كيف تنوي مصر لحل مشكلة السد مع إثيوبيا؟
مصر ترى أن هذه الأزمة يجب حلها من خلال التفاوض مع التزام المجتمع الدولي بحل هذا النزاع الذي قد يخل بالأمن والسلم بالقارة الأفريقية وله تداعياته في المرحلة القادمة، وهو ما لا نتمناه في مصر والسودان ونأمل أن تظهر إثيوبيا إرادة سياسية لحل هذه الأزمة بمشاركة المجتمع الدولي في إدارة العملية التفاوضية بجانب الاتحاد الأفريقي بالشكل الذي ينهي هذا النزاع ويمكن الدول الثلاث من توقيع اتفاق ملزم للدول الثلاث.
كيف تتحرك دولتي المصب تجاه مشكلة السد دوليا؟
مصر والسودان وحدا جهودهما لكي تتحدثا في كافة المحافل الإقليمية والدولية بصوت واحد لأنهما يواجهان خطرا واحدا ولديهما رؤية واحدة وخاصة في طرح السودان لمبادرة بمشاركة دول كبرى، مضيفا بأنه تم الاتفاق بين القاهرة والخرطوم بالتحرك إقليما ودوليا في هذه المرحلة والقادمة بالسعي لإشراك أطراف دولية في جولات المفاوضات القادمة بحيث تلعب دورا في تسهيل الوصول لاتفاق بين الطرفين الأثيوبي والطرف الثاني هما مصر والسودان، واللذين لديهما نهج ورؤية متطابقة وهدف واحد لتناول القضية لأنهم يستشعران خطرا واحدا.
ما رأيك في تنويه إثيوبيا بأن نهر النيل ملكية تخصها؟
الجانب المصري والسوداني يرون أن إثيوبيا تتعامل مع نهر النيل على أنه ملكا لها وهذا أمر مرفوض شكلا وموضوعا، مؤكدا أنه نهر دولي عابر للحدود تتشارك فيه مصر والسودان وإثيوبيا وهناك التزام يحدده القانون الدولي بأي مشروعات تقام علي النهر وغير مقبول تنويه إثيوبيا بأن هذا النهر شيء يخصها بمفردها.
هناك مفاوضات منذ 10 سنوات هل وصلت لحل يرضي الجميع؟
المفاوضات التي استمرت بها إثيوبيا لمدة عشر سنوات كانت ما هي السعي وراء استهلاك للوقت واستغلاله للمضي قدما في تنفيذ سد النهضة لفرض الأمر الواقع، لافتا أنه أمر لن نقبله ومن هنا تحركاتنا دوليا والبيان الذي ألقاه الدكتور مصطفي مدبولي بالإضافة إلي التحرك في إطار الجمعية للأمم المتحدة في هذا الإطار وموافقة 155 دولة علي ما اقترحته مصر بشأن استخدامات المياه وضبطها لكي لا تحدث أزمات قادمة.
كيف ترى تعامل الرئيس السيسي مع المشكلة؟
الرئيس السيسي في أكثر من مناسبة رفض نبرة دق طبول الحرب ونحن دولة كبرى تتطلع بمسؤولياتها ومدركين تماما لدورنا الإقليمي ولا نوظف قوانا العسكرية في مثل هذه الأزمات ونسعى دائما إلى حل ما يمكن أن ينشب من أزمات قد تنشأ بيننا وبين الأطراف الأخرى بالتفاوض وإيجاد حلول سلمية.
هل تتعامل إثيوبيا باستخفاف مع حياة الملايين من المصريين والسودانيين؟
قضية سد النهضة هي مسألة حياة للمصريين وأمن لأكثر من 100 مليون مصري، وأن المجتمع الدولي يتفهم خطورة هذه القضية التي قد تهدد 150 مليون من أبناء الشعبين المصري والسوداني، ولا يمكن أن يتعامل مع مصير هؤلاء بالاستخفاف والإصرار علي تناول موضوع من منطلق خاطئ واستنادا لمواقف غير مقبولة ومرفوضة ومستهجنة تماما.
هل التزمت إثيوبيا بتوجيهات لجنة الخبراء السابقة؟
إثيوبيا ترفض مشاركة أي أطرف دولية، كما أنها لم تلتزم بما أسفر عن عمل لجنة الخبراء والتي أصدرت تقريرها في مايو 2013 والذي ينتقض للغاية لإثيوبيا وطالبها بأخذ مجموعة من التدابير لم تتخذها وغيرها من الانتقادات وكافة الجهود الدولية أفشلها التعنت الأثيوبي ونحن ننتظر ما ستسفر عنه التحرك المصري في الفترة القادمة.