حثنا القرآن الكريم على أن نتخذ من قصص الأنبياء عبرة لنا، ونتعلم منهم كثير من الخصال الحميدة فهم أكثر من تعرضوا لابتلاءات، وحياتهم مليئة بالمواقف التي يمكن أن نستقي منها الدروس والعبر في الحياة والدين، وظهر ذلك في قوله تعالى لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب
وجعل الله الأنبياء عبرة نقتدي بها، ونتعلم منها، وتتنوع تفاصيل قصص الأنبياء، والعبر التي يمكن أن نستخلصها، فحياتهم مليئة بالمواعظ، وفي هذا الصدد تعرض بوابة "دار الهلال" قصة نبي الله إسحاق الذي تأخر إنجابه، ولكنه جاء بالمعجزة:
قصة نبي الله إسحاق
تأخرت ولادة نبي الله إسحاق كثيرًا وظلوا لسنوات يدعون ربهم أن يرزقهم بالأبناء، حتى استجاب لهم ربهم، وحدثت المعجزة، ورزقهم الله بابنهم إسحاق، ومن نسله جاء الأنبياء يعقوب ثم يوسف.
تبدأ قصة النبي إسحاق ببشرى من الله تعالى لسيدنا إبراهيم عليه السلام، الذي بلغه الكبر، وكانت امرأته «سارة» عجوزاً، انقطع عنها الإنجاب نظرًا لكبر سنها، فأرسل الله تعالى له ملائكة بصورة آدميين مسافرين، كانوا في طريقهم إلى قرى لوط عليه السلام ليقيموا الحجة على أهلها.
فلما مروا بإبراهيم عليه السلام طلبوا منه أن يستضيفهم في بيته، فلم يرد لهم طلبًا، حيث أنه كان معروفا بالكرم وحسن استقبال الضيوف، وجاء لهم بعجل حنيذ «مشوي»، ولما قدمه إليهم، لم يأكلوا، وكان عادة أهل العرب إن لم يأكل الضيف فهو يريد بالشخص السوء، فخاف منهم إبراهيم عليه السلام.
ولكنهم أخبروه أنهم آتوا بالبشارة، فيقول الله تعالى: " هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين (24) إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون (25) فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين (26) فقربه إليهم قال ألا تأكلون (27) فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم (28) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم (29) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم (30(.
ومن كرم الله تعالى، أنه لم يبشره بأي غلام، بل بشره بنبيٍ صالحٍ مباركٍ عليه، فهكذا ينعم الله تعالى على أنبيائه الذين اصطفاهم، فيختص برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، وقال الله تعالى: "بشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين، وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين".
وعندما بشَّرت الملائكةُ سارة بالمولود، قالت كما وردَ في قولِه تعالى: "قالت يا ويلتى آلد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد". [هود:72]
نبوة إسحاق عليه السلام
بعث الله تعالى النبي إسحاق عليه السلام رسولاً إلى قومه، حيث كان يدعو الكنعانيين في فلسطين، وبلاد الشام إلى توحيد الله، وقد ذكر الله تعالى نبيه إسحاق عليه السلام بالخصال الحميدة، وأمر قومه بتصديقه والإيمان برسالته، وبرّأه ممّا وصفه به الجاهلون من قومه.
المغزى من القصة
توحي القصة بأن قدرة الله تفوق كل شيء، ويجب على الإنسانَ ألَّا يفقد الأملَ، وأنْ يلجأَ إلى الله بالدعاءِ متأكدًا أن الله تعالى سيستجيب له، ولا يجب أن ينسى الإنسان شكرَ الله بعدَ أن يحقق له ما يطلبه.